جميع المباريات

إعلان

أثينا 2004: ذهبية المصري كرم جابر في المصارعة الرومانية

كرم جابر

صورة أرشيفية لكرم جابر

(وكالات)

30 ثانية كافية لاشتمام الفريسة ، نصف ثانية متأخرة  ، حركة هجومية فيها الكثير من المخاطرة ، قدم منزلقة ، ليصبح كيانك كله تحت رحمة بطل العالم قبل عامين ، كونك الشخص الذي يمكنه أن يحرز أول ذهبية لبلاده بعد 56 عاماً أصبح محل شك ، السقوط على الأرض ومن فوقك فريستك يساوي التأخر بنقطة ، مرفوع على ساعدي الخصم استعداداً لخسارة ثلاث نقاط مرة أخرى ، فقدان التحكم ، في تلك اللعبة يجب تقبل ارتطام وجهك بالأرض بهدوء ، المرشح الأول أصبح معلقاً في الهواء ، قبل أن يتم تعديل وضع خصمك لتصبح في المواجهة ، حركة واحدة تحولك من فريسة لوحش مجدداً ، تسقط بجمسك كله على صاحب المايوه الأحمر في حركة هجومية مضادة ، صمت في القاعة لحين انتظار الحكم النهائي على اللعبة.

الدقيقتان التاليتان لتحديد مصير اللعبة في الإعادة التلفزيونية ، يقف صاحب الرداء الأزرق المطبوع عليه حروف EGY بثبات ، 24 سنة من القوام المصنوع ، المشاوير اليومية لمركز شباب القباري بالأسكندرية ، مصاحبة شقيق أكبر كان وحشاً على الحلبة بأيامه ، داخل صالات بحاجة دائة لترميم ، الآن هو ينتظر بصالة آنا ليوسيا اليونانية مستنداً على ركبتيه منتظراً القرار الذي قد يقربه من ميدالية ذهبية في وزن ال96 على حساب الجيورجي راماز نوزادزي ، الحكم يشير إلى احتساب نقطتين لكرم جابر ، الذي أصبح متقدماً 2 – 1.

لا توجد ردود أفعال احتفالية من المصري ، فقط رغبة في استئناف اللعب ، ذلك الثبات الذي كان يبدو غريباً على أجيال كاملة من الرياضيين المصريين في الأوقات الحاسمة ، ينتمي لعالم الأسكندرية الشعبي بكل تنافسيته، ولكنه لا ينتمي لثقافة رياضية لا تستطيع تصديق إمكانية تحقيقها لأي إنجاز ، كرم يهبط على جسم نوزادزي لاستئناف إمساكه به ، لا يفكر كثيراً فيما يجب أن يفعله ، كان يشعر بأنه أمام مهمة يجب إكمالها ، لا يستحق إضاعة الوقت معها ، وكأنه يرغب في حسم منازلة أوليمبية نهائية بالعلامة الكاملة ، تلك الجراة المثيرة للإعجاب.

رمزية وصول كرم بعد أكثر من نصف قرن من الإحباطات تضاعفت مع ظهور أبرز Showman  للمصارعة الرومانية خلال النصف الأول من القرن الجديد ، الاحتفاظ بالطابع الاستعراضي للعبة ، كأنه ذلك المصارع في نسخته الأولى الذي يقيس قوته بحجم صيحات جمهوره ، وكأنه من عالم إبراهيم شمس في النصف الأول من القرن العشرين ، نصف رياضي ونصف بطل شعبي تتويجه الحقيقي بمواكب تبدأ من كورنيش البحر.

محتفظاً بأسطورته المبكرة كأحد أبرز موهوبي جيله ، من عمر الخامسة عشرة برفقة المنتخب الأول، وبين أساطير مغامراته ومشاغباته الجانبية ، متمرد يصعب التحكم فيه داخل وخارج الحلبة ، استفاقة حقيقية في سن الثانية والعشرين ببطولة العالم 2001 ، تلاها الحصول على ثاني العالم في موسكو بعد خسارته من التركي محمد أوزال ومن بعدها الحصول على ثاني العالم في ضاحية كريتيل الفرنسية في العام التالي بعد خسارته من السويدي مارتن ليدبرج ، وكأن الحصول على الذهب كان يعانده ، لكن دون أن يفوته لفت الأنظار بألعابه النارية الخاصة.

النية لدي كرم في خوض بداية حاسمة في أثينا كانت واضحة منذ الدور الأول ، تصدره لمجموعته الرباعية كان يعني صعوده لنصف النهائي مباشرة ، المرة الأولى لأي مصارع مصري منذ حسن الحداد في سول 1988 ، ليحسم كرم مباريات المجموعة الثلاث بانتصارات متوالية على البولندي ماريك سيتنيك 6 – 0 ، ثم 11 – 6 في مواجهة مثيرة مع اليوناني جيورجيوس كوتسيومباس ، وأخيراً على الكازاخستاني أسيت مامبيتوف 3 – 0.

في اليوم التالي 26 أغسطس ، كان كرم يعلم أن ليدبرج قد تم الإطاحة به من الدور الأول ، ونفس الأمر مع إيرنستو بينيا الكوبي أحد أهم أسماء وزن 96 في السنوات الأخيرة ، والذي سقط أمام ميمت أوزال التركي ، ومنافس كرم في نصف النهائي ، وقاهره في نهائي العالم في موسكو 2002 .

المواجهة أمام أوزال كان "الفترينة" لمواهب وقدرات كرم التي وصلت لأقصاها ذلك العام ، رقصة باليه بدأت بجس نبض ل30 ثانية فقط ، قبل أن ينزل به حركتي سوبليكس أجهزتا تماماً على التركي ، والذي تحطم كتفه بالكامل ، كرم كان يحمل خصمه بتمهل كعنكبوت يحمل كائنا ما سقط في شباكه ، 11 نقطة متوالية ، وتأهل للنهائي بالتفوق الفني الكامل ، تفوق أجبر أوزال على رفض مصافحة جابر بعد شعوره بالحرج.

مواجهة نوزادزي في النهائي كانت تصاحبها رغبة كبيرة من كرم في حسم أمرها سريعاً ، دون الدخول في الفترة الثانية بموقف التعادل ، مدركاً أنه يواجه بطل أوروبا 2003 و ثالث العام خلف كرم نفسه في كريتيل ، بعد 46 ثانية ولجوء الحكام للإعادة التلفزيونية بدأ كرم عرضه الخاص متقدماً 2 – 1 ، ودون أن يعطي خصمه فرصة كان يقوم بحركة دوران أهدته ثلاث نقاط إضافية ، وقبل نهاية الفترة الأولى بدقيقة فشلت محاولة جديدة لحسم الأمور بدوران آخر لم يكتمل ، إلا أنه تابعها بحركة دوران ناجحة بعدها بعشر ثوان أهدته أربع نقاط أخرى. مشاهدة كرم في تلك الأمسية من أغسطس كانت فرصة لجيل كامل لمتابعة تلك الثقة في لعبة نزالية ، معنى المرشح الأول ، ممسكاً بنوزادزي ومطيحاً به خارج الحلبة تماماً كورقة شجر.

 وفي الوقت الذي بدأت فيه الفترة الثانية كان كرم بحاجة إلى هجوم واحد ناجح للفوز بالتفوق الفني الكامل ، تلك اللعبة الأخيرة هي تجسيد لمفهوم المخاطرة لدي ابن النادي الأوليمبي ، مقرراً شل حركة الجورجي بإمساكه من ذراعيه ، بنية القيام بحركة دوران من ذلك الوضع ، لقد أرادها من خلال الطريق الأصعب ، وسط صراخ جهازه الفني بصرف النظر عن هذه الفكرة ، إلا أن الوقت كان قد تأخر ، بعد ثانيتين فقط كان الجورجي ضحية دوران جديد أهدى ثلاث نقاط نهائية حاسمة للشاب السكندري.

 احتفال بدورتين أكروباتيتين في الهواء ، تبعها مزاح مع مدربه بحركة رومانية على البساط ، بدا كفتى أراد إسعاد الجماهير بمقاعدهم ، غير قادر على النفس خارج الحلبة ، غير مدرك أن منافسه الأكثر شراسة يمكث بداخله بالغ الطموح ، وخارجه غير قادر على استيعاب ذلك الطموح ، ليبقى أسطورة في حضوره الطاغي، وفي غيابه الغامض ، في انتظار العثور على خلاصه النهائي في لندن.

فيديو قد يعجبك:

الإحصائيات

جميع الإحصائيات

التعليقات

مسابقة ملوك التوقعات

توقع الآن
تطبيق يلا كورة

تابع الأحــداث الرياضيــة و حــمــل التطبـيق الآن

appimg