أصبح تواجد محمد النني مع نادي أرسنال أمراً واقعاً، هو حلم تحدثت عنه الصحافة الإنجليزية قبل ستة شهور ولم يصدقه الكثيرون، وتحول إلى حقيقة قبل ساعات قليلة ماضية.
سعادة الجماهير المصرية كافة، وبعضاً من العربية، بدت واضحة بعد ظهور النني بقميص مدفعجية العاصمة الإنجليزية، وسط تشاؤم متخفي للبعض من تكرار ما حدث لمحمد صلاح مع تشيلسي سابقاً.
الأمر يبدو واقعياً بالتأكيد، فالفريقين ينتميان لنفس الدولة، بل ولنفس المدينة أيضاً، وكلاهما دائماً ما يبحث عن الألقاب، ولكن!
المقارنة بين الانتقالين قد تبدو ظالمة، فأوجه الشبه قد تبدو معدومة إذا تم مقارنتها بالاختلافات، وهو ما سنسرده في السطور الكثيرة القادمة.
عقلية تشيلسيهل تظن أن تشيلسي دائم التتويج بالألقاب؟ البلوز تاريخهم مع البطولات ضعيف للغاية قبل بداية الألفية الحالية، ولكن بقدوم رجل الأعمال الروسي رومان إبراموفيتش، أصبح الأمر مختلف، وهنا اختلفت عقلية النادي وجماهيره.
تشيلسي مع رئيسه الروسي أصبح راغباً في البطولات دوماً، ولما لا؟ فإذا توافر المال في صناعة كرة القدم ستنجح في التعاقد مع اللاعبين المتميزين، وحينها سيكون التتويج كبطل أسهل.
ورغم أن الفوز بالبطولات هو رغبة كل الأندية دون استثناء، إلا أن اختلاف العقلية يؤدي لاختلافات في التعامل مع المواقف، ومن بين سياسات تشيلسي "عدم الصبر".
بخل فينجرمن تطاله اللعنات في أرسنال؟ نعم هو، أرسين فينجر المدير الفني للفريق، فتواجده لمدة تزيد عن 20 عام على رأس القيادة الفنية تجعله متحمل للمسؤولية في كل ما يخص أمور الفريق.
ونلاحظ أن فينجر لمدة عام كامل لم يتعاقد سوى مع بيتر تشيك وجويل كامبل، وأخيراً محمد النني، ثلاث صفقات منذ مطلع 2015 وحتى الآن، بالتأكيد هذا العدد يصل له تشيلسي أحياناً في انتقالات يناير فقط.
والمعروف عن فينجر أنه لا يُخرج أسترليني واحد من خزينة النادي سوى عند الحاجة فقط، وبالتالي فيصبح في حكم المؤكد مشاركة اللاعب الجديد وبكثافة في مباريات الفريق.
الجدير بالذكر هنا أن رئيس نادي أرسنال يدعى تشيبس كيسوك، ولكنه لا يظهر كثيراً، فعقلية ناديه وطريقة تسيير الأمور بداخله تختلف كثيراً عن تشيلسي.
هنا أرسنالكم بطولة حققها فينجر مع أرسنال؟ ثلاثة بطولات دوري، و12 آخرين نصفهم في كأس الاتحاد ومثلهم بكأس الدرع الخيري، أي أنهم 15 بطولة في مسيرة تعدت عامها رقم 20.
هنا تكمن سياسة أرسنال، عدد يبدو عادياً من البطولات وغياب عن التتويجات الأوروبية، وجماهير تنتظر التتويج مع بداية كل موسم كروي ولا يحدث، ولكن أرسين فينجر باق.
لا شك أن اسم أرسنال كناد يعد من بين الأكبر عالمياً، خاصة إذا ارتبط اسمه بإظهار عديد المواهب على مدار تاريخه وتصديرها أحياناً للأندية الأخرى، لكن سياسة الجلد أو الرحيل مع غياب البطولات لم تدرج بعد في سجلات المدفعجية.
ونأتي لسؤال جديد، هل قرأت اسم محمد النني أو صلاح بين سطور الأسباب الثلاثة الماضية؟ الإجابة (لا)، إذا هي أسباب لا تتعلق بمستوى أو شخصية لاعب بعينه ولكنها تتحكم في المنظومة ككل ومن ينتمي لها أو ينوي على الأقل.وهنا يجب أن نأتي للأسباب الخاصة باللاعبين، والظروف المحيطة بكلاً منهما سواء في تشيلسي سابقاً أو أرسنال حالياً، والتي سنجد خلالها اختلافات عديدة أخرى.
أنا مورينيوأريد اللاعب الجاهز من كافة النواحي، فنياً وبدنياً ونفسياً ومهارياً أيضاً، وسيشارك في أقل عدد من المباريات وإذا نجح في إثبات تواجده سيحصل على الفرصة، هكذا أظن أن البرتغالي يفكر دوماً.
تواجد صلاح مع مورينيو وطريقة تفكيره، في كيان يمتلك عقلية تشيلسي الجائعة لحصد البطولات والتي لا تمتلك الصبر أو منح الفرصة حتى للمدرب عند فقدان الألقاب بالتأكيد هو أمر في غاية الصعوبة.
وعلى الجانب الآخر نجد فينجر متواجداً، دائم الاعتماد على اللاعبين الشباب، الفرصة تُمنح لهم بعدد وافر من المرات وكثيراً ما يثير الدهشة، إلا أنه غالباً ما يكون على صواب وينجح في صناعة النجوم.
أسباب التعاقدسرد فينجر عدد من الأسباب التي دفعته للتعاقد مع النني، وكان من بينها حسب ما قال: "أردت لاعب دفاعي لكنه يلعب من الصندوق للصندوق في الوقت نفسه، لديه رؤية وذكاء وقدرات بدنية وأيضاً سلوك منضبط".
بالتأكيد يدرك فينجر جيداً ما يتميز به النني، وبإمكاننا أن نضف إلى ذلك سرعة ودقة تمريرات اللاعب، وهو ما يعتمد عليه أرسنال في مبارياته، حيث نجح المصري في تطوير هذه المهارة وبامتياز منذ منتصف الموسم الماضي.
إذا، ففينجر لم يتعاقد مع النني من أجل سد العجز في وسط الملعب أو لكثرة الإصابات فقط، ولكن لإدراكه جيداً بإمكانياته، وفي ظل مشاركة الفريق في أكثر من بطولة فسيصبح تواجد اللاعب المصري في تشكيل أرسنال كثيراً لا جدال فيه.
وبالعودة لنقطة الإصابات مجدداً، فأرسنال يلعب دوماًبطريقة 4 - 2 - 3 - 1، إي بتواجد ثنائي أرتكاز في ظل تواجد ثلاثة لاعبين فقط قبل انضمام النني إلى الفريق.
الثلاثي هو فرانسيز كوكولين المصاب حتى منتصف يناير القادم، وميكل أرتيتا صاحب الـ33 عام، وماتيو فلاميني صاحب الـ31 عام، وبالتالي فأحيانا ما يستعين فينجر بأرون رامسي في غير مركزه ليجاور فلاميني مفضلاً إياه أرتيتا بسبب عامل السن وما يصاحبه من بطء أحياناً.
اختلاف المهامقد لا يكون النني مطالباً بتسجيل الأهداف أكثر منه في قطع الكرات دائماً وبداية الهجمات وصنع اللعب أحياناً، وهو ما يختلف تماماً عن مهام محمد صلاح مع تشيلسي، حيث كان من الضروري أن يسجل اللاعب الأهداف ويصنع اللعب لزملاءه.
لم يكن صلاح مطالباً بالأمرين فحسب، بل كان أحياناً يعود للتغطية الدفاعية مع إيفانوفيتش رفيقه في الجبهة اليمني وهو ما يؤثر عليه هجومياً، وهنا يظهر الاختلاف الكبير الذي يفسد المقارنة من أساسها بين اللاعبين.
عزيزي القاريء، إذا شاهدت النني في تشكيل أرسنال في أي مباراة قادمة، فلا تحزن إذا خرج من الملعب أو انتهت المباراة دون أن يسجل هدف أو يصنع آخر، فهي ليست من بين مهامه، وإذا فعلها سيكون جهداً مشكوراً ولكنها في الأساس تخص جيرو وأوزيل ووالكوت.للتواصل مع الكاتب...عبر فيسبوك.. اضغط هناعبر تويتر.. اضغط هنا