في ختام موسم استثنائي ، ربما يكون الأكثر جذبا للاهتمام ولفتا للأـنظار في التاريخ ، فاز بايرن ميونيخ الألماني بلقب بطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
وأجبرت جائحة فيروس "كورونا" المستجد عالم الرياضة وخاصة كرة القدم على تعليق طويل.
ومع انتهاء فترة التوقف كان استكمال فعاليات الموسم لدوري الأبطال بحاجة إلى تغيير في شكل ونظام الأدوار النهائية حيث أقيمت مواجهات كل من دور الثمانية وقبل النهائي من مباراة واحدة وليس بنظام الذهاب والإياب كما هو معتاد.
كما أقيمت فعاليات هذه الأدوار النهائية بداية من دور الثمانية إلى النهائي بنظام دورة مجمعة في العاصمة البرتغالية لشبونة ضمن الإجراءات الوقائية والاحترازية للحد من تفشي الإصابات بهذا الفيروس.
ورفع مانويل نوير حارس مرمى وقائد بايرن ميونخ كأس البطولة أمس الأحد في لشبونة مع ختام فعاليات هذا الموسم التي تأخرت عن الموعد المحدد لها 85 يوما. كما أقيمت المباراة النهائية أمس في استاد مختلف عن الاستاد الذي كان مقررا لها في مدينة اسطنبول التركية.
وكان استكمال الموسم والوصول لنقطة النهاية رغم استمرار أزمة كورونا بمثابة علامة بارزة ودليل على التخطيط والانضباط لدى جميع المشاركين في الحدث.
وأشاد هانزي فليك المدير الفني لبايرن بهذه "الأجواء المذهلة" التي توفرت لاستكمال البطولة هذا الموسم.
ورغم كل هذه الصعاب وغياب الجماهير عن المدرجات لدى استئناف المسابقة بعد فترة توقف لنحو خمسة شهور والتباين الواضح في مستويات اللياقة بين الفرق الثمانية التي بلغت دور الثمانية للبطولة ، لم يكن بلوغ بايرن وباريس سان جيرمان المباراة النهائية للبطولة مفاجأة على أي حال.
وأقيمت المباراة النهائية أمس على استاد "دا لوز" أو "النور" بالعاصمة البرتغالية لشبونة بعدما كان مقررا لها أن تقام في 30 أيار/مايو الماضي باسطنبول.
ونقلت الأدوار النهائية من البطولة إلى ما يشبه "فقاعة" حماية في لشبونة بعد القرار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي للعبة (يويفا) بالتشاور مع كل الأطراف.
وقال الفرنسي الشاب كيليان مبابي مهاجم سان جيرمان عشية المباراة النهائية : "ما زالت بطولة دوري الأبطال هي أعظم مسابقة. من الغريب إقامة المباريات بدون جماهير لكنها لا تزال دوري أبطال أوروبا... إنه شكل فريد سنتذكره جميعا بسبب المأساة الكبيرة".
وأخفق مبابي وزملاؤه بقيادة نيمار مجددا في إحراز اللقب الأول لباريس سان جيرمان في هذه المسابقة حيث خسر الفريق بهدف نظيف سجله الفرنسي كينجسلي كومان بضربة رأس ليتوج بايرن بلقبه السادس في البطولة.
وأصبح بايرن أول فريق يفوز بجميع المباريات في البطولة في موسم واحد كما كرر الفريق إنجاز الثلاثية (دوري وكأس ألمانيا ودوري أبطال أوروبا) الذي حققه مرة واحدة سابقة عام 2013 .
وأكد نوير : "أردنا الفوز باللقب وحققناه عن جدارة".
وقبل بداية فترة التوقف في آذار/مارس الماضي بسبب "كورونا" ، كان فريق ليفربول الإنجليزي ودع البطولة بالفعل بعدما خاض مباراتي الدور الثاني (دور الستة عشر) أمام أتلتيكو مدريد الإسباني الذي حرم ليفربول من استكمال رحلة الدفاع عن اللقب الأوروبي.
كما ودع توتنهام الإنجليزي ، الذي وصل للنهائي أمام ليفربول في الموسم الماضي ، البطولة من دور الستة عشر على يد لايبزج الألماني فيما خرج أياكس الهولندي ، الذي بلغ المربع الذهبي في الموسم الماضي ، من دور المجموعات.
كما خرج كل من ريال مدريد الإسباني صاحب الرقم القياسي لعدد الألقاب في البطولة (13 لقبا) وتشيلسي الإنجليزي ويوفنتوس الإيطالي ، اللذين توجا من قبل بلقب البطولة ، من دور الستة عشر الذي استكملت فعالياته بعد فترة التوقف بسبب "كورونا".
ولم تتوقف المفاجآت عند هذا الحد حيث شهد دور الثمانية خروج كل من مانشستر سيتي الإنجليزي وأتلتيكو مدريد وبرشلونة الإسبانيين وأتالانتا الإيطالي ليخلو المربع الذهبي للبطولة من فرق إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا علما بأن فرق هذه الدول هي الأكثر فوزا بألقاب البطولة على مدار تاريخها.
وللمرة الأولى منذ 1991 ، خلال المربع الذهبي من فرق هذه الدول الثلاثة.
وودع برشلونة بقيادة نجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي البطولة بهزيمة ثقيلة 2 / 8 أمام بايرن ميونخ.
واعترف جيرارد بيكيه مدافع برشلونة : "اصطدمنا بالقاع". وأدت هذه الهزيمة إلى إقالة المدرب كيكي سيتين بعدها بيومين فحسب.
وكان خروج أتالانتا أمام سان جيرمان قاسيا للغاية حيث كان الفريق الإيطالي متقدما بهدف نظيف حتى الدقيقة الأخيرة من الوقت الأصلي والتي شهدت هدف التعادل لباريس سان جيرمان ثم سجل سان جيرمان هدف الفوز في الوقت بدل الضائع للمباراة.
وكان أـتالانتا خسر أول ثلاث مباريات له في دور المجموعات بالبطولة التي خاضها للمرة الأولى هذا الموسم لكنه شق طريقه بنجاح بعد ذلك إلى دور الثمانية رغم الأزمة التي عاشتها مدينته بيرجامو التي كانت من أكثر المدن تضررا من أزمة "كورونا".
ووصفت مباراة أتالانتا مع بلنسية الإسباني في إيطاليا بدور الستة عشر بأنها "المباراة صفر" في إشارة إلى أن حضور 40 ألف مشجع في المدرجات خلال هذه المباراة ساهم في تفشي الفيروس.
كما ثار القلق من أن مباراة ليفربول أمام أتلتيكو مدريد ، والتي حضرها آلاف من مشجعي أتلتيكو الذين سافروا إلى ليفربول ، لعبت دورا مماثلا في انتشار الإصابة بالفيروس.
وفي نهاية آذار/مارس الماضي ، بدا أنه من المستحيل استئناف فعاليات الموسم الكروي ولكن الجميع رحبوا باستئناف فعاليات البطولة.
وفي ظل الإجراءات الصحية الصارمة ، التي طبقت في لشبونة ، لم تسجل الأدوار النهائية للبطولة أي حالات إصابة بالفيروس بين الفرق التي سافرت إلى لشبونة.
وكانت حالتا الإصابة في أتلتيكو مدريد اكتشفتا قبل سفر الفريق إلى البرتغال.
ولن يعرف أبدا ما إذا كانت الراحة الطويلة التي حصلت عليها الفرق الفرنسية والألمانية ساهمت في وصول فريقين من فرنسا وآخرين من ألمانيا إلى المربع الذهبي للبطولة.
وخاض كل من باريس سان جيرمان وليون مباراتين فقط قبل السفر إلى لشبونة نظرا لعدم استكمال فعاليات هذا الموسم بالدوري الفرنسي ، بينما توقف بايرن ولايبزيج أيضا لعدة أسابيع بعد انتهاء الموسم الألماني في أوائل تموز/يوليو الماضي.
ولكن هذا وكذلك الظروف التي أقيمت فيها الأدوار النهائية بلشبونة وغياب الجماهير عن المدرجات لم يقلل من سطوة وجاذبية البطولة حيث نالت عائدات ضخمة من حقوق البث التلفزيوني بمجرد استئناف فعالياتها.
وقال حسن صالح حميديتش عضو مجلس إدارة نادي بايرن ميونخ لشؤون الرياضة ، حتى قبل فوز بايرن بلقب دوري الأبطال ، : "فيروس كورونا لا يمكنه تقليص الأهمية الرياضية للمسابقات المحلية والدولية".