تعاقد أرسنال مع عدة صفقات قوية منذ تولي ميكيل أرتيتا منصب المدير الفني، بحثًا عن العودة للمنافسة على الألقاب، وهو ما تحقق بالفعل منذ الموسم الماضي في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن كانت الصفقة الأبرز التي لم تحظى باهتمام إعلامي أو جماهيري كبير، هي التعاقد مع نيكولاس جوفر مدرب الكرات الثابتة من مانشستر سيتي.
نيكولاس جوفر الذي خاض مسيرة طويلة في عالم التدريب، منذ بدايته مع نادي مونبيليه الفرنسي، حينما كان محللأ للأداء بالفيديو، وساهم في تتويج الفريق بلقب الدوري الفرنسي عام 2012، والذي كان بداية تخصصه في دراسة الكرات الثابتة.
عمل جوفر مع نيكو كوفاتش في المنتخب الكرواتي بمونديال 2014، وودع البطولة بعد استقباله هدفين من ركلات ركنية ضد المكسيك، تلك الضربات التي حولها من أداة ضده إلى أقوى أسلحته الحالية.
دخل جوفر لعالم الكرة الإنجليزية من بوابة فريق برينتفورد منذ عام 2015، ودفعت بصمته الواضحة مع النادي في الدرجات الأدنى، نادي مانشستر سيتي للتعاقد معه، كأحد الأفراد في الجهاز الفني للمدرب بيب جوارديولا، بداية من عام 2019.
وضع نيكولاس بصمته الخاصة مع السيتزنز رغم خسارة الدوري الإنجليزي الممتاز في موسم 2019-2020، حيث سجل لاعبو مانشستر سيتي 17 هدفًا في المسابقة (الأكثر)، وسكنت شباكهم 7 أهداف كثاني أقل فريق استقبالًا للأهداف من الركلات الثابتة.
ساهم نيكولاس في تتويج مانشستر سيتي بلقب الدوري في 2020-2021، ليقرر ميكيل أرتيتا الذي عمل في صفوف الفريق ذاته، الاستعانة به بعدما أصبح مدربًا لفريق أرسنال، وذلك ليحل محل أندرياس جورجسون مدرب الكرات الثابتة السابق للجانرز، لتصبح تلك الصفقة الأكثر تأثيرًا في عهد المدرب الإسباني.
أرسنال كان قد سجل 5 أهداف فقط من الركلات الثابتة في موسم 2020-2021، كثالث أقل فريق في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن الخبير الفرنسي نجح في تغيير ذلك، ليسجل أرسنال 16 و15 هدفًا في الموسمين التاليين.
لم يتوقف قطار نيكولاس مع أرسنال، حيث كسر رقمه الشخصي، وساعد أرتيتا مدرب الجانرز على تسجيل 18 هدفًا حتى الآن (بعيدًا عن ركلات الترجيح) من الكرات الثابتة، وهو الرقم الأكبر في الدوريات الخمسة الكبرى، ومن بينها 13 هدفًا عن طريق الركلات الركنية، في المركز الأول أيضًا بالدوري الإنجليزي الممتاز.
يستخدم فريق أرسنال عدة طرق خلال الكرات الثابتة سواء الركلات الحرة أو الركنيات، والتي تناولتها شبكة "ذا أثلتيك" بالإضافة لموقع "Opta Analyst" التابع لمؤسسة أوبتا للإحصائيات، وعلى رأس تلك الأساليب تواجد لاعبي أرسنال في موقع التسلل قبل تنفيذ الكرة في الركلات الحرة البعيدة.
الصور منقولة عن شبكة ذا أثلتيك
يبدأ لاعبو أرسنال في التحرك لإعاقة منافسيهم، وتحديدًا لاعبين مثل هافيرتز وجابرييل جيسوس، لمنع مدافعي الخصوم من التحرك لإبعاد الكرة، والسماح لعرضية أوديجارد أو ديكلان رايس بالوصول إلى اللاعبين المميزين في لعب الرأسيات، مثل جابرييل، ساليبا وبن وايت.
يظهر هذا الأسلوب في هدف بن وايت الرابع أمام بورنموث، والذي لعب فيها الثنائي خيسوس وجابرييل دور "البلوك" لتصل الكرة على رأس الظهير الأيمن للجانرز، الذي أسكنها الشباك.
وتكرر الأمر في هدف أرسنال الثالث ضد وست هام يونايتد، حيث تمركز كاي هافيرتز وجابرييل في مصيدة التسلل، ولكن عند تنفيذ الركلة، تحرك المهاجم الألماني لتعطيل جونسون لاعب الهامرز.
وتقدم مدافع الجانرز ليسبق مدافعي أصحاب الأرض، ويصل لتسجيل الكرة بسهولة في المرمى.
يتميز أرسنال كذلك على صعيد تنفيذ الركلات الركنية، حيث سجل الفريق 13 هدفًا من أصل 62 هذا الموسم في الدوري الإنجليزي، بنسبة 20.9% من أهدافهم في البريميرليج، كثالث أعلى نسبة خلف إيفرتون ولوتون تاون.
ينوع أرسنال أساليبه في تنفيذ الركلات الركنية، ويهتم بلعبها في المقام الأول على القائم القريب، لكن شبكة أوبتا أشارت لأحد العلامات المميزة في أفكار الجانرز، حيث يستحوذ الفريق على منطقة الـ 6 ياردات أكثر من أي فريق آخر في الدوري الإنجليزي الممتاز، بمتوسط 3.31 لاعبًا في تلك المنطقة مع كل ركلة ركنية، ولا يوجد أي فريق آخر متوسطه بلغ أكثر من 2.93 لاعبًا.
هذا التمركز يشير لاهتمام أرسنال بعملية تعطيل حارس المرمى، بالإضافة للمدافعين القريبين منه، لمنح الوقت والمساحة لكل لاعبي الجانرز المميزين في الرأسيات للتفوق في تلك المواجهات.
العامل المشترك الآخر حسبما أوضحت "أوبتا" هو اعتماد أرسنال بنسبة كبيرة للغاية على إرسال الكرة للداخل وليس للخارج، أي ينفذها اللاعب الأعسر من الزاوية اليمنى والعكس صحيح.
يعتمد أرسنال في أوقات كثيرة على تواجد مدافع أمام حارس المرمى، لمنعه أو تأخير خروجه من مرماه، ويلعب بن وايت هذا الدور في أوقات كثيرة، مثل هدف نيكيتاه ضد شيفيلد يونايتد.
وفي المقابل يقوم لاعب آخر لا يمتلك الطول أو القوة الكبيرة في اللعب بالرأس مثل تروسارد بتعطيل أحد المدافعين وحرمانه من التحرك لتغطية المساحة التي يتم إفراغها لأحد لاعبي الجانرز، ويظهر هذا الأسلوب بشكل واضح في هدف جابرييل ضد كريستال بالاس.
يتميز الخبير الفرنسي صاحب الـ 42 عامًا، بقدرته على إيجاد الحلول لمواجهة مختلف الأندية، رغم اهتمامه بنسبة كبيرة بإرسال الركنيات على القائم القريب، ولكن الفريق في الوقت ذاته سجل 3 أهداف من على القائم البعيد، أكثر من أي فريق آخر في الدوري الإنجليزي.
ولجأ أرسنال في عدة مواجهات إلى تمركز كل اللاعبين على القائم البعيد، ثم انطلاق بعضهم سريعًا نحو القائم القريب، مع بقاء لاعب في الخلف بعيدًا عن المراقبة، هذه الخدعة التي أحرز منها جابرييل الهدف الثاني له في شباك كريستال بالاس.
عادل أرسنال رقمه القياسي بتسجيل 18 هدفًا من الركلات الثابتة، مثلما فعل في موسمي 2008-2009 و2009-2010، وتتبقى له 12 مباراة يستطيع خلالها كسر الرقم، خاصة في ظل استمرار إبداع نيكولاس جوفر، الذي أصبح الصفقة الأكثر فعالية في موسم أرسنال الحالي.