من رحم المعاناة تولد الملاحم، فليس من السهل ان ترتضى لنفسك الترحال من أجل حلم في الأفق حسبته يوما صعب المنال، ليكون زادك في الرحلة انكسار يتحول لاعجاز يقف الجميع احتراما له، سنوات الذل في أحضان وطنك تتحول لشهد الكل يتهافت للنيل منه، هي معادلة انت الوحيد القادر على فك رموزها، فمن أين لك بكل هذا الجلد لتصنع كل هذا المجد في غضون شهور قليلة على خروجك من بلدك باحثا عن بصيص أمل في بلاد اشتهر عنها قسوة ساكنيها، شهور أمضاها البطل طارق عبد السلام، لينتزع بعدها صيحات الجماهير بلاد البلغار، جعلت منه حديث الصباح والمساء في بلده التي اكتفت بالتصفيق له عن بعد.
القصة الكاملة للبطل طارق عبد السلام يتحدث عنها أبطالها كما حدثت عبر "يلا كورة" ، لكن قبل سرد الرواية بأبعادها، سنلقي الضوء على الأزمة التي أثيرت عقب فوز عبد السلام ببطولة أوروبا للمصارعة.
في عام 2015 قرر طارق عبد السلام السفر إلى بلغاريا بعدما شعر بعدم تقدير المسؤولين المصريين له وعندما وصل لبلغاريا عمل في أحد مطاعم الشاورما لتوفير نفقاته الخاصة، ظل هناك طيلة العامين الماضيين حتى نجح في الفوز بالميدالية الذهبية ببطولة أوروبا المقامة في صربيا تحت علم بلغاريا، بعد تغلبه على بطل روسيا تشينغيز لابازانوف في المباراة النهائية بنتيجة 4-1 لوزن تحت 75 كغم.
تفجرت الأزمة قبل عدة شهور حين صرح رئيس الاتحاد المصري للمصارعة رفض تحمل نفقات علاج اللاعب قائلاً إن “اللاعب غير مؤثر” في صفوف المنتخب، ليتخذ بعدها اللاعب قرارا بالسفر إلى بلغاريا من أجل العلاج على نفقته الخاصة وعمل هناك بائع للشاورما حتى يتمكن من الإنفاق على نفسه.
وكان عبدالسلام قد شارك في العديد من البطولات مع منتخب مصر وحقق العديد من الميداليات منها: ذهبية بطولة الألعاب الأفريقية التي أقيمت بالكونغو برازفيل، والميدالية الفضية في بطولة بلغاريا الدولية “نيقولا بتروف ودانكلوف”، وبرونزية دورة البحر المتوسط بتركيا، وبرونزية بطولة العالم للشباب بمدينة صوفيا البلغارية.
القصة على لسان أبطالها
شقيق البطل
تحدث أحمد عبد السلام، شقيق طارق ليلاكورة، عن بداية البطل، وما دفعه لاحتراف اللعبة، موضحا أنه لم يستمر في ممارسة اللعبة إلا أن شقيقه أصر على الاستمرار، مقتديا وقتها بالبطل كرم جابر، والذي حقق ميدالية لمصر في أثينا عام 2004.
واختصر أحمد مشاكل شقيقه في أنه لم يحصل على حقه كلاعب عالمي رفع علم مصر في كثير من المناسبات، منها ذهبية بطولة الألعاب الأفريقية التي أقيمت بالكونغو برازفيل، والميدالية الفضية في بطولة بلغاريا الدولية “نيقولا بتروف ودانكلوف”، وبرونزية دورة البحر المتوسط بتركيا، وبرونزية بطولة العالم للشباب بمدينة صوفيا البلغارية.
يواصل أحمد حديثه:" بعد كل هذه الانجازات قابله رفض حكومي لعلاجه وأهملوه لدرجه أنه كان لا يقدر على رفع يديه، والحديث عن وجود مستندات تثبت أنهم قاموا بعلاجه مجرد أكاذيب، فالجميع يعلم أن تلك الأوراق خاصة بالإصابة التي لحقت به في ركبته وليس ما تعرض لها قبل سفره".
حديث أحمد عن شقيقه كان يغلفه نوعا من المرارة بسبب ما تعرض له طارق في مصر، مؤكدًا أن الاتحاد تركه لمدة 6 أشهر، وبعد ذلك قام بالصرف من جيبه الخاص على إصابته، معتمدا على المكافأت التي تحصل عليها من البطولات التي شارك خلالها.
وواصل:" طارق لم يحظ بأي تقدير مادي أو حتي معنوي داخل بلده، وما قام به هو عين الصواب، التجنيس لبلد أخرى غير مصر لم يكن بإرادته، فلجأ لذلك بعد الظلم الذي تعرض له".
واختتم :" متضامن مع اخويا في قضية التجنس مع أي جهة تقدر موهبته وتحترم قدراته مع العلم أني كنت اتمني ان يرفع علم مصر، رغم استحالة عودته بعد كل ذلك".
معلمه ( المدرب الأول)
بعد الحديث مع شقيق البطل طارق عبد السلام لفت انتباهنا تكرار اسم الكابتن كمال عبده، مكتشف موهبة اللاعب منذ الصغر، طلبنا منه أحمد الالتقاء بمدرب طارق عبد السلام، وكانت أول كلمة له بعد معرفة أنه بصدد الحديث عن واحد من أبناء الموهوبين: "سعيد وحزين" أشعر وكأنه فرح أبني ولم أتمكن من الحضور.
وكشف عبده أن والد اللاعب هو من أرسله له قبل وفاته، وطالبه بالتكفل برعايته ودعمه ليكون بطلا كأخيه أحمد، وقتها كان طارق عمره 6 سنوات، كان صغيرا على تحمل التدريبات، ولكنه كان ولعا باللعبة ومتحمس لممارستها مقتديا بأخيه الذي حصد لقب الجمهورية.
وبسؤال مدرب عبد السلام عن الوقت الذي شعر بموهبة اللاعب، قال:" منذ صغره والجميع كان يتنبأ بمستقبل كبير له، بسبب الرجولة التي كان يظهر خلالها في التدريبات، ورغم ضعف الاماكانيات وقتها لكنه تمكن من الحصول على بطولات في سن مبكر.
وأضاف:" في سن 14 عام حصل على بطولة الجمهورية، وانضم بعدها لمنتخب مصر للناشئين وبدأ في التدرج ليصل للمنتخب الأول، وحصل على بطولة أفريقيا.
وتابع: "مع تطور مستواه وظهوره بمستوى جيد تدرب تحت علم المؤسسة العسكرية، والتي ساعدته في بداية مسيرته".
اردنا التنقل بالحديث مع مدرب عبد السلام للتعرف على كيف كان يتدرب، ليسرد لنا أنه المصارع الحاصل على لقب أوروبا تحت علم البرتغال، كان يوفر الأموال بعد كل معسكر للصرف على نفسه، وتوفير نفقات السفر إلى أوروبا".
حدثنا عن بداية المعاناة والتي دفعت طارق للسفر إلى بلغاريا؟
طارق كان يعاني من إصابة برقبته، قد تؤدي لشلله، أخبرني بإصابته ولكننى اعتقدت وقتها أنه يضخم الأمور، وبعدها أبلغ الاتحاد لكنه لم يلق الإجابة المنتظرة، ليلجأ بعدها للسفر إلى بلغاريا.
لماذا بلغاريا تحديدا؟
علاقة طارق كانت جيدة مع بعض الأشخاص في بلغاريا، مستندا على بعض البطولات التي كانت تجمعهم معه ليقيم معهم صداقات استمرت لسنوات، الأمر الذي سهل مهمة رحيلة بعد ذلك إلى هناك.
كيف صارت الأمور عقب سفره إلى بلغاريا؟
في البداية كان هدفه الأول العمل لتوفير المال لعلاج الإصابة التي تعرض لها في مصر، وبعد سفرة مباشرة عمل في أحد المطاعم كبائع شاورما، وبعد شهور الجميع في مصر علم ذلك، لكنه مع مرور الوقت عرض عليه البعض عودته للمجال ومساعدته على التدريب مجددا من اجل اللعب تحت اسم بلغاريا، وهو ما كان بالنسبة له أمر صعب في بداية الأمر.
ظل طارق عبد السلام ينتظر اتصالا من أحد المسؤولين، لكن انتظاره طال ليضطر في نهاية الأمر للموافقة على اللعب لمنتخب بلغاريا.
كيف استقبلت نبأ فوزه بلقب أوروبا؟
لا أؤيده في اللعب باسم بلغاريا، لكن في النهاية سعيد باعتباره أحد أبنائي ونجح في تحقيق انجاز، خاصة وأنه حصل عليه أمام "ملوك الصالات" كما وصفهم مدرب طارق عبد السلام.
من المسؤول من وجهة نظرك عن تلك الأزمة؟
بكل تأكيد اتحاد اللعبة في مصر، فطارق واحد من كثيرين تركوا المجال في مصر بسبب الإهمال وعدم توافر رعاية كاملة، أما عن حالة طارق تحديدا فهو منذ اول وهلة والجميع يعلم أنه لديه موهبة كبيرة قادرة على حصد ميدالية في الأولمبياد وبطولة العالم.
واختتم:" ربنا يهدي اتحاد المصارعة وطارق هو البداية والبقية تأتي".
صديقه
لم يختلف كلام أحمد صديق طارق، وزميله في ممارسة اللعبة قبل سفره ، فهو يرى أن ما قام به هو الصواب نفسه، في ظل الظلم الذي كان شاهدا عليه وجعله يضطر لتمثيل بلد أخرى وتحقيق معها انجاز بحجم بطولة أوروبا.
وقال أحمد أن صديقه سافر إلى بلغاريا 2015، بعد الإصابة التي لحقت به في رقبته كانت ستعجل بشلل في سن مبكر، بالإضافة لصعوبة الأوضاع في مصر وعدم تقاضيه ما يكفيه لسد احتياجاته من مستلزمات تعيبنه أثناء المران، كل ذلك دفعه للتفكير في السفر خارج مصر.
وأكمل أحمد:" علاقة طارق كانت طيبة بالجانب البلغاري، ولذلك لم يجد أفضل من تلك البلد ليسافر هناك، في محاولة للعمل وجمع المال اللازم لاكمال حياته بعيدا عن المصارعة".
وتابع:" الأمور صارت بشكل جيد وتلقى عرضا لتمثيل بلغاريا، ووافق عليه بعد وقت طويل من التفكير، خاصة بعد المساندة التي منحت له أثناء تواجده هناك".
الرد الحكومي
كل ما رواه الجانب المؤيد لطارق واجهه تصريحات حكومية، حيث نفى خالد عبد العزيز، وزير الشباب والرياضة، حقيقة ما تردد عن رفض اتحاد المصارعة ووزارة الرياضة صرف تكاليف علاج المصارع، مؤكدًا أن الوزارة قامت بصرف كل تكاليف علاج اللاعب لدى أكبر المتخصيين فى علاجه ودفع كافة التكاليف.
واكد عبد العزيز، أن اللاعب سافر إلى معسكر بلغاريا وتخلف عن العودة، وأنه وقت سفره كان لائقًا طبيًا، مؤكدًا أن الدولة لا يمكن أن تتخلى عن أبنائها نهائيًا.
اقرأ أيضًا..
تقارير إيطالية: صلاح "بديل" جناح ليفركوزن لدى ليفربول
تدريب الأهلي.. البدري يغادر "مبكرا".. ومران إضافي لإكرامي
تقرير.. الأهلي يتفوق على الزمالك للمرة 41 في تاريخ الدوري