الفراعنة في المونديال.. ملحمة جورجيو أسكاريللي.. وكسر أنف حارس سيلتك
منتخب مصر 1934
كتب: علي البهجي
كان العالم وقتها يغلي ويتكتل على الصعيد السياسي، في ظل تقاسم السيطرة بين الدول الكبرى على أنحاء الكرة الأرضية، ما بين ألمانيا وإنجلترا وفرنسا وإيطاليا، لكن على الجانب الأخر كان هناك صراع من نوع آخر يبدأ في الظهور، بين تلك الدول المتنازعة على فرض الهيمنة، فرغم أن كأس العالم في نسخته الأولى أقيم خارج القارة العجوز والتي احتضنتها وفازت بها الأوروجواي، لكن جاءت النسخة الثانية لتكون نواة الصراع في أوروبا بين الدول العظمى على المجد الكروي.
وبغية رد الدين لإيطاليا التي رفضت المشاركة في النسخة الأولى لكأس العالم 1930، قررت أوروجواي حاملة اللقب بدورها مقاطعة نهائيات 1934، فيما أرسلت البرازيل منتخبها الثالث، أما الأرجنتين سافرت إلى إيطاليا بمنتخب للهواة، في حين أصر الإنجليز على عدم المشاركة في هذا التجمع العالمي.
وشهدت هذه النسخة تواجد 12 منتخبا أوروبياً، ومنتخبين من أمريكا الجنوبية بالإضافة إلى منتخب الولايات المتحدة الأمريكية ومنتخب مصر.
وفي هذه البطولة، تمت إعادة أول مباراة في تاريخ البطولة في الدور الربع النهائي في المباراة التي أقيمت بين إيطاليا و إسبانيا بعدما انتهت المباراة الأولى بالتعادل 1-1 بعد تمديد الوقت. المباراة أقيمت في ظل جو عدائي حيث أدى العنف إلى إصابة الحارس الإسباني ريكاردو زامورا في المباراة الأولى مما جعله لا يشارك في المباراة الثانية المعادة.
استطاع منتخب إيطاليا لكرة القدم الفوز بهدف نظيف، بعدما تسبب اللعب البدني العنيف من الطليان في إصابة 3 لاعبين أسبان وخروجهم من الملعب، وفي نفس الوقت تغلب تشيكوسلوفاكيا على ألمانيا بنتيجة 3-1 لتتأهل للمباراة النهائية.
وفي نهائي كأس العالم لكرة القدم 1934 والذي أقيم على ملعب الحزب الوطني الفاشي تقدمت تشيكوسلوفاكيا بالنتيجة، لكن منتخب إيطاليا استطاع تسجيل هدف التعادل في الدقائق الأخيرة ثم أضاف الهدف الثاني في الوقت الإضافي ليتوج باللقب.
رحلة الفراعنة إلى إيطاليا
بعد تخطي عقبة منتخب فلسطين في التصفيات المؤهلة للمونديال، بالفوز ذهابا وإيابا، سافر المنتخب المصري إلى إيطاليا متجها إلى نابولي، التي كانت على موعد لاستقبال الفراعنة في كأس العالم، ببعثة مكونة من "احمد فؤاد انور رئيسا وحسن رفعت سكرتيرا وداود راتب للمالية ومحمود بدرالدين ادرايا وجيمس ماكراي مدربا ويوسف محمد حكما دوليا مرافقا و17 لاعباً هم عزيز فهمي ومصطفى منصور لحراسة المرمى وكامل مسعود وهاني كامل ومحمود مختار من الاهلي وعلي كاف وحسن الفار وابراهيم حليم ومحمد لطيف ومصطفى كامل طه من المختلط وحميدو شارلي وحسن رجب وحافظ كاسب من الاولمبي وعبدالرحمن فوزي ومحمد حسن من المصري البورسعيدي واسماعيل رافت من الترسانة ومحمود اسماعيل النجرو من البوليس وكان مسموحا لكل فريق باصطحاب 20 لاعباً".
يروى مصطفى كامل منصور، حارس الفراعنة في كأس العالم 1934، كواليس رحلته الفراعنة إلى إيطاليا.
الحارس الذي شارك في مونديال إيطاليا 34 ،و احترف بعدها في الدوري الاسكتلندي ومثل فريقي سيلتك ورينجرز، بعد تألقه في المباراة الوحيدة التي خاضها الفراعنة أمام المجر وخرج بنتيجة 2/4.
يؤكد كامل منصور في حديث تلفزيوني قبل وفاته، أن الظروف قبل البطولة لم تكن مواتية لمنتخب مصر بسبب خلافات داخلية حول استمرار الموسم المحلي.
ويضيف أنه رغم تحديد موعد مباراة مصر وهنغاريا في الدور الاول لكأس العالم يوم 27 مايو 1934 في نابولي وضرورة تفرغ لاعبي المنتخب الاستعداد للمونديال لمدة 4 أسابيع على الاقل بينها فترة سفر لمدة 3 ايام ومعسكر في ايطاليا لمدة اسبوع إلا أن الاتحاد المحلي قرر استمرار الموسم حتى 12 مايو حيث اقيمت مباراة المختلط - الزمالك حالياً - ضد الاولمبي في نهائي كأس الامير فاروق - كأس مصر حاليا وضم الفريق 9 لاعبين من المشاركين في المنتخب، والتقى المصري البورسعيدي مع بورفؤاد في نهائي الكأس السلطانية يوم 11 مايو وضم فريق المصري لاعبين في المنتخب ورفض الاتحاد كل النصائح بأهمية تأجيل لمباريات المحلـية حتى العودة من المونديال.
ويسرد منصور في حوار صحفي سابق أيضا:" المنتخب المصري سافر إلى ايطاليا على متن باخرة كبيرة من ميناء الاسكندرية الى جنوة، وخلال الرحلة حاول المدرب الحفاظ على اللياقة اللاعبين بخضوعهم لبعض التدريبات البدنية على مدار 4 أيام مدة الرحلة، قبل الوصول لمدينة جنوة، ليتدرب بعدها الفراعنة لمدة يومين، استعدادا لمواجهة المجر".
أول مباراة للفراعنة في المونديال
تبدأ المباراة وفى الدقيقة السابعة من اللقاء تتقدم المجر بهدف فى الدقيقة السابعة عن طريق اللاعب بال تيليكى تم تكرر نفس الأمر وتحرز الهدف الثاني فى الدقيقة 31 من عمر اللقاء عن طريق اللاعب جيزا تولدى ولكن سرعان ما تدراكت مصر الأمر وأحرزت هدفا عن طريق اللاعب عبد الرحمن فوزي في الدقيقة 35 من عمر اللقاء ثم تحقق مصر المفاجاة وتحرز الهدف الثاني وهدف التعادل عن طريق اللاعب عبد الرحمن فوزي أيضا فى الدقيقة 39 من عمر اللقاء لينتهي الشوط الأول بتعادل المنتخبين 2/2 .
وفى الشوط الثاني تكثف المجر من هجومها وقد كان لها ما أرادت بإحراز الهدف الثالث فى الدقيقة 53 من عمر اللقاء عن طريق اللاعب جينو فينتش ثم تضيف الهدف الرابع عن طريق اللاعب جيزا تولدى الذى أحرز الهدف الرابع للمجر والثاني له فى الدقيقة 61 من عمر اللقاء لينتهي اللقاء بفوز منتخب المجر بأربعة أهداف مقابل هدفين، وكان يطبق فى تلك البطولة نظام خروج المغلوب فخرجت مصر من تلك البطولة
ملحمة جورجيو أسكاريللي
يحمل مصطفى كامل منصور في ذاكرته تفاصيل ما حدث خلال مباراة المنتخب المصري ونظيره المجري، والتي احتضنها ملعب جورجيو أسكاريللي يوم 27 من مايو 1934، والمعروف أيضا باسم استاد بارتينوبيو، ذلك الملعب كان قد انشأ لعدد من الاستخدامات في نابولي بايطاليا، و كان يستخدم في الغالب لمباريات كرة القدم، وحملت السعة الاستيعابية له 40.000 شخص، خلال كأس العالم عام 1934، استضافت مباراتين فقط خلال المونديال، قبل أن يطاله القصف خلال الحرب العالمية الثانية ليدمر أحد معالك كأس العالم انذاك.
منصور يحكي:" رغم خسارة المباراة لكننا كنا نؤدي بشكل جيد بشهادة الجميع والنتيجة كانت غير عادلة، فقد واجهنا فريق قوي وقتها ويملك عدد كبير من المحترفين، وواصل مسيرته خلال البطولة بعد الفوز علينا ليصل إلى الدور قبل النهائي".
وعلل حارس المنتخب في مونديال 1934 الخسارة أمام المجر للظلم الذي تعرضوا له على يد الحكم بيرلاسينا، قائلا:" الحكم ظهر منذ صافرة البداية متحاملا بشكل واضح ضدنا، فبعد التعادل في الشوط الأول، تحولت الأمور بسببه في الشوط الثاني لصالح المجر".
واعتبر أن المنتخب المصري كان يضم كوكبة من النجوم وقتها وعلى رأسهم مختار التتش، لاعب الأهلي في تلك الحقبة، والذي اطلق بعد ذلك ملعب الجزيرة باسمه، مشيرا إلى أن مختار التتش كان افضل من الجوهرة البرازيلية بليه، وكان يملك قدرة كبيرة على فعل أي شي بالكرة".
الحكم يحرم الفراعنة من هدف صحيح
طبقا لرواية مصطفى كامل منصور، خلال حديثه التليفزيوني لاحدى القنوات، أفاد أن حكم المباراة حرم المنتخب المصري من هدف صحيح سجله مختار التتش، بعد هجمة قادها من منطقة جزاء الفراعنة وراوغ أكثر من لاعب وسجل، ليتفاجأ الجميع بإلغاء الحكم هذا الهدف بداعي التسلل.
كامل منصور يدافع عن صحة الهدف بالقول:" التتش لم يمرر الكرة لأي أحد وسجله بنفسه ولا يوجد هناك أي خطأ في التسجيل لكنه الحكم ألغاه وكنا الاحق بالتقدم بالهدف الثالث على المجريين".
واصل:" بعد إلغاء هدف التتش، سجل المنتخب المجري الهدف الثالث لهم، مستغلين ثغرة في الظهير الأيمن لمنتخب مصر، والذي كان لاعب جيد لكن يعيبه الوقوف بالكرة كثيرا، الأمر الذي اكتشف منتخب المجر واستغله ليسجل الهدف الثالث".
كسر أنف مصطفى كامل
اتهم حارس منتخب مصر في مونديال 1934 الحكم باحتساب الهدف الرابع لمنتخب المجر، رغم أنه جاءعن طريق خطأ فادح من مهاجمهم وقتها، يقول :" كان المنتخب المجري يملك مهاجم عملاق، وفي احدى الكرات المشتركة معه، استغل ضخامته وضرني في وجهي ليسجل بعدها، ورغم أن الاصطدام تسبب في كسر أنفي لكن الحكم لم يحتسب أي خطأ واطلق صارفته معلنا عن الهدف الرابع للمجر".
العالم يقف احتراما للفراعنة
فى تلك المباراة التاريخية اصبح عبد الرحمن فوزى اول لاعب مصرى عربى افريقى يحرز هدف فى كاس العالم.
المدير الفنى لمصر فى تلك البطولة هو المدرب جيمس مكابي.
و تألق أيضا حارس المرمى مصطفى كامل منصور بشكل ملفت فى المباراة مما أهله الى الاحتراف فى الدورى الاسكتلندى لنادي سيلتك وبعدها رينجرز.
و تم اختيار اللاعب عبد الرحمن فوزى أفضل جناح أيسر مهاجم فى كأس العالم 1934 وأيضا ضمن منتخب العالم ثم انتقل من النادى المصرى الى نادى الزمالك فى عام 1935.
فيديو قد يعجبك:
الإحصائيات
جميع الإحصائيات-
المباريات0
-
0
-
الهداف0
-
صانع الأهداف0