الإثنين 21 ديسمبر 2009
03:36 م
السعودية (محمد جابر):
أوضحت التقارير عن أسعار انتقالات لاعبي المنتخب السعودي الأول نقلاً عن سوق الانتقالات الدولية ، والذي أكد أن مجموع قيم انتقالات 17 لاعباً مثلوا المنتخب السعودي تصل فقط إلى 11.2 مليون يورو قررتها السوق مستندة إلى دراسات تقيس ما يقدمه اللاعب للمنتخب وفي المباريات الدولية التي يلعبها لناديه.
وفي وقت وصل فيه تقييم سعر انتقال لاعب الهلال ياسر القحطاني إلى 1.2 مليون يورو واعتبر أغلى لاعب خليجي وسعودي، جاءت الصفقات التي أبرمتها الأندية المحلية متخطية هذه المبالغ بكثير، بحيث أن لاعباً مثل محمد السهلاوي وصلت قيمة انتقاله إلى نحو 32 مليون ريال (نحو 5.7 ملايين يورو).
وقال رحيمي "للأسف لا تخضع انتقالات اللاعبين السعوديين بين الأندية المحليــــة لمقاييـــس محـددة، ففي أوروبا مثلاً يدفعون مبالغ لاستقطاب اللاعبين من قبل الشركات الراعية ومن خزينة النادي، ويتم ذلك باختيار دقيق ومدروس بعناية، فهناك محاسبة دقيقة، وهناك حرص على عدم الدخول في مزايدات وفق اتفاق جنتلمان يجمع أندية القارة".
وأضاف "يبدو الأمر مختلفاً لدينا، حيث تدخل أنديتنا في مزايدات، وكل منها يحرص على التأكيد أنه سيكسب التحدي بالدفع أكثر، وهذه كارثة، وفي النهاية تأتي التصريحات بخواء الخزينة نتيجة المزايدات والمكابرة، وهناك لاعبون دفعت لهم مبالغ أكثر مما يستحقون بسبب المزايدات، وهذا يدل على عدم وجود فكر، وأن الموجود ليس سوى هدر للمال دون أن يكون هناك بعد نظر من قبل من يبرمون صفقات الانتقال الذين هم في الغالب من غير المؤهلين، وممن لم يمارسوا كرة القدم".
وضرب مدني مثالاً قائلاً "هل يعقل أن تجد تاجر ماشية لا يفهم بكرة القدم يدخل سوق الاستثمار الرياضي أو يترأس نادياً، وهل يعقل لأن يثمن ممارس كرة القدم رياضياً أو إدارياً أسعار الأغنام؟ بالطبع لا، لكن لدينا أغلب العاملين في الأندية لا يعملون باحترافية ومهنية، واقتحموا عالم الرياضة من أجل الشهرة فقط".
وأضاف "في أنديتنا من يدفع أكثر يترأس النادي ولا يهم فكره أو ثقافته الرياضية، وهذا ما صنعته المزايدات لأن الفكر السائد مادي، ولغة التحدي هي الأعلى، والنتيجة فشل الصفقات وإهدار أموال تبدو الأندية بحاجة ماسة لها".
غياب الفكر التطويري
من جانبه يرى أستاذ علم النفس الرياضي الدكتور صلاح السقا أنه ليس هناك معايير لتقييم اللاعبين، وقال "ليس هناك معايير لتقييم اللاعبين، لكن أنديتنا تقيمهم بالعرض والطلب، وبشهرتهم جماهيرياً، وهنا يحدث التنافس بين الأندية التي لا تعد حتى الآن هيئات استثمارية، ولا تنظر لمردود اللاعب استثمارياً، وكل ما يحصل في أنديتنا لا يخرج عن كونه مغالاة وارتفاع أسعار لمجرد حرمان النادي الآخر من استقطاب اللاعب، أو لمجرد أن الجماهير تتمنى هذا اللاعب في فريقها فترضخ الأندية لمطالبات الجماهير دون معايير ودون أن تتساءل عن الفائدة التي ستجنيها من هذا اللاعب من الناحية الاستثمارية".
وحذر السقا من أن تصطدم الأندية يوماً بعدم قدرتها على تجديد عقود لاعبيها، لأن اللاعبين بدؤوا في الآونة الأخيرة يطالبون أنديتهم بمبالغ خيالية مقابل التجديد، والسبب الرئيس هم رؤساء الأندية أو مسيروها الذين حولوا الأمر لظاهرة خطيرة جداً تؤثر على أداء اللاعب وتحمله أعباء ثقيلة بسبب ارتفاع سعره، وتجعله مطالباً من قبل الجماهير بجهود لا يستطيع تقديمها، وقد نخسر هذا اللاعب لارتفاع سعره على الرغم من أنه جيد المستوى، وهذا ليس من مصلحة كرتنا ومنتخباتنا، وهنا تكمن الخطورة،
فالأندية تبحث عن ممول للصفقة دون الرجوع للفكر التطويري، ومن يكسب هو يمتلك التمويل ويستطيع استقطاب لاعبين ويبقي على نجومه داخل أسواره".
وأضاف "يلعب وكلاء اللاعبين دوراً مهماً في ارتفاع سعر اللاعب للحصول على نسبة أكبر، وهم يحرصون فقط على نسبتهم دون التركيز على ملف اللاعب وأخلاقياته وسنه وعدد مبارياته والبطاقات التي نالها إلى آخره".
ويكمل "نسمع عن مبالغ خيالية تدفعها الأندية الأوروبية، لكنها تركز في هذه الانتقالات على اللاعب وعلى كونه استثماراً حتى خارج الملعب، فتحسب الإعلانات ومردود التذاكر وزيادة مبيعات شعارات النادي وقمصانه وتهافت شركات الإعلانات عليه، وهنا يكون اللاعب قد استثمر فنياً داخل الملعب وخارجه".
وطالب السقا الأندية بأن تراعي قبل التعاقد مع اللاعب بمبالغ باهظة جميع الأمور الفنية والاستثمارية، وعدم النظر لكسب اللاعب من النادي المنافس أو إرضاء الجماهير، لأنها مقبلة على استثمار وخصخصة وارتفاع أسعار اللاعبين دون فائدة لن يخدمها، بل قد يرهقها، ولا بد لرؤساء الأندية من تصحيح سوق انتقالات اللاعبين وعدم المزايدة فيما بينهم، وأن يكون هناك اتفاق بين الأندية بعدم الدخول في أي صفقة إلا بعد التأكد أن النادي الآخر فشل في مفاوضاته لأجلها، وهنا يأتي دور الفكر الرياضي".
عرض وطلب
من جهة أخرى رفض بعض وكلاء التعاقدات التطرق للموضوع، أو ذكر أسمائهم مكتفين بقولهم السوق عرض وطلب، ولكل لاعب سعره، والكل يعرف أن عمر اللاعب في الملاعب قصير، وأنه بلا وظيفة، ويريد تأمين مستقبله في ظل الاحتراف، واللاعب الآن لا يهمه النادي الذي يعشقه منذ الصغر أو يشجعه، بل يهمه المردود المادي، ولهذا فوكلاء اللاعبين يبحثون عن العرض الأفضل للاعب الذي يؤمن له حياة رغيدة".