جميع المباريات

إعلان

سيناريو.. المليونير المُشرّد

ليستر سيتي، سيناريو، ليستر سيتى، البريميرليج،

سيناريو.. المليونير المُشرّد


"عندما كنت أجلس على الرصيف تحت غطاء ممزق رائحة العفن تفوح منه حيث لا بديل سوى البرد القارس، لم أكن أتخيل أبداً أن أصادف شخصاً غنياً يمنحني ما يكفي لطعام أسبوعين ثم يتركني ويرحل، كان هذا بمثابة حلم في ليلة دافئة، لكن الأكثر غرابة هو ما فعلته بهذا المبلغ!".

مشهد (1)

نهار – داخلي

حي سارسيل – فرنسا


يقف رياض حزيناً يشاهد دموعه أمام المرآة، ظهره يؤلمه وكأنه انقسم لنصفين، لا شيء يدور في عقله سوى ذكرياته القريبة جداً مع مكتشفه، والده الذي توفى وتركه وحيداً في رحلة الكفاح مع والدته، الأحلام تتلاشى ويبدو أنه لم يعد للعب وقت الآن.

والدته تقترب منه بعد أن راقبته لعدة دقائق وقلبها يعتصر حزناً.
يفاجئ رياض ابن الـ15 عاماً بوالدته.

والدته: لماذا تبكي، لقد رحل وترك رجلاً مثله هنا.

رياض يمسح دموعه بسرعة، ويحاول بصعوبة اصطناع البسمة.

رياض: لا ، لا أبكي، لقد انتظرتك لنتناول الفطار سوياً.

والدته تتعرض لصدمة وكأنه دلواً من الثلج قد سقط فوق رأسها، ثم تعود للحديث.

والدته: لقد سبقتك، خذ هذه الأموال، وتناول فطارك قبل ذهابك للنادي.

رياض: نادي؟ لا وقت للعب الآن، سأبحث عن عمل، أما هذه الأموال إبقي عليها معك.

والدته: لا تقل هذا ثانيةً، حلم والدك أن يراك لاعباً عظيماً بعد أن رأى فيك الموهبة، ألا تريد أن تحقق حلمه؟.. وحلمك أيضاً.. هل نسيته؟
الابن الصغير يتذكر والده الذي كان لاعباً هاوياً في فرنسا عندما اكتشفه ورأى فيه الموهبة الكافية لأن يصبح لاعباً كبيراً، ثم يقرر الرد على والدته.

رياض: حسناً، سأخذ هذه الأموال، لكن أعدك أنني سأعيدها لك يا أمي عندما أصبح لاعباً عالمياً، سأفعل ذلك لأجلك، ولأجله طبعاً.




مشهد (2)

ليل – خارجي


مدينة ليستر – إنجلترا


يمشي فاردي في شوارع المدينة ورأسه مليء بالهموم، كل أحلامه أن يجد مكاناً للمبيت في هذه المدينة، لا يطمح في أكثر من سرير في غرفة يعيش بها أخرون.

لا يريد أن يعود للعب في دوريات الهواة مجاناً، يتمنى أن يستثمر الفرصة ليس من أجل أن يصبح لاعباً عالمياً يتحدث عنه الجميع، همه الأول فقط أن ينجح في كسب ما يكفيه للعيش والحصول على منزل.

لكن شخص ما، من سكان المدينة يدعى (ماركو) رآه من بعيد، فنزل من سيارته وركض خلفه.

ماركو: أنا أعرفك جيداً، لقد تركت سيارتي هناك على الجهة الأخرى وأصبحت معرضاً للغرامة، لكني لم أتمكن أن أمنع نفسي عن المجيء إلى هنا وتقديم الشكر لك.

فاردي: شكراً، لكن على ما تشكرني؟ أنا لم أراك من قبل.

ماركو: لقد سجلت 16 هدف وكنت سبباً في صعود ليستر للبريميرليج، أليس هذا كافياً لشكرك؟

يضحك فاردي ويشعر بثقة كبيرة، لقد أصبح مشهوراً، وهناك بعض الجماهير يحفظون أرقامه جيداً ويعرفون ماذا قدم في الموسم الماضي.

فاردي: أدعوا لي بأن أسجل نصف هذا العدد حتى في البريميرليج من أجل البقاء.

ماركو: نصف الأهداف؟ سأنتظر منك أكثر من ذلك بالطبع!




مشهد (3)

نهار – داخلي

ملعب كينج باور – نادي ليستر سيتي

يجلس الإيطالي كلاوديو رانييري بتاريخه الكبير مع كرة القدم مع أشخاص يظن أن علاقتهم باللعبة فقط هي أموالهم لا أكثر، لم يكن يتخيل كلاوديو أنه في سن الـ64 من عمره سيعقد جلسات مثل هذه من أجل إقناع أحد بأنه يستحق الحصول على وظيفة.

مالك النادي الإنجليزي ليستر سيتي، أوفد ابنه إيواي من أجل اختبار قدرات رانييري قبل تقديم عقداً له!، يا لها من إهانة لم يشعر بها الإيطالي من فرط شعوره بالعطش من أجل العودة للعمل.

إيواي: لماذا أنت الأحق بالحصول على هذه الوظيفة؟

كلاديو لم يغضب لأن ما استقر بعقله هو أن ملاك النادي لا يعرفون شيئاً عن كرة القدم، هم بعض السّذج الذين يملكون مليارات ويوظفون الناس لمنحهم الفتات والكسب من ورائهم، حسنا!

رانييري: لقد عملت مع نجوم كبار من قبل، لقد قمت بتدريب فرانشيسكو توتي، جابرييل باتيستوتا، أ...

إيواي مقاطعاً: هل يمكن أن تلعب بطريقة مناسبة دون تغيير طوال الموسم؟

رانييري: بالطبع، سأعمل وفقاً للطريقة الأنسب للفريق، وسأتحدث في هذا مع المساعدين الذين ستقوموا بتعيينهم من المدينة.

الإيطالي عرف كيف يمرر هذه المقابلة السخيفة دون أن يفقد الوظيفة التي راهن عليها، ليس من أجل الفوز ببطولة، ولكن من أجل العودة من جديد للعمل في أقوى دوريات العالم.



مشهد (4)

ليل – خارجي

مدينة ليستر – مسرح الأحداث

سيارة فاخرة تمشي في المدينة الإنجليزية، تحمل بداخلها الشاب الفقير القادم من فرنسا من أجل حلم والده المتوفي، لقد نجح في تحقيق هذا الحلم، الآن العالم كله يعرفه، والملايين تملئ حسابه البنكي.

ينزل رياض محرز من سيارته متجهاً لأحد مطاعم المدينة، لكنه يفاجئ بأحد المشردين ينهض من فرشته المبتلة بمياه الأمطار ويذهب إليه متهدل الكتفين لكن في سرعة ملحوظة غير مناسبة مع حجمه وهيأته.

المُشرّد: أنا جزائري مثلك.

لم يسمعه جيداً رياض بسبب الهجوم الذي حدث عليه من المحبين في ليستر.

المُشرّد مجدداً: أنا السعيدي، جزائري!

رياض ينظر إليه بابتسامة ولا يُعلق.

المُشرد يحاول لفت انتباهه: وان تو ثري فيفا لالجيري، وان تو ثري فيفا رياض محرز.

رياض يتجه نحو السعيدي، يبدو أنه تأثر بهيئته، تذكر أيام الحاجة التي مر بها عندما توفى والده، ثم يخرج يده من جيبه ويمنح مواطنه المُشرّد 200 جنيه إسترليني، يا لها من مفاجآة سارة للسعيدي!



مشهد (5)

ليل – داخلي

منزل فاردي – ليستر

الرجل البسيط أصبح لديه الآن منزلاً فخماً به مرأب تسكن فيه سيارة "بنتلي" ثمنها 168 ألف جنيه إسترليني، فاردي أصبح لديه ما يكفي من المال الآن لدعوة زملائه بالفريق لحفل عشاء في منزله.

فاردي يجلس إلى جوار رياض محرز أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي في واحدة من المفاجآة الصارخة، ومعهم نجوم الموسم في إنجلترا من أعضاء فريق ليستر، يتابعون مباراة توتنهام وتشيلسي.

فاردي: لا أصدق، لا بد أننا نحلم، أليس كذلك؟

محرز يمسك بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج ثم يعلق.

رياض: انظر يا جيمي، ليس حلماً!

الوقت يمر والحلم يقترب، هازارد سجل هدف التعادل، توتنهام يقترب من الخروج من سباق المنافسة وترك ليستر وحيداً في القمة فائزاً باللقب، الحكم ينهي المباراة ويعلن فوز ليستر.

منزل فاردي يتحول لساحة من الجنون، الجميع يركض، يعدو في كل الجنبات، لاعبون يقفزون ولاعبون يبكون، وأخرون يصرخون، لا أحد يصدق هذه الحالة، لقد تحقق الحلم الذي كان أكبر من أن يحلموا به منذ أشهر!



مشهد (6)

ليل – داخلي

مطعم إيطالي فاخر – مدينة ليستر "مسرح الأحداث"


يجلس رياض محرز على منضدة في مطعم إيطالي فاخر في مدينة ليستر، ينتظر الطعام ويغمض عينيه، يعيش الحلم بكل تفاصيله، يتذكر أول حذاء قام والده بشراءه لكل يلعب به في نادي للهواة في فرنسا.

يتذكر تفضيل والدته منحه القليل من الأموال للذهاب إلى التدريب بدلاً من أن تقتات بها القليل من الطعام، يشعر أنه في فيلم أعده أعظم كاتب في العالم، بداية قصته طفل فقير يعاني بعد وفاة والده المُلهم الوحيد له، ونهايته بطولة أقوى دوري في العالم وجائزة أفضل لاعب، وملايين الجنيهات الإسترلينية استقرت في خزينته، وأضعافها تنتظره.

لا يستطيع محرز أن يفتح عينيه، يريد أن يظل هائماً في الحلم الواقعي، لكن عامل المطعم قطع هذه اللحظات وهو يخبره بأن شرائح البيتزا الساخنة جاهزة للالتهام الآن.

رياض يجد نفسه قد فتح عينه على شخص في المنضدة المقابلة له يحدق له بشدة وعينه تدمع، أمر لفت انتباه النجم الجزائري بشدة.

الشخص الأخر عندما رأى رياض ينظر إليه، فقد وقاره الذي بناه زيه الأنيق، ونظارته باهظة الثمن التي وضعها فوق شعره حتى يرى منضدة الجزائري بوضوح أكثر.

فجآة وبدون مقدمات قام الشخص الأنيق يعدو باتجاه رياض، ثم جلس أمامه.

رياض: مرحباً، تفضل.

الشخص: هل تتذكرني؟

رياض يحدق بعينيه في ملامحه ثم يجيب: أسف، في الحقيقة لا.

الشخص: أنا السعيدي، هل تذكرت؟

رياض: اسمك مألوف بالنسبة لي، ولهجتك تقول أنك جزائري، ربما تقابلنا في فرنسا أو هنا في ليستر من قبل.

السعيدي: كنت يوماً في ليلة شديدة البرودة تسير على أقدامك هنا في ليستر، صادفت شخصاً مُشرداً ملقي على الرصيف، منحته 200 جنيه إسترليني.

رياض: نعم نعم، هل تعرفه؟ كيف حاله الآن، هل مازال بنفس المكان؟

السعيدي يضحك بهيستيريا شديدة من رد فعل محرز التلقائي، ثم تدمع عيناه مرة أخرى دون إرادته، رغم كل محاولاته في إيقافها.

السعيدي: هذا أنا، يا سيدي!

رياض: ماذا تقول، مستحيل، كيف حدث ذلك؟

السعيدي: عندما حققت المستحيل مع ليستر في البريميرليج، حدث معي ما هو أكثر استحالة!

رياض: أخبرني كيف؟

السعيدي: عندما أعطيتني الـ200 إسترليني تعرضت لصدمة، لم أحصل على مبلغ مثل هذا من قبل، لست بحاجة له!، فأنا لدي ما يكفي لطعام يومان.

رياض: تفكير غريب، لكن أكمل بسرعة أرجوك.

السعيدي: حسناً، لو تذكرت فأنا كنت نائماً أمام إحدى شركات المراهنات على مباريات الدوري الإنجليزي، ولما رأيت أنني لست بحاجة لهذا المبلغ الكبير اتجهت إلى هذه الشركة وراهنت عليك!

رياض: ضحيت بمبلغ يكيفك لطعام أسبوعين من أجل رهان نسبة نجاحه1%!

السعيدي: نعم، لم أكن لأخسر شيئاً لو خسرت المبلغ، في كل الأحوال كنت سأحصل على طعامي.

رياض: هذه قصة أغرب مما حدث لي.

السعيدي: أعرف قصتك جيداً، لكن دعني أخبرك، الـ200 جنيه إسترليني وضعتهم في مكتب المراهنات وتوقعت فوز ليستر سيتي بالدوري، كل جنيه حصلت مقابله على 5 آلاف جنيه إسترليني، حصلت على مليون جنيه إسترليني بفضلك!



رياض حصل على رقم هاتف السعيدي، ورحل عن المطعم قبل أن يتناول البيتزا التي أصبحت مجمدة الآن، عقله الصغير لم يستوعب كل هذه الأحداث، لقد كان يحاول استيعاب ما حدث له قبل أن يفاجئ بالمليونير المُشرّد، لا لا هذا لا يمكن أن يحدث، ظل يتمتم بمثل هذه الكلمات حتى وصل لمنزله!

(قطع)

ما حدث لرانييري وفاردي ومحرز كله في كفة، يقابلها ما حدث للسعيدي في كفة أخرى تثقلها المفاجآة والدراما والإثارة التي تفوح منها القصة بكل سطر فيها بكل تفصيلة صغيرة بها.

أما محرز فارتفعت قيمته كثيراً، هو مرشح الآن ليكون من بين أغلى 5 لاعبين في العالم، ربما يفوق ثمنه الـ60 مليون إسترليني، رانييري نجح أخيراً في الفوز بلقب الدوري، حقق اللقب وهو شيخ في الرابعة والستين من عمره وفرحت به والدته أخيراً التي تمشي في التسعينات من عمرها، وفاردي، فاردي أيضاً أصبح مليونيراً لديه منزلاً فخماً وليس مجرد سرير في منزل يسكنه العشرات في حي فقير، الشخصيات الثلاثة الآن يعكف على دراستها عشرات الكتاب في كل أنحاء العالم من أجل الفوز بكتابة الفيلم الذي سيترشح لجائزة الأوسكار بسهولة دون عناء، بشرط أن ينقل فقط كل ما حدث بكل تفاصيله، إنها معجزة ليستر والمُشرّد الجزائري!

اقرأ أيضاً:

سيناريو.. لقاء في الجبل الأخضر
سيناريو.. المكالمة القاتلة
سيناريو.. نهاية مفتوحة

للتواصل مع الكاتب عبر تويتر اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

التعليقات

تطبيق يلا كورة

تابع الأحــداث الرياضيــة و حــمــل التطبـيق الآن

appimg