الأربعاء 21 أبريل 2010
07:13 م
صدق المثل الشعبي القائل "عاوزين جنازة ويشبعوا فيها لطم" وهو مثل مصري تثبت لنا الأيام أن من أطلقه لم يخطئ، بل قال ما يحبه الباحث عن الصغائر والتفاهات من اجل النفخ فيها وجعلها مثل المنطاد حتى يطير فوق أجواء حياتنا وكأننا انتهينا من جميع مشاكلنا الحياتية.
ما أكثر الأشياء والأحداث الجميلة التي تواكب يومنا ومنها مباريات كرة القدم التي غابت عن معظمها في الفترة الأخيرة المتعة وجمال الأداء، لذا فهي نادرة وندعو دائما قبل بدايتها أن تكون مباراة جيدة ومثيرة من اجل الإمتاع.
وفي مباراة القمة الأخيرة بين الأهلي والزمالك شاهدنا بأعيننا ما كان عليه اللقاء من جماليات وفنيات وإمتاع وإثارة، فهو بالفعل كان لقاء شاملا لجميع ما تحمله كرة القدم من معان وبشهادة جميع المتابعين وحكم اللقاء الأجنبي، وبرونو ميتسو مدرب منتخب قطر الذي استمتع بالمباراة ولم يخرج من رحلته إلي القاهرة بلا فائدة.
القمة شهدت إقبالا جماهيريا كبيرا من أنصار الفريقين، أكمل برواز اللوحة الجميلة التي انتهت بين الفريقين بتعادل ارضي الطرفين إلي حد ما مع اختلاف الدوافع، كل ذلك تركناه جانبا بل ألقيناه في صندوق القمامة وتفرغنا للبحث عن تفاهات تشوه تلك الصورة.
ويبدو أن اللطم علي الخدود أصبح هواية الفضائيات وجميع وسائل الإعلام الرياضية عندنا، فبدلا من أن يقوم من تابع المباراة بالحديث عن فنيات اللقاء وما حدث بها، نجد فاصلا من "الرغي الفارغ" والبحث عن فضائح وسقطات للبعض قد تكون تحدث في أي مكان في العالم ولكن عندنا "عيب وحرام ومايصحش".
نعم اختلف مع حسام حسن فيما قام به عقب اللقاء لأنه في الأول والآخر مدير فني لا يجب أن يلتفت لما تقوم به الجماهير وتقوله، حيث عليه أن يتنبه في كل مرة انه الآن ليس لاعبا أو مشجعا، ولكني في الوقت ذاته أتعجب من هواية البعض في الجري وراءه بكاميرات التليفزيون من اجل البحث عن الشهرة واخذ أي تصريح به كلمة أو فعلة تؤخذ علي حسام وتتكلم عنها الجماهير والفضائيات ولتذهب المباراة وما فيها إلي الجحيم !
والأدهى من كل ذلك أن الأقوال تتوالي ولا تتوقف بعد كل مباراة، لأن فلان قال كذا وعلان رد قال كذا، وما أجمل من أن يري هواة النفخ في النار الجماهير تتحدث وتقول "شفت فلان عمل إيه امبارح؟ دا قناة كذا ذاعت الكلام" .. شيء مقزز بالفعل.
وبعدها انتشرت عبر المنتديات ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة ما قام به محمد بركات، وإذا ما كان فعلا خادشا للحياء أم انه احتفل بشكل عادي ولم يقم بأي شيء، وهل كان الصباع الأخير ولا الصباع الأول؟ .. مش عارف إيه حكاية الصوابع اللي ماشية في البلد دي ؟!
وفي وسط كل هذا الجدل والخزعبلات والخرافات، كان هناك ابناً من أبناء مصر يعاني .. ابناً حمل شعار وعلم بلده في الغربة .. ابناً وقع عليه ظلم شوه سمعته وسمعة بلده ومنتخبه ولوث فوز مصر بكأس أمم إفريقيا وهو حسام غالي الذي لم ينصفه احد من مسئولي اتحادنا "العظيم" الذي لا يخرج سوي للانجازات فقط.
أين اتحاد الكرة من وقوع غالي في شباك لجنة المنشطات السعودية التي أصدرت قرارا بإيقافه دون التأكد من إدانته ؟ وسواء ظلم غالي أم لم يظلم، كان يجب علي أي مسئول من منظومة الكرة المصرية أن يقف إلي جوار لاعب مصري يواجه التيار بمفرده ولا يجد من يمد له يده لانتشاله من هذه الأمواج الهادرة التي كادت تعصف بمستقبله.
الجميع تنصل من أزمة غالي، ولو كان هناك شيء من الشجاعة والقتال من اجل هذا البلد لما كان هذا هو حالنا .. ولو كان هذا اللاعب في الأهلي أو الزمالك لكانت الدنيا قامت ولم تقعد .. لأن أحنا مش بنشبع لطم.