شارك 13 لاعبًا من نادي دمياط في تهبيط الفريق الأول إلى الدرجة الثالثة هذا الموسم، عن عمد، بالمراهنة على خسارة مبارياتهم، مدفوعين في ذلك بالرغبة في القضاء على الفقر، إذ لا يتقاضى أي منهم ما يزيد عن 2500 جنيه شهريًا، ليجلبوا دون قصد، الفقر حولهم، إلى أسرهم وأصدقائهم وزملائهم، وقبل ذلك، إلى أنفسهم بالتأكيد.
وهبط نادي دمياط إلى دوري الدرجة الثالثة، دون أن يحقق أي فوز في 19 مباراة خاضها هذا الموسم، بعد أن اكتفى بالتعادل في 4 مناسبات، والخسارة في 15 مرة أخرى.
المراهنات في نادي دمياط
في أي نادٍ حول العالم، يراهن اللاعبون بعضهم البعض على الفوز لتحقيق أهدافهم بين التتويج أو البقاء أو الصعود أو حتى تجنب الهبوط، أما في نادي دمياط، كان الرهان هذا الموسم مرتفعًا على الخسارة.
المشاهد في مباريات دمياط هذا الموسم لم تكن طريفة أبدًا بقدر ما كانت مؤسفة، فلا مانع من التشاجر مع الحكم أو مع المنافسين من أجل بطاقة صفراء، ولا بأس إن تسبب ذلك في الحصول على أخرى حمراء.
يمكنك أن ترى أيضًا لاعبًا يمسك الكرة بيديه داخل منطقة الجزاء أو يهدرها أمام شباك خالية، وآخر يحتفل بهدف ذاتي، فلا شيء مألوف في مباريات دمياط.
كان كل شيء يسير وفق ما خطط له بعض اللاعبين في نادي دمياط، فالخسارة تبدو ثمينة أكثر من الفوز، طالما أن المكاسب المالية –بلغت 120 ألف جنيه عن المباراة الواحدة- مستمرة، قبل أن تصيبهم سوء العاقبة.. لكن قبل ذلك، كيف انتشرت عدوى المراهنات من الأساس بين 13 لاعبًا؟.
سر الـ40 ألف جنيه
بدأت أزمة نادي دمياط، مطلع موسم 2024-2025، بعد أن جرب أحد اللاعبين استخدام برنامج مراهنات شهير، ليسقط في الفخ، إذ ربح على الفور 40 ألف جنيه، على حد قول محمد أبو جنبة، رئيس نادي دمياط، في تصريحات تليفزيونية.
أربعون ألف جنيه من خسارة واحدة لدمياط، يا لها من صفقة، هذا ما دار بالتأكيد في عقل اللاعب الذي كسب دون أي جهد بدني أو ذهني إضافي ما يعادل ضعف راتبه الشهري 16 مرة.
توقع ما حدث لاحقًا لا يحتاج إلى مخيلة واسعة، اللاعب شجع زملاءه على المراهنة مثله على خسارة دمياط، ربما لتصبح المهمة أكثر سهولة، أو لأنه رجل طيب يحب الخير للآخرين.
يضيف رئيس دمياط: "بدأ هذا اللاعب في تحريض البقية حتى وصل العدد إلى 13 لاعبًا.. كنا نقدم أداءً مميزًا في كل مباراة، والفريق كان يتقدم في النتيجة قبل أن يخسر بنتائج كبيرة في الدقائق الأخيرة، لم أر مثل هذا الأمر في حياتي".
وذكر رئيس دمياط أن المكاسب المالية كانت متباينة بين اللاعبين، فالبطاقة الحمراء تساوي 15 ألفًا على سبيل المثال، كما أوضح أن أرباح المراهنات لم تكن ثابتة، مستشهدًا بعودة أحد اللاعبين إلى منزله بعد إحدى المباريات بـ120 ألف جنيه.
لعنة في غرفة الملابس
بدأ ميدو الدبسي، مدرب نادي دمياط، في ملاحظة بعض الوقائع الغريبة خلال المباريات بحسب ما قال في تصريحات خاصة ليلا كورة، ليتتبع بنفسه ما كان يحدث في غرفة الملابس، خاصة أن وظيفته جعلته أقرب إلى اللاعبين على المستوى الشخصي.
يقول الدبسي: "تأكدت من مشاركة اثنين من اللاعبين في المراهنات، وتحدثت معهما، وحذرتهما من حرمانية ذلك".
وشدد الدبسي على أن المراهنات جلبت المزيد من الفقر إلى غرفة ملابس دمياط ثم وصلت إلى بيوت اللاعبين، مستفيضًا ليلا كورة: "أحد اللاعبين قال لي (المراهنات جابت الفقر ليا ولبيتي).. هذا اللاعب أخبرني أنه أصيب فور المشاركة في المراهنات، كما مرضت ابنته وكذلك ابنه، وتم نقل أبيه إلى المستشفى".
وأوضح مدرب دمياط أن بعض اللاعبين توقفوا عن المراهنات بعد أن ألحقت بهم الضرر في حياتهم الشخصية أيضًا، بحسب اعترافاتهم في أحاديث ودية.
اتهامات متبادلة
لا يمكن أبدًا أن تبرر الغاية، الوسيلة، لكن مدرب دمياط كشف جزءًا من معاناة اللاعبين ليلا كورة، بقوله: "رئيس النادي لم يأمر بدخول اللاعبين إلى التدريبات الجماعية سوى قبل شهر واحد من الدوري.. اللاعبون أيضًا لا يحصلون على كامل عقودهم، يوقعون على عقود بـ5
آلاف جنيه شهريًا ثم يتقاضون نصفه فقط بحجة حصولهم على وجبة غداء يوميًا في النادي".
من جانبه، توعد رئيس دمياط بملاحقة اللاعبين المتورطين في المراهنات، قضائيًا، كما كشف منعهم من دخول النادي مجددًا.
بيان رسمي من وزارة الرياضة
أصدرت وزارة الرياضة بيانًا رسميًا بشأن أزمة نادي دمياط، جاء فيه: "هناك مادة في القانون المصري تجرم تمامًا العمل في المراهنات، وتفرض غرامات مالية كبيرة، بالإضافة إلى عقوبات بالسجن".
وتابع: "تم التحفظ على 25 شخصًا بسبب تورطهم في المراهنات، كما تمت مصادرة الأجهزة التي استخدموها، حيث كانوا يسهلون عمليات المراهنات على مباريات الدوري المصري والدوريات الإفريقية".
قبل أن يختتم: "الإجراء الأول ضد المتورطين في المراهنات هو الشطب من النشاط الرياضي، بالإضافة إلى عقوبات إدارية، فضلًا عن اتخاذ إجراءات جنائية فورية، وهو ما تمت مناقشته خلال الاجتماعات السابقة".