الخميس 8 يوليو 2010
08:05 م
منذ بداية مباريات كأس العالم ظهر المنتخب الألماني بشكل جيد أمام استراليا وفاز عليها بالأربعة، ثم خسر من صربيا بهدف مقابل لا شئ وبعدها فاز بشق الأنفس على غانا بهدف مقابل لا شئ أيضاً وكانت غانا هي الأفضل في كل شئ وبعدها حققت ألمانيا فوزاً تاريخياً على انجلترا برباعية مقابل هدف ثم فازت على الأرجنتين بأربعة أهداف مقابل لا شئ .
هذه النتائج نظر إليها الكثيرون بشكل خاطئ تماماً وهو النظر للنتيجة دون النظر إلى ظروف كل مباراة وهو ما أعطى من وجهة نظري إنطباعاً خاطئاً عن منتخب ألمانيا .
وصول ألمانيا لربع نهائي المونديال حدث ليس جديد على الألمان ويحققونه بأي فريق وفي أي وقت فهم يصلون إلى ربع النهائي دائماً فهذه لا يقاس عليها قوة منتخب ألمانيا في البطولة الحالية .
في مباراة انجلترا قدم الألمان مباراة جيدة ولكنهم لم يكونوا الأفضل على الإطلاق كما ظن البعض ولكن عدم احتساب هدف لامبارد هو ما قلب الموازين كلها في هذه المباراة وجعل الألمان يفوزون بالأربعة وسط انهيار كامل لمنتخب انجلترا .
مباراة الأرجنتين كانت مباراة واضحة المعالم تماماً، فريق منظم يواجه فريق يلعب " بالبركة " وعلى الرغم من ذلك تقدمت ألمانيا بهدف مقابل لا شئ بعد ثلاث دقائق ولم تفعل شيئاً آخر بعد هذا الهدف حتى الدقيقة 70 حيث أحرزت ألمانيا هدفها الثاني ثم انهارت الأرجنتين تماماً وتلقت الهدفين الثالث والرابع وكان من الممكن أن تتلقى الخامس والسادس .
وقبل مباراة أسبانيا وألمانيا قلت للجميع إن أسبانيا ستفوز بسهولة شديدة وستلقن الألمان درساً في كرة القدم وذلك يرجع لسببين أولهما أن الأسبان أقوياء في كل شئ: المهارة التنظيم الإلتزام، وهو ما لم تواجهه ألمانيا في فريق على مدار البطولة إلا مع صربيا وانهزمت منها وغانا و التي فازت عليها بضربة حظ وبصعوبة بالغة .
وبالتالي فإن مواجهة أسبانيا كانت بالنسبة للألمان هي أول اختبار حقيقي عملي بعيداً عن أسماء الفرق وكان النجاح حليف الأسبان تماماً في المباراة .
وأكبر دليل على أن وجود مدير فني كبير في أسبانيا يعرف من أين تؤكل الكتف أنه فاجأ الجميع بوضع بيدرو أساسياً في المباراة وهو الذي لم يلعب أساسياً في أي مباراة أخرى ولكنه عرف تماماً أن بيدرو هو سلاحه الفعال لإنهاك قوى الألمان وإرباك كل أوراقهم، فقد لعب ببيدرو في جهة اليمين أحياناً وجعله حراً أحياناً أخرى ليتبادل موقعه مع "العبقري" انيستا وبالتالي أربكت أسبانيا حسابات الألمان من البداية ولم تستطع الماكينات الألمانية أن تلتفت إلى ما يقوم به هذا العبقري العجوز "ديل بوسكي" .
عندما واجه الألمان فريقاً منظماً ومهارياً خسروا، ورغم أنهم منذ بداية البطولة لم يقدموا الإمتاع الذي تحدث عنه البعض إلا أن هذا لا يمنع من القول بأنهم فريق قوي يعرف كيف يفوز ويستغل كل عيوب الخصم وهو أمر يحسب لهم بالطبع ولكن عندما واجهوا فرقاً منظمة وملتحمة الصفوف وجدوا صعوبات بالغة وهو ما حدث مع صربيا وغانا وأخيراً مع أسبانيا .
منتخب أسبانيا حالياً أفضل فريق في العالم بلا منازع، فهو الفريق الوحيد الذي يلعب بواقعية شديدة من بعد الهزيمة المفاجأة أمام سويسرا في بداية المونديال ولكنهم عرفوا كيف يتحركون من هذه النقطة حتى وصلوا إلى نقطة النهاية .
ولكن أسبانيا ستواجه فريقاً يلعب بأسلوبها وهو هولندا، فهذا الفريق المنظم جداً قد لا يمتعك كثيراً هذه المرة ولكنه يعرف كيف يفوز وبالتالي فإن مباراة هولندا وأسبانيا من وجهة نظري هي النهائي الحقيقي والمعبر تماماً عن قوة منتخبات كأس العالم، فالأقوى بالفعل يلعب النهائي وبذلك فإن متعة المشاهدة مضمونة .. واتمنى فقط من الجميع أن يتعلموا الدرس أو الدروس التي شاهدناها في هذه الكأس وهي كثيرة جداً ولكن أهمها ألا تنخدع بالنتائج دون تحليل دقيق للمباريات .. وأن تستطيع أن تقرأ ما يحدث بدون أن تنظر إلى نتيجة المباراة لأنها أحياناً ما تكون خادعة .