AFP
السبت 22 مايو 2010
10:01 ص
بتغرين (لبنان) (ا ف ب) - قبل ثلاثة اسابيع على انطلاق كأس العالم لكرة القدم في جنوب افريقيا ينقسم اللبنانيون حول تاييد الفرق المشاركة بحدة لا تقل عن انقسامهم في السياسة، لكن اداة المعركة هي الاعلام من كل الاحجام والالوان بدل الخطب النارية... والسلاح.
ويقول ايلي صليبا (24 عاما) بينما يجهد بتثبيت علم الماني عملاق على واجهة منزله في بتغرين (شمال شرق بيروت) "هذا الحي كله الماني"، اي مع منتخب المانيا لكرة القدم. واضاف "بدأنا منذ اسبوع تنظيم مواكب سيارة تجوب البلدة بالابواق استعدادا للمونديال".
وتحتل المانيا والبرازيل الاولوية في ولاءات اللبنانيين، الى حد ان مؤيدي الفريق الالماني يعتبرون ان خصومهم الحقيقيين هم "البرازيليون" والعكس صحيح. وتأتي ايطاليا واسبانيا في مرحلة لاحقة ثم الارجنتين وهولندا.
ودفعت الحماسة للمنتخب الالماني فتى من سكان الحي الى تعليق علم الماني ضخم على شرفة منزله مع الصليب النازي المعقوف حسبما روت لوكالة فرانس برس جارته الشابة رافضة الكشف عن اسمها.
وقالت ان ذلك تسبب باحراج للجيران "الذين طلبوا منه ازالته"، موضحة انه اراد القول انه "متعصب لالمانيا بقدر ما كان هتلر متعصبا لها".
ويتباهى ايلي بان علمه هو الاكبر في المنطقة ويبلغ طوله عشرة امتار وعرضه حوالى مترين. وقد دفع ثمنه مئة دولار. ويقول "الحماس في كل مكان وكرة القدم افضل من السياسة".
ويوافقه الرأي غريمه "البرازيلي" ميشال المر (30 عاما) الذي يقول "في الانتخابات تحصل مشاكل قد تتطور الى قطيعة بين الاصدقاء. في المونديال، اقصى ما يحصل تسابق على تعليق الاعلام وحجم المواكب السيارة. ونبقى كلنا احباء". ثم ينظر الى الاعلام الالمانية ويقول ضاحكا "قد اضطر لتمزيقها كلها اذا ربحت المانيا".
وغالبا ما تؤدي الانقسامات السياسية الى مشادات حامية حتى بين افراد العائلة الواحدة، بينما شهد لبنان في السنوات الاخيرة ازمات سياسية تطورت الى معارك في الشوارع. وعن اسباب تأييده للبرازيل، يقول المر "من منطلق وطني وعاطفي. يوجد ثمانية ملايين لبناني في البرازيل مقابل اربعة ملايين داخل لبنان".
في بكفيا، البلدة المجاورة، تقول كارلا رياشي (28 عاما)، الموظفة في محل لبيع الهدايا، انها متحمسة للمونديال "مثل الشباب واكثر". وتضيف "انا مع المانيا. اذا خسرت المانيا اصبح مع اسبانيا. المهم انا ضد البرازيل".
وتبيع المحلات التجارية، من المكتبات العادية الى المتاجر الكبرى الى الاكشاك، كل انواع الصور والملصقات والاعلام والقمصان والاحذية والاكسسوارات بالوان الفرق المشاركة.
على طريق جونيه (شمال بيروت)، يسأل سائح فرنسي لبنانيا ان كان لبنان مشاركا في بطولة كاس العالم، ثم يبدي استغرابه لكل هذا الحماس عندما ياتيه الجواب نفيا. ويسأل ضاحكا "لكن اين فرنسا؟ الاعلام الفرنسية قليلة. ظننت ان بيننا صداقة وتاريخ؟".
وتنتشر الاعلام في كل مكان، على الابنية والشرفات، في المقاهي، وخصوصا على السيارات.
في "مصنع شرارة للاعلام" في الاوزاعي، ضاحية بيروت الجنوبية، ينشط العمال على مدى ساعات النهار والليل في حياكة الاعلام وتوضيبها، فيما سيل الزبائن لا يتوقف. احدهم يطلب علما برازيليا بطول 120 مترا.
وتؤكد دلال مغنية (ام هادي) التي تدير المصنع مع عائلتها ان الموسم مزدهر وبدأ منذ اربعة اشهر "وغطى على موسم الانتخابات البلدية" التي تكون عادة مناسبة لبيع اعلام الاحزاب.
وليس مصنع شرارة الذي يبيع بمعدل عشرة الاف علم يوميا، المستفيد الوحيد من المونديال. فوسط العاصمة يستعد لاستضافة حدث ضخم بعنوان "بيروت وورد كاب فان بارك" (مجمع بيروت لمشجعي كاس العالم) يمتد على مساحة سبعة الاف متر مربع في منطقة سوليدير الواجهة البحرية وتبلغ كلفته نصف مليون دولار تقريبا.
ويقول احد مديري المشروع مروان بورعد انه سيكون بامكان الزوار مشاهدة بث مباشر لمباريات كاس العالم عبر شاشة عملاقة بعرض 13 مترا وطول ثمانية امتار.
وفي موازاة ذلك، سيتم تنظيم دورة "ميني فوتبول" بين فرق تتبنى اعلام فرق المونديال. ويتسع المكان لحوالى 2500 شخص في المدرج والملعب واجنحة الطعام والترفيه، الى جانب خيمة تستضيف "زوار النخبة". وتستعد المقاهي والمطاعم لبث المباريات مباشرة وتقدم برامج خاصة للمناسبة.
والمفارقة ان اللبنانيين عاشقي كرة القدم العالمية ممنوعون من مشاهدة مباريات الكرة المحلية التي تقام منذ سنوات من دون جمهور في الملاعب بسبب الحساسيات السياسية المرتبطة بولاء كل فريق لطرف سياسي معين. غير ان السياسة لا تغيب كليا عن المونديال.
وتقول شانتال بينما تعلق علم ايطاليا على سيارتها "في المطلق احب الولايات المتحدة، احب (الرئيس الاميركي باراك) اوباما وطريقة عيش الاميركيين لكن لا يمكننا القول ان الفوتبول هو نقطة قوتهم".
اما ام هادي المتحمسة لحزب الله، فتبدو غير راضية تماما عن وجود العلم الاميركي في مصنعها. وتقول بين الجد والمزاج "انذرت زوجي بانني لن المسه ولا يهمني ان بعت ام لم ابع".