لم يتم العثور على نتائج البحث

جميع المباريات

إعلان

تاريخ المصريين مع كرة القدم (20) .. حيدر بك والبرنس وأزمة جنيف

ياسر ايوب

د\ ياسر ايوب

كانت انتخابات يونيو عام 1928 هى أول انتخابات حقيقية .. ساخنة وصاخبة .. فى تاريخ الاتحاد المصرى لكرة القدم .. ويمكن اعتبارها آخر انتخابات أيضا .. بمعنى أن أى انتخابات لهذا الاتحاد شاهدناها مؤخرا أو سنلحق بها ونتابعها مستقبلا .. هى مجرد نسخة مكررة من انتخابات عام 1928 .. مجرد تغيير فى الأسماء والوجوه ولكن بنفس الرؤى والأفكار والحسابات والقواعد .. نفس الشكاوى والصرخات الرافضة لنظام الانتخابات وأساليبها .. نفس الاحتجاج والسخرية والغضب لأصوات الأندية التى يتم شراؤها بالمال أو الوعود والخدمات .. نفس الضغوط التى تمارسها الحكومة ورجال الأمن على الأندية لمصلحة مرشحين بعينهم .. نفس الأندية التى ليست لها أى قيمة كروية ولا أى نشاط ظاهر وواضح ولكنها تظهر فجأة وقت الانتخابات للاستعراض والمساومة والبحث عن أى مكاسب ومصالح.

ومن يومها والصحافة تهاجم وتنتقد ذلك لكن لا شىء يتغير .. تقوم فى مصر ثورة يوليو ثم بعدها ثورة يناير وتشهد مصر حربا عالمية وتخوض ثلاثة حروب ضد إسرائيل وتتحول من الإشتراكية إلى الانفتاح ثم الفوضى .. ويبقى اتحاد الكرة على حاله بنفس عناوينه وسياساته وانتخاباته.

وقد انتهت تلك الانتخابات عام 1928 بجعفر والى باشا رئيسا للاتحاد .. وشغل منصبى الوكيلين سمو الأمير عباس حليم ومحمد حيدر بك .. وأحمد فؤاد أنور فى منصب السكرتير العام .. ومحمد نجاتى أباظة بك أمينا للصندوق .. وإبراهيم علام أفندى ومصطفى العروسى أفندى مراقبين للحسابات .. ولم تكن هذه النتيجة تعنى شيئا جديدا إلا بداية الصراع الحقيقى داخل اتحاد الكرة بين الأهلى والزمالك .. فرئيس الاتحاد الذى أعيد انتخابه مرة أخرى رئيسا .. كان هو جعفر والى باشا الذى هو فى نفس الوقت رئيس للأهلى .. ولم تكن بقية الأسماء الأخرى جديدة باستثناء الأمير الاى محمد حيدر بك الذى أصبح وكيلا لاتحاد الكرة وهو فى نفس الوقت رئيس لنادى الزمالك.

وأتصور بعد قراءة معظم حوارات وتصريحات الرجل وكتابات كثيرة عن أفكاره مشاويره وأهم محطات حياته .. أنه دافعه لخوض سباق الانتخابات والتواجد داخل اتحاد الكرة كرجل ثان بعد الرئيس أنه أدرك .. بواقعية وذكاء .. قواعد اللعبة الكروية فى مصر مبكرا جدا .. فالرجل بات مقتنعا بضرورة أن يصبح للزمالك يد طولى وذراع قوية داخل اتحاد الكرة بحيث يضمن الزمالك حقوقه مثله مثل النادى الأهلى .. فالأهلى له الرئيس والزمالك أصبح له الوكيل وقد يكون الرئيس فى المستقبل.

وأثبتت الأيام والشهور والسنوات التالية صدق رؤية حيدر بك .. وجعفر والى باشا أيضا .. ثبت وتأكد أن مصر لم تملك أبدا اتحادا للكرة .. وإنما هو فى الحقيقة مجرد لقاء ثنائى بين الأهلى والزمالك يسوده أحيانا تفاهم واتفاق وغالبا توتر وخلاف وعداء وحساسية .. وبالتالى لم يحدث أبدا .. وفى أى وقت مضى وحتى الآن .. ولأى سبب .. أن انتصر هذا الاتحاد على أى من الأهلى أو الزمالك فى أية مواجهة أو أزمة .. بل ولم يمض وقت طويل على انتخاب حيدر بك وكيلا لاتحاد الكرة حتى بدأ الرجل يستخدم هذا المنصب وهذه القوة داخل الاتحاد لمصلحة الزمالك .. تماما مثل جعفر والى باشا رئيس النادى الأهلى ورئيس اتحاد الكرة فى الوقت نفسه.

على أى حال .. بدأ اتحاد الكرة بعد انتخاباته وإعلان نتائجها يتصدى لمشكلاته وأزماته .. وبقيت بطولة الدورى على رأس هذه المشكلات مثلما كانت نفس هذه البطولة هى المشكلة الأولى طيلة السنوات السابقة .. وقررت منطقة القاهرة المبادرة بتقسيم أندية الدرجة الأولى .. أو حرف أ .. التابعة لها إلى قسمين .. فى القسم الأول الأهلى والزمالك والترسانة .. وفى القسم الثانى الأندية السبعة الباقية بحيث تلعب هذه الأندية مع بعضها بعضا أولا ليتم تصفيتها إلى ثلاثة أندية فقط تلتقى فى دورى الدرجة الأولى مع أندية القمة الثلاثة .. الأهلى والزمالك والترسانة.

وقد اجتمع اتحاد الكرة لاحقا  يوم الرابع عشر من شهر أكتوبر وأقر منطقة القاهرة فيما انتهت إليه من تقسيم للأندية التابعة لها ..  وشهد هذا الاجتماع تغيير الاسم الرسمى لمسابقة الكأس .. من مباريات التفوق لنيل كأس الأمير فاروق .. إلى كأس الأمير فاروق .. أما بطولة الدورى .. فبقيت باسمها القديم والغامض .. بطولة الألعاب الدورية .. والتى تأتى كقمة الهرم الكروى فى مصر بعد مباريات دورى القاهرة .. ودورى الإسكندرية .. ودورى القناة .. ولم ينشغل الجميع أكثر من ذلك بوضع نظام ثابت وصارم وواضح للدورى فى مصر .. وحتى الآن فى 2011 .. لا يزال اتحاد الكرة عاجزا عن وضع أى شكل ثابت للدورى العام فى مصر .. كأنها دائرة مغلقة تدور فيها الكرة المصرية سنة بعد أخرى .. لا تطوير يجرى ولا تغيير يحدث ولا إصلاح يكتمل .. وكأننا لا نزال نعيش فى عام 1928.

وفجأة .. ظهرت على السطح أزمة جديدة اسمها أزمة جنيف .. أزمة شغلت مصر كلها فى تلك الأيام وتحول اتحاد الكرة فيها وبسببها إلى ساحة لصراع قاس ولكن غير معلن بين الأهلى والزمالك .. وبدأت تلك الأزمة بالإعلان عن فضيحة أخلاقية ارتكبها اثنان من لاعبى المنتخب المصرى العائد من دورة أمستردام الأوليمبية أثناء توقف المنتخب فى مدينة جنيف .. وأقام المنتخب فى لوكاندة العائلات فى جنيف المعروفة باسم الفواياجير .. وهناك ارتكب اللاعبان المصريان .. محمد جمال الدين ومحمد حسن .. فعلا أخلاقيا فاضحا ومشينا.

والمثير فى الأمر أنه على قدر ما اهتمت الصحافة المصرية وقتها بهذه الحادثة .. فكتبت وأطالت وأعادت وانتقدت وسخرت ودافعت وبررت .. إلا أنها لم تذكر مطلقا ما هو هذا الفعل الفاضح والمشين .. وكثيرا ما شعرت بالغيظ والغضب وأنا أتابع صحافة تلك الأيام وكتابها ومحرريها وهم يطلبون من القارئ أن يقف معهم وأن يشاركهم ويقاسمهم إدانة واستنكار هذا الفعل الفاضح دون أن يتطوع أى أحد من هؤلاء الكتاب بشرح ـ ولو باختصار شديد وإيجاز ـ ماذا فعل اللاعبان بالضبط فى لوكاندة العائلات فى جنيف.

حتى التقرير الرسمى للبعثة الكروية المصرية عقب عودتها إلى القاهرة والذى كتبه بنفسه أحمد فؤاد أنور بك سكرتير اتحاد الكرة ورئيس البعثة .. لم يكتب فى تقريره الرسمى ما هو هذا الفعل الفاضح .. والذى أدى إلى طرد البعثة المصرية من اللوكانده وإلى حد أن مدير هذه اللوكانده أبدى استعداده للتغاضى عن بقية حساب إقامة المصريين فى مقابل رحيلهم بأقصى سرعة .. وأمام هذه الضجة التى صاحبت فضيحة جنيف .. بات من المتوقع أن يقرر اتحاد الكرة شطب هذين اللاعبين نهائيا من سجلات الاتحاد .. ولكن حيدر بك كان له رأى آخر .. فأحد هذين اللاعبين .. وهو محمد جمال الدين الذى اشتهر بلقب البرنس .. كان يلعب للزمالك .. ولم يوافق حيدر بك على شطب البرنس لأن الزمالك كان يحتاج إليه.

وسرعان ما انقسم اتحاد الكرة بشأن العقوبة المناسبة للبرنس إلى فريقين .. فريق يتزعمه جعفر والى باشا رئيس النادى الأهلى ورئيس الاتحاد يدعو إلى شطب اللاعب .. وفريق آخر يتزعمه حيدر بك رئيس نادى الزمالك ووكيل اتحاد الكرة يدعو إلى عدم شطب اللاعب .. وكانت الأغلبية مع حيدر بك وليس مع جعفر والى باشا .. فشعر الباشا بالإهانة فقرر التقدم باستقالته .. واستقال أيضا أحمد فؤاد أنور .. واجتمع اتحاد الكرة يوم الأربعاء الرابع عشر من شهر نوفمبر وقرر قبول استقالة الباشا مع شكر معاليه على ما قام به من خدمات وتقديم دعوة دائمة لمعاليه لحضور جميع المباريات التى يقيمها الاتحاد .. وشهد الاجتماع أيضا قبول استقالة أحمد فؤاد أنور بك .. أما القرار الأهم فكان شطب البرنس واللاعب الآخر .. محمد حسن .. من سجلات الاتحاد بناء على معلومات بلغت مسامع حيدر بك وتؤيد سوء سلوك اللاعبين فى جنيف.

ولم أجد فى هذه القصة إلا تأكيدا على خرافة اتحاد الكرة فى مصر .. وإنما هو دائما وأبدا صراع بين الأهلى والزمالك .. فقد بدا أن الصراع الذى شهدته أروقة الاتحاد خلال الأيام الطويلة السابقة .. لم يكن أبدا صراعا على الأخلاق والمبادئ أو مصلحة الكرة المصرية .. إنما هو صراع على لاعب وهل يلعب للأهلى أو الزمالك أو لا يلعب للإثنين معا .. وكالعادة .. انتهت هذه الأزمة دون أن يستقيل بالفعل أى من السادة الذين أداروا اتحاد الكرة وبقوا يديرون شئون وشجون الكرة المصرية .. وبقيت معهما أيضا تلك الحساسية المشتعلة دوما بين الناديين الكبيرين.

فيديو قد يعجبك:

الإحصائيات

جميع الإحصائيات

التعليقات

if (!Request.Url.ToString().ToLower().Contains("/Predictions") && !Request.Url.ToString().ToLower().Contains("/roadtocup") && !Request.Url.ToString().ToLower().Contains("/match-squad") && !Request.Url.ToString().ToLower().Contains("/choosesquad") ) {

مسابقة ملوك التوقعات

توقع الآن
}
تطبيق يلا كورة

تابع الأحــداث الرياضيــة و حــمــل التطبـيق الآن

appimg