الخميس 1 نوفمبر 2018
04:09 م
داخل ولاية فقيرة تُدعى القصرين والتي تبعد قرابة الـ300 كليو متر عن تونس، احتضنت منزلًا صغيرًا غلب عليه طابع البساطة، لملم سفيان أشيائه المعدودة وضعها داخل حقيبته المهلهلة ليتوجه إلى المدرسة كعادته سيرًا على الأقدام، ولم يكن يعلم أن هذا اليوم سيتحول إلى علامة فارقة في حياته.
في الثاني من أكتوبر الماضي، استيقظ سفيان من نومه في موعده، ارتدى ملابسه توجه إلى أبيه القعيد ألقى عليه التحية قبل أن تصطحبه أمه إلى باب المنزل ليذهب في طريقه إلى مدرسته، وخلال عودته وجد إحدى المقاهي وقد اكتظت بالمشجعين لمتابعة مباراة الترجي التونسي ومنافسه الأنجولي بريميرو دي أوجستو في ذهاب نصف نهائي دوري الأبطال.
الطفل الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره وجد نفسه يقف وسط الحاضرين يتابع الفريق الذي طالما عشقه منذ نعومة أظافره ليلتقط حمزة العليمي صورة لسفيان بعدما استوقفه شغفه بمتابعة المباراة.
"أنا كنت موجود بالصدفة".. يحكي العليمي ليلا كورة ويضيف قائلًا: "تأثرت بحالة سفيان، شغفه أثناء متابعة المباراة كان سببًا مباشرًا لالتقاط الصورة".
عادة ما تكون كرة القدم هيّ الوسيلة الوحيدة للخروج من مشاكل الحياة للتعبير عن السعادة، لكن بالنظر إلى وضع الطفل سفيان السعيدي سنجد أن حالته مختلفة بعض الشيء.
طفل يعيش مع أب قعيد بسبب المرض وأم تتولى الأمور الحياتية من أجل إعانة طفلها الذي يعاني من الفقر لكن ظروفه المعيشية لم تمنعه من الوصول وتحقيق حلمه وهو تشجيع الترجي الذي يُعد بمثابة عميد الأندية التونسية.
المصور حمزة عليمي أثناء تواجده في المقهي لم ينشغل بمتابعة فريق باب سويقة ليصب كامل تركيزه نحو الطفل الذي ظل واقفًا بقميص النادي منتظرًا فوز فريقه للخروج من مأساة حياته ولو ساعات لكن تصرفات الطفل غير المقصودة كانت بمثابة خطوات انطلاقته نحو الصعود للحلم.
صورة الطفل سفيان كانت حديث مواقع التواصل الاجتماعي بتونس خلال الفترة الأخيرة، ولم تتخذ إدارة الترجي وقتًا طويلاً للتواصل مع سفيان مباشرة، حيث قام مسئولي فريق الدم والذهب بإرسال سيارة للطفل من أجل اصطحابه للعاصمة وهنا بدأ الحلم يتحقق شيئًا فشيئًا.
مفاجأة إدارة الترجي للطفل العاشق لناديه كانت اصطحابه للمتجر الرسمي لأعرق الأندية التونسية ليس هذا فحسب بل زيارة لمعسكر الفريق قبل المباراة المصيرية أمام أول أغسطس الأنجولي وحضور مباراة إياب نصف نهائي دوري أبطال إفريقيا.
مرتديًا قميص الترجي جلس الطفل سفيان حسين السعيدي بين كبار مسئولي ناديه باب سويقة على المنصة الشرفية من الملعب الأوليمبي برادس لمؤازرة الفريق أمام أول أغسطس ليصبح الطفل بمثابة "تميمة الحظ" بعدما حقق كبير الأندية التونسية فوزًا بشق الأنفس بنتيجة 4-2 ليتأهل إلى نهائي البطولة بإجمالي (4-3).
خلال ظهوره في قناة "التاسعة سبورت" التونسية، قال سفيان: "أعشق طه ياسين الخنيسي ويوسف البلايلي فهما الأفضل عندي".. تلك الكلمات البسيطة كان لها مفعول السحر عند لاعبي الترجي.
منذ مباراة الترجي وأول أغسطس في مباراة الإياب والطفل سفيان لم يغب عن أي تدريب للفريق الأمر الذي جعل لاعبي الترجي يطالبون بحضور الطفل معهم إلى مصر من أجل مؤازرة الفريق أمام الأهلي خاصة أنهم يشعروا بأن سفيان سيكون بمثابة "تميمة الحظ" الذي سيقود فريق "الدم والذهب" للفوز باللقب الإفريقي للمرة الثالثة في تاريخ النادي.
يلا كورة حرص على التواصل مع أحد أعضاء مجلس إدارة الترجي الذي أكد أن الجميع كان يتمنى اصطحاب سفيان إلى مصر إلا أن القوانين تمنع حضوره بدون ذويه.
المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، قال ليلا كورة:"بالفعل لاعبي الفريق طالبوا بتواجد سفيان معنا، لكن سن الطفل وعدم وجود جواز سفر له صعّب مهمتنا في اصطحابه معنا، لكن سيكون متواجدًا في ملعب رادس بالنهائي".
وأوضح أن إدارة ناديه ستدعم أسرة الطفل سفيان، وهذا ما أكده الصحفي سهيل خميرة المراسل بشبكة "بي بي سي" بتونس والذي كشف في تصريحات خاصة، أن إدارة باب سويقة ستقدم مساعدات لأسرة الطفل، مشددًا أن إدارة الترجي لم تعد بوعد وإلا ستحققه.
وأضاف خميرة:"عدم مجيء الطفل سفيان إلى مصر قد يعود إلى القوانين نظرًا لسنه بجانب عدم وجود وقت كاف من جانب إدارة الترجي للحصول على تصريح بترخيص أبوي لسفر الطفل إلى مصر".