الخميس 18 أغسطس 2016
04:35 م
الأهلي لا يبحث عن أبطال يخلصونه من معاناته، لكن الأبطال هم من يبحثون عن الأهلي لرسم سطور من الذهب في تاريخهم، فمهما كبر الشخص أو صنع تاريخا، فالظهور وقت أزمة الأهلي وانتشاله من عثرته يجعل اسمه خالدا في الاذهان، ليبقى قائما بمقام هذا العظيم صالح سليم..
سنوات طويلة قضاها محمود الخطيب في النادي الأهلي بداية من دخوله إلى الجزيرة عام 1970 وحتى الآن، ليبقي رمزا يتعلم منه الجميع، فقد وجد بيبو لنفسه مقعدا وسط حديقة العظماء التي لا يقهرها موت ولا يضعفها مرض ولا يمحوها أي مفسد للتاريخ.
بيبو على مدار 46 عاما يكتب بخطواته تاريخا لنفسه ويرسم بمواقفه جدارية داخل قلب وعقل كل عاشق للأهلي، فبيبو الذي يتحدث فيمتعك حديثه، ويصمت فيثريك صمته، يتحرك فتسير خلفه، آن له أن يتخذ موقفا، آن له ان يتوقف عن ترفعه الدائم عن اجبار الجميع على الاستماع له، آن له أن يرتدي عباءة صالح سليم.
بالرغم من القيمة التي يمثلها الخطيب والمواقف الرائعة التي يمكن أن يتذكرها له الجميع إلا أنه من هؤلاء العظماء اللذين يرون عيبا في فرض أنفسهم على أي مشهد، ودائما ما يكتفي بالرفض الصامت لأخطاء الغير، ولم يعتاد على أن يرتدى ثوب الفارس "الفاعل" المدافع عن الكيان الذي ينتمي له من أي اعتداء داخلي أو خارجي، فهو يمدح الإجادة ويصمت عن الاساءة.
لكن متى يمكن أن يتحرك؟! سنة 1988 اتخذ صالح سليم وهو في قمة مجده قرارا بعدم الترشح لرئاسة الأهلي مجددا بعد الفوز في دورتين متتاليتين، ولم يحسم التاريخ سبب رئيسي حول رفض صالح سليم للترشح في تلك المرة، غير أنه في النهاية وصل الأمر بالجمعية العمومية إلى وجودها أمام قائمة مرشحين لا تحتوي على اسم المايسترو.
أتت الجمعية العمومية بالعظيم عبده صالح الوحش رئيسا لمجس الإدارة، فبالرغم من قيمته وقامته وعلمه الإداري والتدريبي لم يتمكن من السير في الاتجاه الصحيح وادخل النادي إلى نفق لم يعرفه من قبل ولم يعتاد عليه وانتهي الحال بالأحمر في موسم 1991-1992 إلى طريق مظلم وأصبح في مركز متأخر بجدول ترتيب الدوري.
"الوحش" الذي ظل سنوات منذ أن اعتزل الكرة عام 1954 يدرس علوم التدريب والإدارة الرياضية نسى ان الأهلي كيان اكتسب قيمته وعظمته من كرة القدم، واتجه إلى ما يرضي الجمعية العمومية واهتم بتطوير الانشاءات في فرع مدينة نصر الذي كان حديثا إلى حدا ما خلال تلك الحقبة، فسقط في عثرة كادت تُنسى جماهير النادي تاريخ ذلك العظيم الذي صنع الكثير للأهلي كلاعب ومدير فني.
البعض من أعضاء مجلس إدارة الأهلي اتهموا الوحش بالانفراد بالقرار، فاتجهوا إلى الاستقاله محاولة منهم للوصول للنصاب القانوني الذي يبطل المجلس، لكن لم ينجحوا في ذلك.
صالح سليم تدخل في الوقت المناسب وأظهر شخصيته "الفاعلة" والمؤثرة وقرر أن يجمع توقيعات لاسقاط الوحش من رئاسة الأهلي، وعُقدت جمعية عمومية غير عادية انتهت برحيل الوحش لتقرر الجهة الإدارية تعيين سليم رئيسا للنادي حتى انتهت الدورة الانتخابية عام 1992 ودخل الانتخابات واستعاد منصب الرئيس.
ألا يرى الخطيب أن الدور قد حان عليه كي يلتقط كتاب التاريخ من سليم ليكتب سطورا جديدة بنفسه وليعلم أن إلتزام خط الحياد وقت الأزمة يعنى الرضا عن صانعيها والسعادة بما يجري داخل النادي من انهيار ليس لفريق الكرة، وانما لمبادئ رسختها السنين، وإيمان برجاحة رجل يثرثر حين يستحسن الصمت، ويصمت حين يجب الكلام.
وفي سياق متصل..
فقط من أجل التذكير والاقتداء والتعلم من الكبار والاتساق مع الذات نذكر رأي الاستاذ ياسر أيوب رئيس قطاع الإعلام الحالي بالأهلي الذي كتبه في مقاله بتاريخ 12 أكتوبر 2015 عن رئيس النادي ورد فعله على هتاف جماهير الأهلي ضده في مران الفريق خلال تلك الأونة.
"..حتى الراحل عبده صالح الوحش، الذى أسقطته جمعية عمومية غير عادية، لم يخض هذه المواجهة ولم يهتف ضده أحد.. ومن العبث تصور أن طاهر بمفرده هو صانع هذا المشهد الموجع والاستثنائى الذى أسهم الجميع فى صياغة سيناريو هذه الأزمة الكبرى التى لا يعرف أحد بدقة متى وبأى نتيجة ستنتهى.. ولم تعد هناك فوارق واضحة بين الصالح والطالح والطاهر والمتآمر داخل الأهلى حاليا، حيث أخطأ الجميع وسط زحام وانفلات المشاعر والأعصاب وفوضى الأفكار والحسابات.
أخطأ العشاق فى مدرجات التتش حين اختلط عليهم الأمر بين انتقاد إدارة النادى ورفض قراراتها الأخيرة أو إدارة ناديهم بأنفسهم وأخطأ محمود طاهر فى المقابل حين تخيل الحل هو استضافته عبر شاشة لميس الحديدى.. فهو لم يتكلم حين كان كلامه فرضا واجبا للشرح والتوضيح، وحين قرر الكلام اختار التوقيت الخطأ والشاشة الخطأ.. كما أنه خرج لجمهور كبير وحزين وغاضب بسبب نتائج وعثرات الكرة ليحدثهم عن إنشاءات وخدمات داخل النادى نفسها لا يهتم بها هذا الجمهور.
ثم كانت الكارثة حين قال لهذا الجمهور إنه ليس من انتخبه ولا يملك الحق فى إسقاطه.. وأطال فى حديثه عن شرعية الصندوق ليذكر الجميع برئيس آخر ظل يصرخ مناديا بالشرعية حتى سقط هو وشرعيته.. وبدا طاهر مستسلماً تماماً لفكرة المؤامرة ضده فلم يكترث بأى رسالة منه للغاضبين فى الشوارع والبيوت."
أخيرا.. ما قد يحزننا جميعا أن تكون الحقيقة المرة أن الخطيب ليس صالح وطاهر ليس الوحش.
لمناقشة الكاتب عبر تويتر من هنا أو عبر فيسبوك من هنا