"كابتن فايزة".. حكاية امرأة تحدت الرجال في ملعبهم فحصلت على صك الإنجليز

تصوير- أسماء يسري:

على حافة من الخطر وقفت فتاة دون الخامسة، تنظر لمستقبل رسمته بأقدامها قبل أيديها، اختارت لنفسها خوض مغامرة طريقها الأمل والكنز فيها هو كواليس الرحلة، تسلحت بعزيمتها فقط لمحاربة نمط الحياة داخل البيئة التي تربت فيها، عائلة محافظة على التقاليد ومجتمع يرفض فكرتها من الأساس، لكن التمرد لعب دورًا محوريًا في تفاصيل القصة، حتى بلغت في النهاية مرادها بعد سنوات، وحصلت على صك الإنجليز، تلك هي حكاية فايزة حيدر، أول مدربة معتمدة من الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم في مصر.

تذكر فايزة بدايتها مع كرة القدم، التي لم تكن سهله في كواليس وصفها لنا، حين قررت الطفلة الصغيرة أن تكون تجربتها الأولى مع الرياضة في مجال اعتبره البعض بأنه حِكرًا على الرجال فقط، الوصول لعمر الخامسة كان كفيلاً ببداية المغامرة، النزول للشارع لمقارعة الأولاد في رياضتهم المفضلة لم يكن بالأمر المرحب به، سواء من أهلها أو من الأطفال، حاولت وقتها إيجاد حل لرفض الأهل لفكرة ممارسة ابنتهم لعب كرة القدم، فقررت النزول في ساعات عدم تواجد والدتها لممارسة الهواية التي اختارتها لنفسها.

لا تنسى فايزة أول موقف جعلها ترتبط أكثر بكرة القدم في طفولتها، الذي بدأ برحلة مرافقتها لأخيها الذي كان يتدرب على ممارسة كرة القدم، طلبت وقتها من المدرب خوض التدريبات مع باقي الأولاد، فكان الرفض عنوانًا للموقف، الأمور زادت صعوبة بعدم السماح لفتاة بلعب كرة القدم في المدرسة مع الأولاد، في وقت اهتمت الفتيات الصغار بأمور أخرى لم تكن لفايزة نصيب منها.

"الكرة دي حاجة في الدم".. تصف فايزة طبيعة ارتباطها بكرة القدم، لتكمل" أهلي كانوا أصعب حاجة لأني أمارس كرة القدم، فجدي عمدة وعمي شيخ بلد وأمي كانت الأم والأب، وتخاف من تجربة لعب كرة القدم، وأهلي عملوا معايا مشاكل كثيرة لكن مع الموهبة اقتنعت بعد ذلك".

وعن أهم الصعوبات التي واجهتها في بداية رحلتها مع كرة القدم، تروي فايزة أن الجانب المادي كان له التأثير الأكبر، فلم تكن والدتها قادرة على تحمل نفقات شراء الملابس الخاصة بالمدرسة، بالإضافة لمستلزمات التدريب من ملابس وأحذية رياضية.

تتابع:" أوقات كتير كنت بمشي حوالي ساعة وده كان من حلوان لحد 15 مايو في سنة 1995 ودي كانت غاية في الصعوبة".

تكمل:" في البداية لم يكن هناك عائد مادي قوي من ممارسة كرة القدم، الأمر بدأ بالحصول على راتب 40 جنيه فقط، قبل أن يتم التعاقد معي عن طريق الانتقال من حلوان إلى فريق الطيران، بعدها بدأت الأمور في التحسن".

مشوار اللعب كانت بدايته مع فريق حلوان للكرة النسائية حين كان عمرها 13 بعد عام فقط انضمت لمنتخب مصر وانتقلت بعدها لنادي الطيران بمبلغ 5 آلاف جنيه، في نفس الفترة شاركت في تصفيات كأس إفريقيا وبطولة إفريقيا ودورة الألعاب الإفريقية والعربية، ولديها تجارب احترافية في الإمارات مع أندية الشباب والعربي والجزيرة والنصر.

بعد مسيرة طويلة مع كرة القدم قررت فايزة خوض تجربة التدريب والتي بدأتها مبكرًا فبجانب اللعب، تولت مهمة تدريب فريق عام 2009 وكانت مع فريق رجال. لكن التجربة لم تكن سهلة فلديها معها ذكريات ترويها.

شاركت وقتها في دورة تتكون من 64 فريق، وحين كنت أدخل إلي الملعب كانوا يعتقدون بأنني سأكون صيدا سهلا للجميع، بالإضافة لبعض المضايقات التي لم تخلو من إلقاء الطوب والزجاج علينا".

تكمل:"وصلت مع الفريق في هذه الدوري للمربع الذهبي وحصلت على المركز الثالث وتوجت بلقب أفضل مدرب، وبعد ما عملت نتائج جيدة بدأ البعض يطلب الحصول على خدماتي لتدريب فرقهم".

عينت فايزة في منصب المدرب المساعد لمنتخب مصر تحت 20 عاما، مع حسين عبد اللطيف المدير الفني، لكن الفريق لم يتأهل لبطولة إفريقيا ورحل الجهاز بعدها.

وتملك فايزة انجاز استثنائي وهو اعتمادها كمدربة من الاتحاد الإنجليزي في عام 2015 وذلك على خلفية حصولها على دورات تابعة للمجلس الثقافي البريطاني في مصر الذي كان ينظم دورة المهارات الأساسية التابعة للاتحاد الإنجليزي.

وتؤكد أن هذا الاعتماد جاء بعد المرور بـ 3 مراحل مختلفة، فدشنت أول مشروع للبنات بعنوان "حققي حلمك" في 2013، و المرحلة الثانية كانت عن كيفية جلب راعي لمشروع تخلله العمل على تدريب 100 فتاة مكونين من المدارس الحكومية من مدينة حلوان، لينتهي بعمل فريقين لكرة القدم للسيدات في حلوان، والمرحلة الثالثة كيفية تدريب عدد من الأشخاص، فاستطاعت مع 23 محاضر آخر تدريب 15 ألف متدرب، حتى يتمكن هذا العدد من العودة لبلادهم لنقل الخبرات.

"أحلامي اللي جاية هي أني ألاقي نفسي كمدربة قبل 2030 في فريق بالدوري الممتاز، أو مع فريق ضمن الدوريات الأوروبية الكبرى".