في عيد ميلاده.. أحمد الأحمر بـ"عيون والديه"
أحمد الأحمر
كتب: مصطفى الجريتلي
27 يناير 1926، اخترع الإنجليزي جون بيرد التلفزيون.. 27 يناير1991 تخلى محمد سياد بري رئيس الصومال بعد 21 عامًا عن السلطة.. وفي عام 1756 بذات اليوم وُلد الموسيقار النمساوي الشهير موزارت.. أحداث كثيرة شهدها العالم في هذا اليوم ولكن في مصر وبالتحديد عام 1984 وُلد أحمد مصطفى الأحمر ليضيف اسمه في قائمة أساطير كرة اليد المصرية والعربية.
أحمد الذي اعتاد الذهاب مع والديه إلى مقر نادي الزمالك لم يكن يعلم أي لعبة سيُمارسها ولكنه كان ينبهر بنظرة وتعامل من بالنادي مع والده.
أخذ الأحمر يخطوا خطوة تلو الأخرى داخل جدران الزمالك حتى بلغ من العمر 5 سنوات:"كنت أمارس في النادي ألعابًا كثيرة كأي طفل صغير خاصة مع فريقي القدم واليد حينما أذهب مع والديّ".
ولكن الطفل الذي وُلد ابنًا لأحد عمالقة كرة اليد في مصر ونادي الزمالك، مصطفى الأحمر، كان يرى اختلافًا بين كرتي اليد والقدم:"كنت أشعر بمتعة أكبر وأنا ألعب كرة اليد فأسجل العديد من الأهداف عكس كرة القدم وكذلك نظرة الجميع لوالدي كانت تقربني من اللعبة".
وظلّ أحمد في هذه الحيرة حتى سن الـ 11 حين طلب منه خالد المصري، مدرب فريق اليد بنادي الزمالك العودة للتدرب معهم قبل أسبوع من البطولة الشتوية المُقامة حينها في مركز شباب الجزيرة:"أخبرني أنني سأشكل الفارق مع الفريق والحمدلله شاركت واجتهدنا كثيرًا وكانت أول بطولة يحصل عليها الفريق وانطلقت حينها كلاعب كرة يد".
"كابتن مصطفى والده صمم أنه يكمل كرة قدم وبالفعل أحمد ظل 6 أشهر تقريبًا يلعب قدم وترك اليد وحينما تحدث معنا خالد المصري أقنعت كابتن مصطفى أن يترك أحمد في البطولة الشتوية ثم يعود للقدم مرة أخرى.. أحمد شارك وحصل على جائزة أفضل لاعب فقد سجل 37 هدفًا ومنذ حينها صمم أنه يواصل كلاعب كرة يد لا قدم وساندته في ذلك وأقنعت زوجي كابتن مصطفى والحمدلله كانت بداية التألق والنجومية".. والدة أحمد الأحمر، الأستاذة فاتن تتذكر الواقعة التي كانت نقطة تحوّل في مسيرة ابنها خلال حديثها ليلا كورة.
ليبدأ أحمد ـ الذي اعتاد والده شراء ملابس كرة القدم ليُحببه في اللعبة ـ رحلة الشغف بذلك الملعب الأصغر ولا يقصده الكثيرون:"كوني والدته كنت قريبة منه وأعلم أنه كان يحب القدم كهواية ولكنه يحب كرة اليد وكنت أشجعه على ذلك".
"كباتن الزمالك كانوا يتحايلون ليواصل لعب كرة القدم.. أحمد كان مهاريًا ومحبوبًا منهم فعل سبيل المقال الراجل علي عثمان كان يُشيد به وكذلك فاروق جعفر وطه بصري ولكن هو اختار اليد ".. هكذا برر مصطفى الأحمر، قائد الزمالك ومنتخب مصر في كرة اليد سابقًا خللا حديثه ليلا كورة محاولته ممارسة أحمد لكرة القدم.
ولكن أحمد لم يكن لاعبًا عاديًا في صفوف قطاع ناشئين كرة اليد بالزمالك فكان يُشارك مع فريقه الأساسي 84 وكذلك 82 وهو نفس الحال مع المنتخب حتى تم تصعيده للفريق الأول.
تتذكر والدته هذه الفترة بسعادة:"أحمد لم يكن كسولاً كان يُنهي تمرين فريقه وينضم لتمرين فريق أخر كان يعشق بالفعل كرة اليد حينما كنت أريد معاقبته لكي يُذاكر الدروس ويؤدي الواجبات أخبره إنني سأمنعه من المران لكي يلتزم".
أحمد كان من أسرة رياضية تُشجع الرياضة ولكن في الوقت ذاته كانت تحرص والدته على تنظيم وقته بين الرياضة والمذاكرة.
ولكن يبدو أن أحمد كان أميّل لكرة اليد فمدربيه يشيدون به والكثير بدأ يتحدث عن موهبته في وسط كرة اليد:"أحمد مهاري جدًا من صغره وكان يلفت النظر إليه في أي مباراة أو تمرين.. ملعب اليد بالنسبة لأحمد مثل المحراب.. احترام غير طبيعي حتى الآن.. ولكن برة الملعب يمزح مع زملائه فـ (دمه خفيف جدًا) ولكن ليس أمام الغريب".
ولكن كان صعبًا أن يوزان بين كرة اليد والدراسة:"أتذكر أنه تواجد مع المنتخب في البرازيل ببطولة كأس عالم ثم عاد قبل اختبارات الثانوية العامة بـ 20 يومًا فقط ليحصل على 79% ومن ثم التحق بتربية رياضية قبل أن يحول لجامعة خاصة لصعوبة الالتزام بصورة كبيرة بالأولى.. لو ركز فقط في الدراسة لكان مهندسًا.. أحمد ذكي جدًا".. مصطفى الأحمر يتحدث عن هذه الفترة من حياة أحمد.
ومع الوقت أخذ أحمد يتدرج في الفئات السنية لفرق الناشئين بنادي الزمالك وكذلك أخذ نجمه يعلو :"من أول يوم رأيته في ملعب كرة يد قلت بيني وبين نفسي أنه سيكون الأفضل وبالفعل كان.. موهوب، يتطور، يبتكر ومحبوب من الجميع.. بل كان يتم تصعيده ليلعب رفقة فرق أكبر منه.. أكون في حالة سعادة بالغة بسماعي أحاديث المدربين عنه فبعيد عن كوني لاعبًا سابق لكرة اليد.. من يتحدثون عنه ويشيدونه به هو ابني".
وهي السعادة التي شاركته إياها زوجته:"حينما أشترينا لأحمد هاتفًا كان في المرحلة الثانوية تقريبًا وسميت رقمه على هاتفي بالنجم حتى الآن اسمه على هاتفي النجم حتى أصدقائي ينادونني بـ (ام النجم)".
وهو الأمر الذي كان يُضحك أحمد حينها :"محدش شايف كده غيرك أنتي بس" ولكن ماهي إلا سنوات قليلة وأخذت جماهير مصر عامة والزمالك بالأخص تناديه بـ "النجم" وليس فقط والدته.
الشهرة التي رأها أحمد وهو طفل مع والده جائته مع بداية تصعيده عام 2004:" في البداية كان يشعر بالحرج حينما يطلب منه معجبيه التقاط صورًا معه ولكن حاليًا يتعامل معهم بصورة عادية ويلتقط الصور معهم ويسعد بحبهم حينما يأتون خلفهم في المباريات الهامة والأفريقية وينتظرونهم عند المطار".
وهي العلاقة التي يراها مصطفى الأحمر طبيعية بين ابنه وجماهير الزمالك:"أحمد مشجع درجة ثالثة.. هذا الشاب الهاديء يثور لأجل النادي.. رفض عرضًا إمارتيًا براتب خيالي لأجل النادي ومن قبلها عاد لمصر من الدوري القطري حينما وجد أن الزمالك قد يهبط للدرجة الثانية.. ويتفاوض مع اللاعبين ليأتوا للفريق.. أحمد محترم وخلوق ومحب للزمالك بدرجة لا تتخيلها".
أحمد الذي يُعد أحد أساطير اللعبة الآن يُشير إلى أن هناك لاعبين كُثر تمنى اللعب معهم أولهم والده:"وأنا كذلك تمنيت اللعب بجواره.. دعني أخبرك أن حسن مصطفى ورموز اللعبة يقولون لي ماذا كان يمكن أن يحدث لو اجتمعتما بفريق واحد.. ولكن هذه هي طبيعة الحياة وأنا تركت أحمد كخليفة لي في الملاعب".
وهي الثقة التي عززها أحمد بتصدر قائمة الهدافين التاريخين لمنتخب مصر في كرة اليد، خلال مشاركته ببطولة كأس العالم الجارية:"شرف ما بعده شرف.. تخيل أن ابنك هو من وصل لذلك ستكون وكأنك في السماء.. سعيد وفخور به لدرجة لا توصف".
ولكن مصطفى الأحمر الذي اتجه للتدريب لن يتدخل حال قرار احمد اعتزال اللعبة:"لم أمنعه من اختيار اللعبة التي يريدها وكذلك لن أتدخل في مستقبله.. لا أتحدث مع أحمد كثيرًا عن اللعبة فهو يطور من نفسه وأخطائه قليلة وأثق به".
فيديو قد يعجبك: