الجمعة 13 فبراير 2015
06:18 م
راقبت خلال الأيام الماضية ردود أفعال سقوط 22 ضحية أو "أكثر" في محيط ملعب الدفاع الجوي، ما بين اتهامات للداخلية والدولة من الرئيس للغفير، واتهامات اخرى للمسئولين الرياضيين والاعلام، بجانب اتهامات ثالثة ضد مجموعات الأولتراس.
رصدت أيضا كيف فسر كل شخص الحادثة حسب معتقداته وأفكاره و"رغباته" السياسية، الداخلية بلطجية، والإخوان اندسوا، ربما زيارة بوتين، أو السيسي ينتقم من التسريبات.. وتأكدت هنا من بعض الحقائق على النحو التالي:
الحقيقة الأولى: المشاعر الانسانية الطبيعية في مثل هذه الكوارث، تبدأ بالحزن الشديد على من مات، ربما يتحول الحزن لاكتئاب او انهيار نفسي وعصبي، ثم تدخل هذه المشاعر الانسانية في المرحلة الثانية، مرحلة التأكد من المسئول أو المتسبب، ثم المرحلة الثالثة وهي مرحلة الانتقام أو بلفظ أكثر آدمية "القصاص"، معظمنا قفز متخطيا المرحلة الأولى والثانية ليصل مسرعا للثالثة، اذن فنحن جميعا بات لدينا أزمة في التسلسل الطبيعي لـ "الانسانية"!
الحقيقة الثانية: هل تتوقع ان "المهندس" الذي صمم طرقا غير صالحة يموت عليها الناس يوميا كان "متعمدا"، هل تتوقع ان الدكتور الذي يعطي علاجا خاطئا لمرضاه كان "متعمدا"، هل تتوقع ان السواق الحشاش كان "متعمدا" قتل الناس، هل تظن ان التاجر النصاب "متعمدا" سرقة الناس أم ان - التجارة شطارة؟ هكذا كان مسئول الأمن الذي قرر إطلاق الغاز المسيل للدموع أمام تكدس جماهيري، هكذا كان مسئول الأمن الذي قرر وضع قفص حديدي لا يصلح إلا للـ "حيوانات" بغرض التأمين! .. السذاجة والبلاهة والجهل هم هؤلاء المجرمون الذين يعيشون معك في وطن واحد، وانت مش واخد بالك!
الحقيقة الثالثة: على الفيسبوك وتويتر تتناحر الناس تتشاجر الناس تتقاتل الناس حول المسئول عن الكارثة، لو وجدوا مسئولا "حقيقيا" يفصل بينهم ويظهر الجاني الحقيقي لما تشاجروا وتقاتلوا في "العالم الافتراضي" !
الحقيقة الرابعة: علمونا ان في الكوارث الطبيعية لا دخل للإنسان، كوارث تتم أولا وأخيرا بأمر الله، وفي اليابان حدث زلزال وموجات تسونامي في 2011 ومات 15 ألف شخص، كارثة طبيعية دي ولا لأ يا متعلمين يا بتوع المدارس؟ والنتيجة: استقالة رئيس وزراء اليابان لعدم قدرته على التعامل مع الكارثة! وفي مصر تحدث الكوارث "غير الطبيعية" الكوارث التي يرتكبها "الناس" عن عمد أو دون عمد، ولا يحاسب مسئول ولا يستقيل مسئول ولا "يستحي" مسئول!
الحقيقة الخامسة: في الكوارث والصعوبات هناك "أبطالا" يموتون وهناك "أبطالا" يتسلقون، الجميع يصرخ، يشجب، يندد، ويهاجم، كم بطلاً هاجم الداخلية، كم بطلا هاجم مرتضى منصور، كم بطلا هاجم الأولتراس، ولكن لا يوجد "بطل واحد" وضع الطريق الصحيح الذي به لن تتكر مأساة بورسعيد او الدفاع الجوي، لم يحدثنا كيف سيتعامل الامن مع الأولتراس مستقبلا؟ هل نعدم أعضاء الأولتراس؟ هل نعيش بدون داخلية؟ هل ننسى كرة القدم؟ .. الحقيقة ان الجميع يصرخ كـ"الندابة" التي لا يهما سوى المكسب المادي حتى ولو على جثث الأموات .. دور وتؤديه "بحرفية".
الحقيقة السادسة: صحيح ان عمر جابر اتخذ موقف بطولي، واثق شخصيا في نواياه الحسنة، لكن هذا ليس معناه ان لاعبو الزمالك الاخرين بالتأكيد "متخاذلين" فربما لم يعرفوا فعلا بسقوط أموات، وربما عرفوا ولكن الخوف على "لقمة العيش" -وهو تعبير مصري خالص- أهم عند معظم الناس من "أرواح الناس".
الحقيقة السابعة: ابراهيم محلب رئيس وزراء مصر، قال ان الدوري سيعود خلال أسبوعين، قبل حتى ان يعرف من المسئول عن الحادثة، قبل ان يعرف كيف لن تتكرر هذه الحادثة، وهو يعرف ان مصر على مشارف انتخابات مجلس شعب وتجمع اقتصادي عالمي، قبل حتى ان يتصور كيف سيكون رد فعل جماهير الزمالك الغاضبة.. قبل ان يحاسب وزير داخليته ووزير الرياضة، ورئيس اتحاد الكرة، المؤكد ان كارثة بورسعيد وكارثة الدفاع الجوي، سيتكرران ما دمنا نفكر بمنطق: الحمد لله عالجنا الجرح الغائر بشوية "بن"!
الحقيقة الثامنة: التقيت الرئيس عبد الفتاح السيسي في اجتماع الاعلاميين الشباب منذ أشهر قليلة، سألته تحديدا هل مرتضى منصور واخرين مسنودين من الدولة او محسوبين على رئيس الجمهورية فكان رده قاطعا: "لست محسوبا على أحد، ولا يوجد شخص محسوبا علي" .. ونحن في انتظار التأكيد.
الحقيقة التاسعة: أدعوكم لمراجعة مقالي
"الأقرب للحقيقة .. ما بعد الكارثة" بعد عام من مأساة استاد بورسعيد، ربما تصلح بما كتب فيها لوقتنا هذا، استعير منها فقط ما يلي "الاعلام الرياضي كان طرفا رئيسيا في أحداث فبراير الأسود، بعض الشخصيات الاعلامية اعتادت اشعال فتيل النار بين الجماهير، توقع البعض ان تتغير هذه الوجوه، ولكن بقيت - ربما بنفس الإطلالة السوداء - وإن تغيرت الكراسي.
الحقيقة العاشرة: لو أغضبتك كلماتي السابقة لا تشتمني، ترحم على أرواح من ماتوا، واتمنى ان تُفتح لهم أبواب الجنة، وساعتها تأكد ان شتيمتك ليا وصلتني.. هفهم يعني!
للتواصل مع الكاتب مباشر عبر تويتر أضغط هنا
للتواصل مع الكاتب مباشرة عبر فيسبوك أضغط هنا