الأحد 31 يوليو 2016
09:16 م
التاريخ يُصنع بصمود عناصره والدخول في صراع ضد كل من يحاول افساد مكوناته، فالأرض خُلقت بمختلف بقاعها في وقت واحد، لكن أتى جيل من البشر إلى مصر فنشروا العمار منذ 7 ألاف سنة فعرف العالم أجمع بمختلف عصوره وشعوبه حضارة الفراعنة من خلال ما بقى من آثار، بينما لم نسمع عن حضارات أخرى إلا منذ سنوات قليلة لعجز من استعمر تلك البلد عن صناعة تاريخ لها.
فقط حفاظك على الماضي واستمرارك في بناء الحاضر والمستقبل هو ما سيجعل لك اسم طيب وتاريخ عظيم بعد سنوات، وإلا سيتذكرك الجميع كما يتذكروا المغول في هدمهم مكتبة بيت الحكمة ببغداد كي يعبروا على كتبها الغنية نهري دجلة والفرات الذي كان يفصلهم عن نشر ثقافتهم المظلمة حول العالم.
ما بين قصة عاصم علام الملياردير الانجليزي "مالك" هال سيتي الذي حاول تعديل "اسم" النادي لأسباب اقتصادية، ومرتضى منصور "رئيس" مجلس إدارة الزمالك الذي يحاول محو تاريخ كل من سبقه بسبب رغبته الدائمة في الانفراد بكل شيء فوارق شاسعة نحاول عرضها.
بداية الأمر كانت في 2013، حين طلب عاصم علام تغيير اسم ناديه من هال سيتي لكرة القدم إلى "هال تايجرز" واعتبر أن هذا الأمر سيكون مصدر دخل كبير للفريق عن طريق اقناع الشركات القادمة من جنوب شرق آسيا لرعاية النادي وتحقيق عائد أكبر يفيده، لكن الجمهور رفض الفكرة وقال أن تراث ناديهم أكبر من الأموال التي ستأتي وأنهم لا يشجعون الفريق لأنه يلعب في البريميرليج لكنهم يشجعونه ويعشقونه مهما كانت اسماء لاعبيه أو الدرجة التي يلعب فيها الفريق بسبب تاريخه الطويل، والتراث المحفور في ذاكرتهم.
على الجانب الآخر من الشاطئ، توجد قصة مشابهة وقعت عام 2014 في ميت عقبة سابقا و1 شارع جامعة الدول العربية حاليا، فذلك الرجل الذي تم انتخابه لإدارة الزمالك 4 سنوات قرر أن يغير اسم ملعب الفريق من حلمي زامورا إلى عبد اللطيف أبو رجيلة، لماذا؟ - بالطبع جنوب شرق آسيا ليس لها علاقة بالأمر- كل ما حدث أن نجلة رئيس النادي الراحل قالت أو والدها هو أعظم شخص أدار الزمالك، فاتخذ مجلس الإدارة قرارا بعد أيام قليلة بمحو اسم والدها من الملعب.
لكن كيف كان رد فعل جمهور هال سيتي على قرار مالك النادي؟ قاموا بعمل حملة رافضة لاسم النادي الجديد، فهدد عاصم علام بالرحيل، فرفعوا لافتات من أجل مهاجمته في المدرجات، وكان رد فعله ان طالب الأمن بضبط بعض من اللافتات، وعندما تحدث للإعلام عن السبب قال :"قوانين الفيفا والاتحاد الانجليزي تلزمنا بأبعاد محددة للافتات داخل المدرجات فباقي الجماهير ليس لها ذنب ان تُحجب عنهم الرؤية أثناء المباراة، لذلك احتفظت الجماهير باللافتات القانونية وضبطنا اللافتات الأخرى".
وفي الزمالك تحدث المحامي الخاص بمجموعة من جماهير النادي بأنه تلقى مكالمة من رئيس مجلس الإدارة هدده فيها بالحبس إذا استمر في الدفاع عنهم، وتقدم ببلاغ للنائب العام يطلب فيه التحقيق مع رئيس النادي وأرفق بالبلاغ مكالمة هاتفية مع أحد البرامج التليفزيونية.
عاصم علام الذي يعمل ابنه ايهاب نائبا لرئيس النادي، لم يستطع أن يفرض نجله ولم يتحدث في يوم من الايام عن انه سينفرد بإدارة أمور هال سيتي، وعندما سأله الإعلام عن سبب شراء النادي رغم الديون الكبيرة التي سيطالب بسدادها، قال :"لقد عشت هنا سنوات طويلة، وأعلم ماذا يمثل هال سيتي بالنسبة لمجتمعي، لذلك كان قرار الشراء نابعا من المسئولية الاجتماعية تجاه المكان الذي قدم لي الكثير."
وهنا في مصر، حل رئيس الزمالك ضيفا في أحد البرامج في أكتوبر الماضي، ووجه له مقدم الحلقة سؤالا عما إذا كان ينوى توريث رئاسة الزمالك لأحد نجليه، فقال :"شرف لنادي الزمالك أن يتولى أبنائي رئاسة مجلس الإدارة يوما ما"، فقاطعه المقدم وسأله "هل تعني أن هذا شرف لأبنائك؟"، فرد قائلا :"أنا أعي ما قلته تماما، شرف لنادي الزمالك أن يكون ابني رئيسا له."
جماهير هال سيتي غضبت من عاصم علام بعدما قرر ستيف بروس المدير الفني السابق الرحيل بعد 4 سنوات، لعدم رضاه عن التدعيمات الخاصة بالفريق بعد التأهل إلى البريميرليج، بل واعتبروا أن إشراف رئيس النادي على اختيار اللاعبين يعتبر خطأ فادح، لعدم علمه بأي شيء عن الكرة والأمور الفنية.
وهنا حدث ولا حرج عن "خرارة" رئيس الزمالك الذي وضع فيها المدير الفني الأسبق جيسوالدو فيريرا لأنه خسر مباراة، والإشراف الدائم على عملية اختيار اللاعبين، حتى أنه لا يكتفي بذلك ويطالب بتنفيذ تعليماته فيما يخص اختيار التشكيل قبل كل مباراة، ثم يلقي باللوم على كل مدرب إذا خالف تعليماته ثم أتت نتيجة المباراة سلبية بالتعادل أو الهزيمة.
علام حين واجه هجوما عنيفا من الجماهير الخاصة بهال سيتي ضد كل المشاريع التي يحاول من خلالها زيادة القوة المالية للنادي قرر أن يعرضه للبيع، فيما اتخذ رئيس الزمالك سياسة مختلفة، فعندما اعترض عليه عدد من الجماهير منعهم من دخول المدرجات في دوري أبطال أفريقيا وقرر السماح لأعضاء الجمعية العمومية فقط بدخول المدرجات.
ومن أبرز مهام رئيس الزمالك الذي يراها كل من يتابعه أن يطمس هوية كل شيء داخل النادي أن تعجز عن اكتشاف قائد الفريق فاليوم شيكابالا تسحب منه الشارة وغدا ترد له، وألا تعرف إطلاقا من هو المدير الفني او المدرب المساعد أو مدير الكرة فكل يوم يأتي بالجديد وكأن منصب المدير الفني للزمالك بات كعامل يستيقظ كل يوم ليبحث إن كان له نصيب في عمله الذي أداه أمس أم أصبح عاطلا.
أنت على مدار 860 يوما لا تجد أحد يتحدث غيره ولا تجد شخصا له رؤية فنية غيره ولا تجد من يجدد أفكار الزمالك ويرسم خارطة الطريق غيره، هو رئيس مجلس الإدارة والأعضاء، هو الجمعية العمومية والكراسي الموجودة في الحديقة، هو الجهاز الفني واللاعبين، ولم يتبقى سوى أن يكون هو المنافس أيضا.
وسط كل هذا، السؤال الحقيقي: من سيحاول حماية ما تبقى من كيان الزمالك؟
للتواصل مع الكاتب عبر تويتر.. اضغط هنا