تقرير.. بعد الموت

لم تعد الحياة كما كانت في ولاية سانتا كاترينا البرازيلية بعد أن استيقظ سكانها في الثالثة فجراً على خبر سقوط طائرة فريق المدينة شابيكوينسي  ووفاة أغلبهم، ليتغير كل شيء في المدينة بعد الموت.

الجماهير التي بكت فرحاً في استاد آرينا كوندا احتفالاً بتأهل لاعبي شابيكوينسي لنهائي بطولة كوبا سود أمريكانا منذ أيام، احتشدت في نفس الملعب صباح الأربعاء لتزرف دمعاً على مقتل معظم لاعبي الفريق في حادث الطائرة في حفل تأبين تشهده الملاعب لأول مرة.

فَجر الثلاثاء كان فريق شابيكوينسي في مطار فيرو فيرو في بوليفيا يستعد للتحليق بطائرته نحو كولومبيا لمواجهة فريق أتلتيكو ناسيونال في نهائي البطولة التي حلم بتحقيق لقبها لأول مرة.

لكن الموت اعترض طريقهم في الثالثة فجراً بتوقيت جرينتش ليحصد أرواح كل من في الطائرة التي حملت 81 شخصاً لفظوا أنفاسهم الأخيرة في الحادث باستثناء 5 فقط كتب الله لهم عمراً جديداً.

المدينة التي كانت تشع بالأمل والشغف قبل نهائي كوبا سود أمريكانا اكتست باللون الأسود وصارت مدينة الأحزان بعد أن مات أغلب لاعبي فريق تشابيونيسكي وكل أطقم الفريق الفنية والطبية والبدنية التي صاحبته في الرحلة الأخيرة.

الموت حدد اختياراته مسبقاً ولم يكن من بين ضحاياه ثلاثة من لاعبي الفريق البرازيلي ظلوا في سانتا كاترينا ولم يصعدوا للطائرة التي كانت وسيلة إنهاء حياة أغلب لاعبي شابيكوينسي .

"أنا مصدوم، لا أتوقف عن البكاء،إنه أمر صعب وحزين" كلمات خرجت بصعوبة من الأرجنتيني أليخاندرو مارتينوتشيو مهاجم شابيكوينسي  الذي منعته الإصابة من رحلة الموت مع زملائه.

حضر اللاعب الأجنبي الوحيد حفل التأبين في ملعب آرينا كوندا وكان يبدو عليه علامات التعجب والصدمة والحزن في آن واحد، أليخاندور علق على الحادثة قائلاً: "اللاعبون كان لديهم أبناء والبعض الأخر كانوا قريبين من أن يصبحوا أباءً"، مختتماً: "كان من المفترض أن أكون معهم، لكني أجريت جراحة في الركبة ولم أكن بعد ذلك جاهزاً لهذه المواجهة".



بعد الموت الذي حصد أرواح معظم لاعبي شابيكوينسي  أصبح الأجنبي الوحيد بالفريق مارتينوتشيو هو أيضاً المهاجم الوحيد في الفريق الذي سيتم بناءه من جديد إذا قررت إدارة النادي البرازيلي استكمال المشوار.

أليخاندرو لم يكن هو الوحيد الذي ظل في سانتا كاترينا، الحارس البديل مارسيلو بويك كان برفقته في الولاية البرازيلية لكن لسبب أخر يتعلق بالحياة والميلاد من جديد.

حارس شابيكوينسي كان يخطط لأن يكون يوم 28 نوفمبر استثنائياً، فقد طلب من الجهاز الفني أن يبقى في سانتا كاترينا للاحتفال بعيد ميلاده الذي وافق نفس اليوم وقضى الساعات الأولى في ذكرى مولده يستقبل رسائل التهنئة من زملائه في الفريق قبل أن تُقلع طائرتهم إلى لقاء الموت.

مارسيلو الذي حضر حفل التأبين في ملعب فريقه قال للصحفيين: "تلقيت رسائل التهنئة بعيد الميلاد من اللاعبين وبعدها خلدت للنوم، لكني استيقظت في الثالثة والنصف فجراً على الخبر المُفزع".
 

ميشيل تامر الرئيس البرازيلي أصدر بياناً نعى فيه الراحلون وعبر خلاله عن حزنه وشعوره بعائلات البرازيلين بعد هذه المأساة، وأعلن أنه سيقدم الدعم الكامل لعائلات وأصدقاء الضحايا لتحفيف الآلام عنهم".

التعاطف والعمل على المساعدة لم يكن فقط من الرئيس البرازيلي، فقد أصدرت الأندية البرازيلية بياناً مشتركاً طالبت فيه بإلغاء هبوط فريق شابيكوينسي إلى الدرجة الأدنى وعرضت إعارة بعض من لاعبيها إلى شابيكوينسي ليستطيع أن يكمل المشوار.

في النهاية ظل الحزن يخيم بظلاله السوداء على سانتا كاترينا التي رشفت أراضيها الدموع بلا هوادة، لكن الولاية البرازيلية تأمل أن تنبت الأمل من جديد وتستعيد روحها التي فُقدت، وتنتقل إلى مرحلة ما بعد صدمة الموت.