يحمل ستاد 974 في قطر الذي تلاشى مع نهاية دور الـ 16 للمونديال أهمية خاصة لكونه أول ستاد كرة قدم في التاريخ مغطى قابل للتفكيك بالكامل بُني بالكامل من حاويات الشحن البحري ووحدات مستقلة من الصلب .
الاستاد الذي يقع في منطقة رأس أبو عبود في منطقة الميناء المطلة على الخليج العربي وحمل اسم ٩٧٤ في إشارة إلى رمز الاتصال الدولي الخاص بقطر عدد حاويات الشحن البحري التي استُخدمت في بناءه جاء ليكلل مجهودات عملية وبحثية بالنجاح بعد تجربتها على أرض الواقع.
مقدمة
لطالما كانت فكرة الملاعب المتنقلة القابلة للفك والتركيب محور اهتمام وأبحاث علماء في إدراك وبناء مجموعة من المرافق الأولمبية القابلة للنقل والمتطورة ، والقادرة على عبور المحيطات ، والتي يمكن أن تستأجرها الدول المهتمة باستضافة الأحداث الرياضية الضخمة على أن يتم نقلها إلى مناطق قريبة من مدن الموانئ الرئيسية.
وهنا ولدت فكرة الملعب الأولمبي العائم القابل للنقل في مجلة علمية بحثية نشرت جزء منها صحيفة دي شبيجل الألمانية وأعادت "الجامعة الرياضية الدولية" نشرها مرة أخرى في بحث عام 2011 .
الفكرة لم تكن استثمارية فقط بل كانت لحل معضلة بناء مبني ضخم لحدث معين ثم انعدام الاستفادة منه بعد ذلك وهو ما دفع المملكة المتحدة للقيام بتجربة شبيهة في الاستاد الأولمبي في لندن، حيث قرروا في بناء هيكل رئيسي دائم يتسع لـ 25000 مقعدًا ،و تثبيت 55000 مقعدًا يتم نقلها بعد نهاية الأولمبياد لاستخدامها في فعاليات أخرة حيث تم بناء الملعب من مواد يسهل نقلها.
الفيل الأبيض
واجهت البلدان التي تنظم بطولة كبيرة مشكلة "الفيل الأبيض" - ملاعب فارغة - فعندما تظل الملاعب الشهيرة بدون جماهير بعد الأحداث تتسبب بالطبع في خسائر ، فكافحت بولندا وأوكرانيا لملء العديد من ملاعب بطولة أوروبا 2012 ، وواجهت جنوب إفريقيا والصين نفس المشكلة بعد بطولات مونديال 2010 و أولمبياد 2008.
من هنا ظهرت مرة أخرى إحياء فكرة الملعب العائم قبل أولمبياد 2012 ، لكن في النهاية فشلت، لم يكن الأمر مكلفًا فحسب ، مثل ملعب بكين الأولمبي ، ولكنه يتطلب أيضًا استثمارًا ضخمًا ليكون قابلاً للتطبيق على المدى الطويل.
وواجه النمساويون مشكلة مماثلة بعد يورو 2008 ، تم بناء ملاعبهم خارج فيينا بمواد يسهل نقلها كان من المقرر بيعها بعد البطولة أو إعادة استخدامها في أماكن أخرى في الواقع ، لم يتم العثور على أي استخدام مستقبلي للمدرجات فرأوا أنه من الأرخص الاحتفاظ بالمدرجات بدلاً من إزالتها.
الفكرة "السيرك"
موقع StadiumDB.com البولندي المهتم بإنشاء وتصاميم ملاعب كرة القدم نشر في عام 2013 تطويراً لفكرة الملعب العائم بعد الفشل في تنفيذها وقدم تصميم لمنشأة تتسع لـ 50000 وتنقل في 38 حاوية فقط.
ونشر الموقع مخططاً أخر لملعب قابل للنقل يشبه السيرك صممه الهولندي قدمته الشركة الهولندية "IMD Raadgevende Ingenieurs " المتخصصة في الانشاءات ، ملعب يفي بين الوفاء بمتطلبات البطولات الكبرى ومتنقلًا في نفس الوقت.
وقالت الشركة الهولندية إن هذا الملعب يمكن نقله في 297 حاوية، وهذا يجعل التنقل لا يمثل تحديًا على الإطلاق على الرغم من الحجم الضخم للملعب.
وأكدت الشركة الهولندية أن وجود ملعب متنقل يسهل على أي مشغل الحصول على عقد للأحداث الهامة علاوة على أنه قد يكون هذا هو الحل الأمثل للحكومات التي تحاول تجنب مشكلة الفيل الأبيض .
وكشفت الشركة أن تأجير الملعب بعد ذلك يمكنه تغطية تكاليف التركيب والتفكيك وقدرت قيمة إنشاء الاستاد المتنقل هو 22 ٪ فقط من تكلفة الاستاد الدائم .
وذكرت دراسة قام بها مركز برشلونة للابتكار أن قطر ذهبت إلى الحل الأمثل لتفادي مع شهدته ملاعب البرازيل في المونديال السابق بالملاعب التي تم تشيدها من أجل مونديال 2014 حيث باتت فارغة بل هناك ما هو أسوأ من ذلك ، فقد تعرضت مدينة كرة القدم ، وهي مدينة كرة قدم بنيت في جنوب إفريقيا من أجل كأس العالم 2010 ، للتخريب وإغلاقها حتى إشعار آخر.
974
قطر استفادت من هذه التجربة حيث قامت لأول مرة في التاريخ ، ببناء ملعب يمكن تفكيكه ثم إعادة توظيفه أو إعادة بيعه - قطر أعلنت التبرع به - ويمكن لهذا الملعب بحسب الدراسة استخدامه في ما يصل إلى ست بطولات كأس عالم متتالية لأن المالكين سيحصلون على دليل تعليمات كامل للتجميع والتفكيك جنبًا إلى جنب مع التصميم تتحقق الاستدامة من خلال متانة المكونات .
وقال مارك فينويك المهندس المعماري الذي طرح الفكرة على السلطات القطرية إنه وضع في الاعتبار ما حدث في البرازيل وجنوب إفريقيا عندما طلبت السلطات القطرية تصميم ملعب ثالث بع فوز شركته بعقد بناء ملعبين.
وشرح مارك فينويك أنه مع عدد سكان يبلغ 1.5 مليون نسمة فقط ، في بلد تملك سبعة استادات فهذا يعني بشكل شبه مؤكد أنه لن تكون هناك فائدة تذكر بعد كأس العالم ولكن مع تقسيم الملعب الجديد المتنقل إلى عدة مبان ، فإن هذا يعني مرافق أصغر وأكثر فائدة لسكان المدينة البالغ عددهم 30.000 نسمة يمكن الاستفادة منها في خدمات أخرى بعد نقل الملعب.
كانت الفكرة ناجحة ، وعندما طُلب من فينويك تنفيذها ، اقترح تطويرًا مستمد من لعبة "ميكانو" التي كان يلعبها الأطفال، فهذه الأشياء تسمح ببناء لعبة واحدة أو عدة ألعاب مختلفة باتباع مجموعة من الخطوات.
وبعد مناقشات غير رسمية مع اللجنة العليا للمشاريع والإرث في كأس العالم قطر ، تم تطوير الفكر ، بدلاً من شراء صناديق ألعاب عملاقة تم الاستعانة بأكثر الأشياء شيوعًا في النقل الدولي " الحاويات البحرية التجارية" نظرًا لحجمها وتكلفتها ، فقد تم استخدامها بالفعل في علاوة استخدامها أيضًا لنقل جميع الأجزاء المطلوبة لتجميعها لقد كان حلاً مثاليًا لمدينة الخور الساحلية الي تقع به منطقة الاستاد فيسهل الموقع الساحلي للمدينة وصول السفن بكل الحاويات ، كما سيسهل نقلها في المستقبل عن طريق البحر إلى أي مكان في الدولة أو العالم.
وغادرت السفينة التي حملت 3500 حاوية في خريف 2019 ميناء فالنسيا لعبور البحر الأبيض المتوسط وقناة السويس حيث كانت جميع أجزاء الملعب داخل الحاويات مع تركيب الصالات والمراحيض فيما ساعدت الفجوات بين الحاويات على تدوير الهواء ، مما خلق نظام تبريد طبيعي للملعب من خلال الاستفادة من نسيم البحر الذي يهب من الخليج.
وقال الموقع الرسمي للبطولة إنه سيعاد استخدام الحاويات والهيكل وإنشاء مرافق تطلّ على الواجهة المائية تعود بالنفع على أبناء المجتمع، بالإضافة إلى مركز حيوي للأعمال ورغم الطبيعة المؤقتة لاستاد 974 بموجب هذا المفهوم الجديد في بناء الاستادات، فقد تم الحرص على أن يدوم إرثه لأجيال قادمة.