الأربعاء 7 ديسمبر 2016
03:25 م
تجاوز عن الأسماء والأشخاص ومن يدير كرة القدم في مصر، بداية من مجلس إدارة اتحاد الكرة ثم لجان المسابقات والانضباط والأجهزة الإدارية المسئولة عن تنظيم اللعبة، فإذا تحدثنا عن المقاعد التي يجلس عليها كل فرد بتلك المنظومة تجد مكتوبا عليها بالحبر السري "عضو بشركة المرعوبين المحدودة".
باتت المباراة التي تقام في 90 دقيقة بكل جولة من الدوري الممتاز ما هي إلا مقدمة مملة لسيناريو مثير، اكتسب تلك الصفة من الأصوات العالية والأنغام الشاذة التي تخرج من أفواه مسئولي الأندية تعليقا على كل شيء سلبي في الكرة المصرية عدا الأداء السيئ والعقيم المقدم من فرقهم.
ولأننا يجب أن نتميز في كل شيء ونقدم ما هو جديد وفريد فتعديلات القانون تتم في كل موسم بالعالم أجمع أملا في معالجة أوجه القصور الموجودة فيه بشكله القائم، لكننا في مصر نقوم بإجراء التعديلات على القانون إذا كان يغضب الأهلي أو الزمالك أو الاثنين معا، وخوفا من أن يكون ذلك القانون به من العقوبات ما قد يمنع الأهلي والزمالك من أشياء تروق لهما.
لائحة اتحاد الكرة المطاطة والمترهلة التي طالما أجري عليها تعديلات لم تشهد جديدا خلال الصيف الماضي لعلاج آفة التهديد بالانسحاب التي طالما تحدثت بها الأندية في مصر الكبير منها والصغير على مدار موسم كامل بداية من الأهلي ثم رئيس نادي الزمالك الذي هدد وتوعد كلما سنحت له الفرصة.
لكن يبدو أن "بيت الرعب" الذي يقيم به رجال الجبلاية يجعلهم دائما يفكرون في كل شيء يحتفظ للكرة المصرية بحالة الشذوذ الدائم عن العالم أجمع، فإذا كانت السلبيات هي الاستثناء في الدول المتقدمة، فكرة القدم المصرية دائما ما تعيش في حالة استثنائية.
إذا قام رئيس أحد الأندية بالشعور بالملل أثناء مشاهدة خصمه الدائم فهو لا يتحرج أن يرسل بضع كلمات للموقع الرسمي لناديه من أجل نشرها، فتكون سببا ليتحدث عنه الجميع في وسائل الإعلام، فيخرج فيتحدث فتتجدد شهرته النابعة من حنجرة نادرة قادرة على إزعاج الموتى في قبورهم وإفساد فرحة أي شخص حتى وإن كان منتميا لناديه.
تنص لائحة الاتحاد المصري لكرة القدم على أنه في حالة انسحاب أحد الأندية من مباراة أو بطولة فإن ذلك الانسحاب لا يتم الاعتراف به إلا بعدم الظهور في المباريات الرسمية أو رفض استكمال المباراة، وهي المادة التي أدرجت في اللائحة عقب انسحاب الزمالك الشهير أمام الأهلي في إحدي مباريات الدوري في أواخر الألفية الماضية.
وعجزت عقول أبناء اتحاد الكرة النابغة على مدار سنوات طويلة منذ ذلك التعديل عن إدراج أي جملة تسمح لهم بمعاقبة مسئولي الأندية في حالة تهديدهم بالانسحاب من المسابقة، الذي على الأقل قد يتسبب في ضرر وتشيت لأذهان المنافسين إذا خرجوا عن التركيز المطلوب قبل مواجهة الفريق الذي هدد بالانسحاب.
رئيس نادي الزمالك الذي هدد بالانسحاب مقبل على مواجهة يوم الخميس أمام أسوان، أحد الأندية المتواجدة في قاع جدول الترتيب، فمن سيعطي أسوان حقه إذا عجز مسئوليه عن السيطرة على أذهان لاعبي الفريق وضبط اتزانهم النفسي قبل مباراة أمام واحد من أقوى أندية الدوري ووصيف البطل في الموسم الماضي؟
التهديد بالانسحاب ربما يكون أيضا سببا في تأجيج الخلافات بين جماهير الأندية، فربما أحدهم لا يدرك أن رئيس ناديه يبحث عن مداخلة عبر التلفاز تزيد من شهرته، ولديه أيمان عميق بداخله أن ناديه يتعرض للظلم وأن الحكام يجاملون المنافس، فكيف ستعود الجماهير للمدرجات وإدارة اللعبة في أياد مرتخية عاجزة عن حماية عقول الجماهير من الأحاديث الملوثة لمسئولين "غير مسئولين"؟
كيف سيقنع اتحاد الكرة نفسه الاتحادات المنافسة بإقامة مباريات داخل مصر سواء رسمية أو ودية إذا كان العالم أجمع يحصل على أخبار سلبية عما يحدث في مصر وعن البطولة التي لا تكاد تستمر لفترة من الزمن حتى تجد من يعرقلها ويفسد على كل متابع أقل القليل من المتعة؟
عجز اتحاد الكرة عن حماية مسابقاته كان سببا رئيسيا في بقاء الأجواء متوترة بين الجماهير على مدار السنوات الأخيرة، فنحن لم نسمع عن أي مدير فني أو مسئول في أحد الأندية تعرض للعقاب بسبب تصريح هاجم فيه حكم أو حتى أعضاء الاتحاد أنفسهم، وكأنهم يعيشون داخل أكواخ من العصر الحجري ولا تخترق آذانهم أن معلومة عن النظام الذي المتبع لدى الاتحادات الكبرى.
تتبدل الوجوه في اتحاد الكرة لكن المبدأ الرئيسي الثابت لدى الجميع هو إرضاء الجمعية العمومية عدة أشهر من أجل جمع الأصوات للفوز في الانتخابات، والانحناء أمام الأهلي والزمالك 4 سنوات لتجنب الحملات الشرسة والأصوات العالية التي قد تعصف في النهاية بالمجلس بالكامل، ليصبح الحديث بعد الفوز كيف نرضي الأهلي والزمالك وليس كيف نطور اللعبة؟!
للمناقشة الكاتب عبر تويتر من هنا