البعض يقول ان "كوبر نجح معانا لانه رجعنا كأس الأمم بعد غياب 3 نسخ"... في حين يقول بعض اخر " انتوا فرحانين الفرحة ديه علي ايه ... ديه كأس أمم... لما يأهلنا للمونديال نبقي نقول نجح"... وبين هؤلاء وهولاء يتسأل البعض " نحدد ازاي كوبر ناجح معانا لغاية دلوقتي ولا لا"؟
ولكي أحاول الإجابة علي هذا السؤال يجب توضيح اننا هنا نقيم مدير فني لمنتخب وطني وليس مدير فني لنادي، والفارق بينهما شاسع مثل المسافة بين السماء والأرض.
فالمدير الفني للمنتخب مثلا ليس مطالب بتعليم اللاعبين المختارين اساسيات فنيات ومهام المراكز المختلفة، ولكن ربما يستطيع تطوير أداء اللاعبين فيها بما يتناسب ويتماشى مع خطط لعبه او التكتيكات التي يريد تنفيذها.
وافضل مثال ممكن ضربه في هذا الشأن، هو ان الفارق بين المدير الفني لنادي والمدير الفني لمنتخب هو ذلك الفارق بين المدرسة والجامعة، فالمدرسة تكون مهمتها مثلا تعليم الطلاب اساسيات المواد المختلفة، فيما تكون مهمة الجامعة هي انتقاء افضل الطلاب من اجل تطويرهم بشكل اكبر في تخصصات هذه المواد.
وبناء علي هذه المقدمة البسيطة، يمكن حصر معايير تقييم كوبر في النقاط التالية:
1- العين الخبيرة "في التفرقة بين اللاعب المحلي واللاعب الدولي": احد اهم الواجبات علي مدرب المنتخب هو ان يملك العين الخبيرة في التفرقة بين اللاعب المحلي واللاعب الدولي وكيفية اختيار اللاعبين وتصفيتهم. فليس كل من بزغ اسمه محليا يكون قادر علي التألق قاريا او دوليا.
2- توظيف اللاعبين الدوليين جيدا: ثاني اهم الواجبات المنتظر من مدرب المنتخب هي ان يكون قادرا علي توظيف اللاعبين الذي يقوم باختيارهم للتمثيل الدولي بشكل جيد طبقا للخطة والتكتيك التي يريد اللعب والاعتماد عليهما في مشواره.
3- المواظبة والاستمرارية في مراقبة اللاعبين: ثالث اهم هذه الواجبات هي قدرة المدير الفني وجهازه علي الاستمرارية في متابعة ومراقبة اللاعبين خصوصا وانه لا يملك رفاهية التواجد المستمر مع اللاعبين مثل مدربي الأندية.
4- ثبات التركيز بين الدورات المجمعة والمباريات المتباعدة: رابع اهم هذه الواجبات هي امتلاك المدير الفني لميزة ثبات التركيز ما بين اللعب في البطولات التي تكون بنظام الدورات المجمعة وما بين البطولات التي تكون بنظام المباريات المتباعدة. فمثلا الكابتن حسن شحاتة كمدير فني كان يملك قدرات اكبر في الدورات المجمعة عن تلك التي كان يملكها في البطولات التي تكون بنظام المباريات المتباعدة، في حين هناك مثلا مدير فني مثل انشيلوتي، تاريخه التدريبي مميز للغاية في البطولات ذات المباريات المتباعدة عن تلك التي تكون منتظمة.
وبالتالي يفضل ان يملك المدير الفني للمنتخبات القدرة علي الجمع بين الاثنين، لأنه يكون مطالب بالتغيير السريع بينهما طوال اجندة العام.
بتطبيق هذه المعايير على كوبر الذي تولي تدريب منتخب مصر رسميا بداية من شهر مارس عام 2015، وخاض معه 6 مباريات رسمية تكمن من الفوز في 4 وتعادل واحدة وخسر واحدة، وخاض أيضا 6 مباريات ودية، تمكن في الفوز في 5 وخسر لقاء وحيد، أستطيع ان اجد الاتي:
1- - العين الخبيرة "في التفرقة بين اللاعب المحلي واللاعب الدولي": ارى ان كوبر نجح في هذا الامر بشكل مقبول للغاية حتي الان، حيث استطاع "فلترة" معظم لاعبي الدوري المحلي والمحترفين ليصل الي مجموعة من اللاعبين لديهم القدرة علي الأداء بنفس الجودة سواء علي المستوي المحلي او القاري.
وافضل مثال استطيع استخدامه هنا هو نظرة كوبر للاعب مثل محمود كهربا، فالأخير يفضل في لعبه مع ناديه الزمالك الاعتماد كثيرا على مهاراته وانطلاقاته الفردية، في حين ان هذا الأسلوب غير مجدي علي الاطلاق عند مواجهة المنتخبات القوية، ولهذا مثلا لم يجد لنفسه مكان في مباراتي نيجيريا المصيريتين.
2- توظيف اللاعبين الدوليين جيدا: ارى ان كوبر في معظم مبارياته كان يستخدم طريقة لعب اقرب الى 4-3-3، بتمركز لاعبي ارتكاز اثنين في منتصف الملعب مع دخول عبدالله السعيد كصانع العاب خلف الثلاثي الهجومي الذي يفتح جناحيه الملعب الي اقصى الخط.
والمنتخب في كثير من مبارياته تمكن فعلا من احراز اهداف من تكتيكات تناسب طريقة اللعب تلك، علي سبيل المثال لا الحصر، هدف محمد صلاح امام نيجيريا في الذهاب، وهدفه الأخير في تنزانيا.
3- المواظبة والاستمرارية في مراقبة اللاعبين: أرى ان كوبر ومساعديه يؤدون واجبهم في هذه النقطة بشكل اكثر من رائع، فهم لا يملون من متابعة كل المباريات ومتابعة حالات اللاعبين الفنية والبدنية مع انديتهم، ودائما ما تكون اختياراتهم منطقية للغاية طبقا لطرق اللعب التي يعتمدون عليها في المنتخب.
فمثلا... واحدة من اهم المعضلات التي واجهت كوبر مؤخرا هي مسألة اختيار هداف الدوري حسام باولو من عدمها، وهو القرار الذي اجد ان كوبر اتخذ القرار السليم فيه بعدم القدرة علي ضمه نظرا لتشابه الدور بينه وبين "احمد حسن كوكا"، فباولو من المهاجمين الـ"Finisher" الذين ستجدهم يتمتعون بمهارات معينة مثل "القوة البدنية، التمركز الجيد داخل الـ18، التسديد، الضربات الرأسية"، ولكنه سيفتقد مهارات أخرى مثل " التمرير الجيد – النزول الكثير لنصف الملعب، السرعة في الركض بدون كرة، السرعة في الركض بالكرة".
وبما ان أي فريق كرة قدم يحتاج لفقط للاعب واحد من نوعية المهاجمين الـ"Finisher"، فسيصب الاختيار في النهاية لصالح كوكا الذي درجته ستكون اعلي بحكم تواجده واحتكاكه الدائم يكون في أوروبا عن الدوري المصري.
4- ثبات التركيز بين الدورات المجمعة والمباريات المتباعدة: هذه النقطة الحكم سيكون فيها حتي الان علي شق واحد فقط هو المباريات المتباعدة في حين سيظل الحكم علي نقطة الدورات المجمعة مؤجل نظرا لعدم خوض المنتخب لأي بطولات من هذا النوع مع كوبر حتي الان.
وفيما يخص المباريات المتباعدة والتي شاهدناها في تصفيات كأس الأمم الافريقية، أجد ان كوبر تمكن من تحقيق نتائج مقبولة جدا في المجموعة، وتعامله الفني مع مباراتي نيجيريا علي وجه الخصوص كان جيد للدرجة التي مكنته من اخذ 4 نقاط كاملة من هذا المنتخب وضمان تصدر المجموعة دون حتى النظر لمباراة النسور الأخيرة مع تنزانيا والتي تحولت لتحصيل حاصل.
في النهاية، محصلة كوبر وجهازه الفني مع المنتخب حتى الان تعتبر جيدة، وسيكون الحكم اكبر واوضح في الفترة القادمة والتي ستشهد اختبارات اقوي مثل نهائيات الأمم الافريقية إضافة الي المرحلة الجادة من تصفيات المونديال، وضعا في الاعتبار ان هذا المقال لم يتطرق من قريب او بعيد "للامور الخارجة عن كرة القدم" والتي أيضا أرى ان كوبر والجهاز الفني استطاعا ان يتجاوزاها "بهدوء وعقلانية".
لا تكتفي بالقراءة .. ناقشني فيما كتبت عبر:
فيسبوك.. من هنا
تويتر .. من هنا