يلا كورة يحاور ديل بييرو عن.. لقاءه الأول بباجيو.. مستوى صلاح شبيه ميسي ورونالدو.. وأفضل عربي

أجرى أليساندرو ديل بييرو لاعب يوفنتوس ومنتخب إيطاليا السابق، حوارًا تحدث خلاله عن مسيرته في كرة القدم، ورأيه في بعض الأمور المتعلقة بكرة القدم العربية من وجهة نظره، إضافة إلى النشاط الذي يمارسه في الوقت الحالي.

ويعد ديل بييرو واحد من أفضل اللاعبين في تاريخ كرة القدم الإيطالية، ومارس اللعبة لما يزيد عن 20 عامًا، منها 19 عامًا في يوفنتوس فقط، قبل أن يخوض عدد من التجارب في نهاية مسيرته، في أستراليا ثم الهند.

وقال المهاجم الإيطالي المعتزل صاحب الـ43 عامًا في حواره مع يلا كورة أنه في مرحلة متأخرة من مسيرته حصل على عروض من أندية عربية لكنه لم يصل إلى مرحلة متقدمة من المفاوضات في أي منها.

وإليكم تفاصيل الحوار، الذي أجراه يلا كورة مع بطل كأس العالم 2006:

ماذا يجب أن يفعل اللاعب ليستمر في ممارسة اللعبة بأعلى مستوى لمدة 19 عامًا مثلك؟

بالنسبة لي أرى أن هناك 3 كلمات رئيسية: التدريب، الثقة، والحظ. التدريب: لأنه يجعلك في كامل الجاهزية ويسمح لك بالبقاء في أعلى مستوى من الناحية البدنية والفنية. الثقة تأتي من خلال اللاعب نفسه وأيضا من خلال الجهاز الفني والزملاء، وهذا سيجعلك تظهر بشكل جيد في اللحظات الهامة، وتنال الدعم في الأوقات العصيبة. وأخير، الحظ: يعد أمرًا ضروريًا لتجنب المواقف السيئة في الأوقات التي تحدد الأبطال.

عندما كان عمرك 19 عامًا، ووقعت أول عقد لك مع يوفنتوس، ماذا كنت تتصور بشأن المستقبل؟

أتذكر أول ليلة لي كلاعب في صفوف يوفنتوس. لم أتمكن من النوم. والأمر لم يتوقف عند ليلة واحدة، لكن استمر لليالٍ عديدة، كنت مشجعًا كبيرًا ليوفنتوس، لذلك فالأمر كان مثل الحلم الذي تحول لحقيقة، لكن كان يجب أن أثبت نفسي، وتوجب عليّ أن أصبح في نفس المستوى مقارنة بلاعبين مثل (جانلوكا) فيالي، و(روبيرتو) باجو. الثنائي استقبلني بشكل رائع، وأصبح هدفي الوحيد أن أتدرب بكل قوة واستعد لمكافأة الفريق على الثقة التي منحها لي. أفكاري بعد ذلك بدأت في التطور والتغير عامًا تلو الآخر لكن الهدف ظل ثابتًا: اللعب، التطور والفوز.

نحن العرب لدينا دائما صراع بين الانتماء والاحتراف، وأنت كنت ضمن عدد من أساطير يوفنتوس فضلتم اللعب مع الفريق في الدرجة الثانية على الرحيل عام 2006.. هل هذا الأمر مخالف لمعايير الاحتراف؟

كنت في العام قبل الأخير من عقدي، وهذا الأمر يساعد أي لاعب على تغيير فريقه، لكن ما حدث نبهني أن يوفنتوس في هذا التوقيت كان بحاجة لمن يرفع رايته، ولاعبين لتمثيله. لقد كان قرارًا ضخمًا، فقد خرجت من مواسم عصيبة (بسبب الإصابات التي تعرض لها)، لكن لو عاد بي الزمن لقررت نفس الأمر مجددًا: من أجل المجتمع، والجماهير، ومن أجل كل ما يمثله يوفنتوس بالنسبة لي.

في طفولتك، لعبت كحارس مرمى، قبل أن ينبه شقيقك الأسرة لموهبتك الهجومية.. هل تعتبر أن ديل بييرو الحارس كان سيصبح بنفس إبداع المهاجم؟

من حُسن حظي أنني تربيت وسط أسرة رائعة، والدتي برونا لم تكن تريد أن أتعرض لأي خطر، فقد كنت طفلًا خجولًا وعاطفي لكني كنت أعرف تمامًا ما أريد، ونفس الأمر بالنسبة لأخي ستيفانو، وعندما انتقلت إلى بادوفا (النادي الذي انتقل منه ليوفنتوس) والدي جينو بارك الأمر وطلب مني أن أنهي دراسة الدبلومة في الصرافة ولا أهملها، وفي تلك الفترة كنت بالفعل بدأت في اللعب بمركز الجناح، وخلال العام الذي قضيته في المدينة شعرت أنني في نيويورك، وحين ذاك كان ديل بييرو حارس المرمى قد انتهى (يقصد تخلص من الخجل)، ومن حسن الحظ أن بوفون أمضى في هذا الطريق بشكل مختلف (يقولها مبتسما).

لقد اختارك الأسطورة بيليه كواحد من أفضل اللاعبين الممارسين لكرة القدم في العالم عام 2004.. ولو كان عليك أن تختار أفضل 10 لاعبين ممارسين لكرة القدم حاليًا، من سيكونوا؟

كأس العالم قدم لنا رسالة واضحة: اللاعب البطل حتمًا يصنع الفارق، فهو يمتلك القدرة على الظهور بشكل مميز في مباراة متكافئة تمامًا، الآن كرة القدم سريعة للغاية، فباستثناء الثنائي المتواجد بين عجائب الدنيا كريستيانو (رونالدو) وليو (ميسي)، من الممكن أن يحدث تقلب في الترتيب بين اللاعبين الكبار الآخرين، كما هو الحال في التنس بالنسبة لفيدرير ونادال، فالنجوم الآخرين يبدأ ترتيبهم من: نيمار، (محمد) صلاح، و(لوكا) مودريتش... 

لقد تمكنت من تحقيق اخر لقب دوري أبطال فاز به يوفنتوس، لكن بعد ذلك خسرت 3 نهائيات، والفريق خسر بدونك في اثنين آخرين، ما هذه اللعنة التي ألمت بالفريق؟

أنا دائما أفكر في البطولة التي حققتها، والمتعة التي حظيت بها، لكن فيما يتعلق بمشاعر الإحباط بعد الخسارة من ريال مدريد، بوروسيا دورتموند، والنهائيات الأخرى التي خسرها يوفنتوس، هذه ليست لعنة، كرة القدم دائما تختبرك، وتجبرك ألا تتوقف بعد الفوز، وأن تعود لتمتطي جوادك إذا خسرت، مع مزيد من المثابرة والتدريب والتضحية، لقد حدث هذا الأمر في عهدي ومازال يحدث مع يوفنتوس حتى الآن.

ما تم تسميته بـ"منطقة ديل بييرو" حين تسدد الكرة المقوسة من خارج حدود منطقة الجزاء في الزاوية البعيدة، كانت أهم علاماتك في كرة القدم، كم من الوقت احتجت لتصل إلى هذه الدرجة من الدقة؟

دائما ما كنت أتدرب لأوقات طويلة، عملت بشدة لزيادة قدراتي، مواهبي وطموحاتي، لقد كنت موهبة عظيمة لكن الموهبة وحدها لا تكفي، الموهبة تحتاج إلى تدريب، وهكذا ولدت "منطقة ديل بييرو"، لقد أردت أن أترك علامة باسمي وشيء يتذكرني الجميع به، ويكون ملهم للآخرين، وأنا أكون سعيد دائما عندما أرى أحد يتحدث عن "منطقة ديل بييرو" هي بالنسبة لي قطعة فنية خاصة منحتها لكرة القدم.

هل يمكنك أن تختار لاعبًا معاصرًا يسجل أهداف على طريقة "منطقة ديل بييرو" بشكل رائع؟

سوف أفشي لك سرًا. صندوق الرسائل الخاص بي دائما ما يمتلئ بتقارير عن "هدف ديل بييرو"، ودائما من تكون لقطات مصورة عن لاعبين صغار، أو أجزاء من مباريات، أو تقارير عن أبطال من أماكن مختلفة حول العالم، كل يوم في ملعب مختلف في مكان ما حول العالم هناك هدف من "منطقة ديل بييرو".

"الرجل النبيل لا يترك سيدته أبدًا" هكذا قمت بالرد عندما بقيت مع يوفنتوس في 2006 بعد قرار هبوطه، لكن كيف كان شعورك عندما رحلت عن يوفنتوس؟

كثيرًا ما أفكر في يوم رحيلي عن يوفنتوس، مشاعري كانت لا توصف، وحتى الآن وبعد مرور سنوات عديدة، يصعب أن أعبر عنها في كلمات على ورق، لقد حاولت من خلال خطابي لبوفون قبل شهرين (اثناء رحيله عن يوفنتوس) لكن كان الأمر أكثر عمقًا وتأثيرًا مما قلت، لقد كانت ذكريات نقية ورائعة، تجعلني أتفهم دائما مدى القيمة التي كانت تمثلها الحياة بـ"الأبيض والأسود"، الرحيل كان اللحظة الأكثر صعوبة: بالنسبة لي ولآخرين غيري.

في الشرق الأوسط كانت هناك شائعات حول أندية ترغب في التعاقد معك عام 2014، سواء في الخليج أو مصر، ما صحة هذا الأمر؟

لقدت حصلت على عدد من العروض من أجل الاستمرار في اللعب وحتى الآن أحصل على عروض بين الحين والآخر، ونعم هذا حقيقي، لقد حصلت على عروض عربية لكني شعرت بأن مسيرتي يجب أن تنتهي في هذا التوقيت، من أجل تكريس نفسي لمرحلة ما بعد كرة القدم.

هل كانت فترة الإصابات من 1999 إلى 2001 هي الأصعب في حياتك الكروية؟

بكل تأكيد كانت أوقات عصيبة. الإصابات تشبه الهزائم، ستقوم بتقوية شخصيتك، وتصبح أقوى مما سبق، فالحياة تستمر دائما في علاقة مرتبطة بين الألم والمتعة، إن لم تغرق في المتعة لن يبتلعك الألم، لقد شعرت بهذا وقت الإصابات وخلال مواقف عديدة أخرى، ودائما ما كانت روح التضحية والتدريب يقدمان يد العون لي، عندما يشعر لاعب بالضيق، الفراغ والإحباط يجب أن يتذكر أن هناك مكافأة تنتظره على ما يبذله من جهد: وهذا ما حدث بالفعل معي حين حققت كأس العالم 2006.

هل من الممكن أن تعبر لنا عن رأيك في بعض الأمور العربية؟

بالطبع. لا مانع.

اللاعب المصري محمد صلاح انتقل من إيطاليا عائدًا إلى إنجلترا في الصيف الماضي، ما رأيك في مستواه بين توقعاتك بشأنه في البداية، وما قدمه بالفعل؟

صلاح قدم موسمًا رائعًا، وفي الحقيقة أرى أنه كان في مستوى رونالدو، وميسي، لقد فاجأ الجميع لأبعد مدى، في إيطاليا شاهدنا أشياء رائعة منه، والإصابة التي تعرض لها في نهائي دوري الأبطال كانت من بين تلك اللحظات الصعبة التي تحدثت لك عنها، تمامًا كما حدث لي. لكننا سوف نرى صلاح بشكل أقوى الموسم المقبل.

من هو أعظم لاعب عربي شاهدته على الإطلاق؟

لقد استمعت حقًا بقصة (عصام) الحضري، لاعب في سن الـ45 أصبح أكبر لاعب سنًا في نهائيات كأس العالم، ويتصدى لركلة جزاء، لست متأكدًا إن كان الأعظم، لكن بكل تأكيد هو أسطورة.

قبل ان نختم بالسؤال الأخير، هل ترى أنك كنت تستحق الفوز بالكرة الذهبية، على أقل تقدير عام 1996؟

بالتأكيد الكرة الذهبية هي حلم كل شخص، وبالطبع كنت أتمنى الفوز بها، لكن الجائزة تذهب دائما لأكثر لاعب يستحقها، ففريق التحكيم مؤهل لأقصى درجة، والتصنيف لا يقبل للجدال أبدًا، حتى عندما يكون هناك لاعبين محل مقارنة قوية على مدار الموسم، في النهاية يجب أن يكون هناك فائز واحد، وفي 1996 فاز من يستحق...

والسؤال الأخير هو، خلال الأيام الحالية أنت تمتلك دائما جدول أعمال ممتلئ، تسافر كثيرًا حول العالم ومشغول بالكثير من النشاطات حدثنا عنها.

أنا أعيش في لوس أنجلوس، حيث افتتحت أول مطعم لي "ان ار.10"، وهو شيء أفتخر به كثيرًا، ويشغل كل تفكيري، تمامًا كما كان الأمر داخل الملعب، أحب أن أكون على تواصل مع اللاعبين الصغار المتقدمين لأكاديمية كرة القدم الخاصة بي، فهذا هو المكان المثالي لتعلم أهداف "منطقة ديل بييرو"، أسافر من مكان إلى آخر حول العالم من أجل التعليق على مباريات كرة القدم كي "أخدم" كسفير لكرة القدم، الرياضة التي منحتني الكثير، والتي أتمنى أن أقدم لها شيء له قيمة.