وداعًا أيها الملك.. حكاية "الساحر" الذي توج نفسه على عرش الساحرة

"ملك بتاج مرصع بالذهب.. وداعًا لجسد قد ذهب، وبسحره سيبقى معنا للأبد".. بيليه أسطورة لن تموت

كرة القدم أكثر من مجرد لعبة، فهي رياضة تحولت إلى صناعة واستثمار يُدر الدخل على الملايين ممن يعلمون فى مجالها، فبحسب الموسوعة البريطانية المحدودة، يمارس هذه الرياضة قرابة 250 مليون لاعب في أكثر من مائتي دولة حول العالم، ولذلك تكون الرياضة الأكثر شعبية وانتشارًا في العالم.

ولم تكن كرة القدم خلال فترة الخمسينيات، الرياضة الأكثر شعبية على الكرة الأرضية، كانت فقط مجرد رياضة يتابعها البعض، ولا يهتم بها الكثيرين حول العالم.

في عام 1950، خسرت البرازيل كأس العالم أمام منتخب أورجواي في نهائي الـ"ماراكانازو"، ليسيطر الحزن على البلد التي تعتبر هذه الرياضة هي رأس مالها، فرحتها وسر سعادة شعبها، ليظهر الولد الصغير، إديسون أرانتيس دو ناسيمينتو "بيليه"، الذي سُمي تيمنًا بالمخترع الشهير، توماس إديسون، مخترع المصباح الكهربائي، وهو يقوم بتلميع الأحذية على الرصيف للمساعدة في زيادة دخل أسرته الفقيرة، وكانت عينه تلُج بالدموع على خسارة منتخب بلاده، وهنا.. يعود الطفل الصغير إلى المنزل، يجد والده الذي كان لاعب كرة قدم مغمور، حزينًا ويظهر عليه الضيق بسبب تلك الخسارة المؤلمة، ليعده الطفل الصغير، بأنه سيجلب هذه الكأس إلى المنزل عندما يكبر ويصبح الساحر الأعظم لهذه اللعبة.

بالطبع كانت عبارات الولد الصغير، ككلمات لطيفة لمواساة الأب من ولده الصغير الذي لا يعلم مدى صعوبة هذه اللعبة، وأنه وحده لا يستطيع أن يجلب هذه الكأس صعبة المنال.. لكن ما لم يكن صحيحًا، أن سحر المستديرة، قرر ملئ جنبات المنزل، واهداء هذا الولد الصغير، موهبة لا مثيل لها، ليُصبح أهم لاعب كرة قدم عرفته الملاعب الخضراء.

لفت بيليه البالغ من العمر 11 عامًا أنظار فالديمار دي بريتو، اللاعب الأول في البلاد، والذي قام بتقديم الطفل الصغير، للمدربين بنادي سانتوس، وقائلًا عن موهبته بكل جرأة: "سيكون هذا الطفل أعظم لاعب كرة قدم في العالم"، وبعد دقائق من مشاهدة اللاعب الصغير، أثبت بيليه نفسه لسانتوس عندما سجل وأبدع في مران الفريق الأكبر سنًا.

وفي سن الـ16، سجل بيليه هدفًا في أول مباراة له مع الفريق الأول، خلال مواجهة قوية لفريقه أمام فريق كورينثيانز.

جلس العالم وانتبه، من هذا الشاب الصغير الذي سجل للبرازيل خمسة أهداف وأهداهم كأس العالم 1958، وهو بعمر الـ17 فقط.. فازت البرازيل وأوفى اللاعب الصغير وعده لوالده في وقت قياسي.. تهافتت الأندية العالمية لضم هذه الجوهرة البرازيلية الرائعة، ليخرج قرارًا برازيليًا، أن بيليه يعد ثروة قومية، ولن يلعب خارج البلاد، سيبقى هذا الكنز الوطني دائمًا في البرازيل.

في عام 1962، لم يتمكن بيليه من اللعب مع السامبا خلال كأس العالم حيث تعرض لإصابة خطيرة خلال المباراة الأولى في البطولة، ومع ذلك، في عام 1970، قاد بيليه البرازيل للفوز بكأس العالم الثالثة لبلده، بعدما سجل هدفًا من خلال رأسية، ثم أهدى هذا الهدف بشكل خاص لوالده، الذي كان مميزًا في الرأسيات، حيث سجل 5 أهداف برأسه خلال مباراة واحدة.

مسيرة رائعة توجت بيليه بتاج الملك، ووضعته على عرش اللعبة، التي أصبحت بسببه معشوقة الجماهير، ففي مباراة ودية بعد اعتزاله اللعبة، قام بيليه باللعب مع فريق كوزموس الأمريكي، شوطًا، ثم مع فريق سانتوس شوطًا، ليستغل شعبيته في نشر هذه اللعبة حول العالم، وتهتف الجماهير الحاضرة، "كل الحب لك أيها الملك".

"الرياضة هي مصدر إلهام كبير للشباب"، وزير الشباب والرياضة البرازيلي في الفترة من يناير 1995، إلى ديسمبر 1998، كان يرى أن الرياضة هي مصدر الإلهام التي يجب على كل شاب أن يمارسها لتكوين شخصيته التي ستفيد المجتمع بعد ذلك.

"ركلة الجزاء هي طريقة جبانة للتسجيل" هكذا علق صاحب الـ1283 هدفًا طوال مسيرته، والذي زعم أنه لم يسجل سوى 3 أو 4 ركلات جزاء فقط طوال هذه المسيرة الباهرة.

"بيليه لا يموت. بيليه لن يموت أبدًا. بيليه سيبقى إلى الأبد"... وداعًا للجسد، أما إرثه، فسيتسمر معنا إلى ما لا نهاية.. 23 أكتوبر 1940 - 29 ديسمبر 2022. "بيليه"