الإثنين 7 نوفمبر 2016
03:14 م
صبر، طموح، إصرار، تفاؤل، تأمل، كفاح، ثبات، عزيمة، حب، أصل، كلها صفات حميدة تشابكت معا وامتزجت كما يحدث للمركبات الكيميائية لترسم لنا لوحة، ممتعة، ومفرحة، وتجسد في عيوننا ملامح شخص ليس كمن يمروا علينا كل يوم فننساهم بعد ساعات، أيام أو شهور، لكنه "أبو تريكة" الذي بات جزء من ذاكرة البهجة في نفوس الجماهير المصرية.
إذا حدثوك عن أبو تريكة فلا تذكر لهم أهدافا عظيمة ولا بطولات لم يحققها لاعبا آخر في تاريخ الكرة المصري، اياك أن تضعه مع غيره في ميزان الأرقام أو الانجازات، فقيمة تلك البسمة التي ترتسم على وجهه فتبعث فيك السعادة أكثر بكثير من عدد مرات زيارته للشباك، فلا تقل أنه أفضل من هذا أو ذاك لأنه فاز بهذه الجائزة أو تلك البطولة.
لا تجعل أحدا يقول لك إنه أبو تريكة الذي أتى من رادس بلقب دوري الأبطال أفريقيا الغالي فهذا وحده لا يكفي، ولا ثنائيته رائعة في كلوب أمريكا المكسيكي بكأس العالم للأندية تكفي، ولا تلك الكرة التي وضعها في مرمى الكاميرون 2008 فمنحت مصر أمم أفريقيا تكفي، إنه أبو تريكة ليس ذلك الشخص الذي سجل أهدافا في مباريات عظيمة وحسم بطولات.
هل تتذكر أبو تريكة حين قاتل مع المنتخب المصري في تصفيات كأس العالم 2010 فأخفق، وحاول مجددا مع بوب برادلي وجيل جديد من نجوم كرة القدم المصرية بتصفيات 2013 فأخفق أيضا؟، لا ليس هذا الذي نريد أن نتحدث عنه، نحن نتحدث عن أبو تريكة آخر، أبو تريكة الذي لا يفقد الأمل في النجاح.
إذا حدثتني عن أبو تريكة فلا تقل أنه الأحق بلقب أفضل لاعب أفريقي 2008، أو أنه اللاعب الذي فاز بجائزة أفضل لاعب محلي في أفريقيا 3 مرات، ولا أريد منك أن تدافع عنه بأنه كان أحق من رونالدينيو بالحصول على جائزة ثالث أفضل لاعب في كأس العالم للأندية 2006، فأبو تريكة أكبر من ذلك بكثير.
لن أقبل منك ألقابا عن أبو تريكة ولا أريدك أن تقول لي أنه "القاتل المبتسم" فهذا لا يليق به، ولا "الماجيكو" ولا "أمير القلوب"، فهو ليس بحاجة إلى تركيبات لغوية توجه الجماهير لصورة محددة عنه، دعهم يتعرفون عليه بأنفسهم دع كل منهم يعرف احدي صفاته الحميدة دون تدخل منك.
إذا أردت أن تحدثني عن أبو تريكة فقل لي أنه أكثر من سجل أهدافا في مرمى الزمالك ورغم ذلك فجماهير الفارس الأبيض تسعد في كل مرة يلمس بها الكرة، أحرز 13 هدفا في مرمى الزمالك، فلم يكن ذلك سببا في جفاء بينه وبين جمهور الفريق الأكثر منافسة للأهلي الذي يلعب له.
إذا أردت أن تحدثني عن أبو تريكة فانتظر منك أن تقول أنه الرجل الذي تذكر غزة في وقت محنتها وعرض أمام العالم أجمع قضيتها التي تستحق الدعم، وعلم الجميع أن هناك من يبحث عن الحياة في مكان يحاصره الموت، والرغبة في سفك الدماء.
إذا أردت أن تتحدث عن صمته الممتلئ بالكلام، عن روحه الهادئة المفعمة بالحياة، عن نفسه الصافية المحبة للناس، عن ترفعه عن من يهاجمه، عن مبادئ يرسمها سلوكه ولا ينطق بها كلامه.
في عيد ميلادك يا أبو تريكة نريد منك بسمة نزرع بها أملا ينبت مستقبلا أفضل، وأكثر نقاءًا بالوسط الرياضي..
للتواصل مع الكاتب عبر تويتر من هنا