الخميس 17 أكتوبر 2019
04:49 م
الكثير من المعاني الجميلة التي تصلك من كلمة "الجنايني" ففي معاجم اللغة أصلها "جَنْي" أي جمع الثمار، والجنايني هو ما يتولى عملية الجمع، أو بالمعنى السائد مع يشرف على الحديقة فتصبح مفعمة بالحياة والجمال يهذب الأشجار، ويشتل الورود فيمنحنا جانبًا ممتعًا من الحياة.
الجنايني في حياتنا هو شخص يمكن أن يجعلك في صفاء وسكينة لمجرد أن ترى عمله فقط، ويمكن أيضًا أن تشعر بالضيق والانزعاج إذا رأيت اهماله في أداء واجبه، بترك أوراق الأشجار المتساقطة، والسماح للمخالفين بقطف الورود، وترك الزوار يلقون بالقاذورات دون عقاب.
أما وقد ألمحنا إلى الجنايني في اللغة، وفي حياتنا فلننتقل الآن إلى الجنايني الذي نعنيه وهو رئيس اللجنة المشرفة على إدارة اتحاد الكرة، رجل أتى وتوسمنا منه الخير فهو بلا حسابات مستقبلية جاء بشكل مؤقت لمدة عام ولن يترشح للانتخابات المقبلة وبالتالي فهو الأجدر على اتخاذ القرارات الصعبة التي قد يعجز عنها من يعشقون المناصب.
قدم الجنايني الوعود منذ الظهور الأول له داخل اتحاد الكرة، ورحل في عهده من ألقيت على أكتافهم مسئولية عدم نجاح العمل الرياضي والإداري داخل اتحاد الكرة في السنوات الماضية، لكن هل قدم الرجل الذي دخل اتحاد الكرة في 20 أغسطس شيء يمكن أن نشير إليه بالمدح والثناء؟
أول ما في الأمر، كان عدم تصويت اتحاد الكرة المصري في جائزة "ذا بيست" وهو للحق بعد توضيحات جلية من الاتحاد الدولي لكرة القدم أمر لا يتحمله الجنايني نهائيًا الذي استلم العمل قبل 24 ساعة فقط من المهلة الأخيرة لتصحيح الأصوات، لكن ومع علمه - وإن لم يكن يعلم فهي المصيبة أكبر - بخطأ التصويت إلتزم الصمت حتى أصبحت هناك أزمة وتلميحات من محمد صلاح ثم أصدر بيانًا واتجه للاتحاد الدولي.
طلب الجنايني من الاتحاد الدول توضيح سبب عدم احتساب أصوات مصر لم يكن فقط ساذجًا لكنه كان مسيئًا للكرة المصرية، ويعني بكل وضوح أن الاتحاد المصري لا يتابع ما يصله من مراسلات من "فيفا" الجهة الأكبر على الإطلاق في عالم كرة القدم.
وتجاوزنا، ثم تجاوزنا وتجاوزنا وتجاوزنا كل شيء يتعلق باختيار المدير الفني، ومفاجأة أن المعيار الأبرز في اختياره كان العناصرة المختارة من اتحاد الكرة ليكونوا في الجهاز المعاون، فأهل الجبلاية حددوا المدرب العام وبعد ذلك اختاروا له حسام البدري بعدما أصر إيهاب جلال على العمل بجهازه المعاون في المصري البورسعيدي.
ثم تجاوزنا وتجاوزنا وتجاوزنا، حتى جاء الدور على كأس السوبر المصري وكانت الغرامات والعقوبات على الجميع، إلا مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك، فقائد الأهلي حسام عاشور، وجماهير الأهلي والزمالك كانوا محل عقاب بسبب "هتافات خارجة" أما رئيس الزمالك فلم يُنظر لأمره حتى الآن بالرغم من أنه وجه سباب لمجلس إدارة الأهلي في حضور رئيس اتحاد الكرة.
وبدأ اتحاد الكرة عهد الجنايني بوعد صريح وواضح وهو انتظام مسابقة الدوري الممتاز، لكنه في 6 أكتوبر الماضي أعلن أن الأمر الوحيد الذي يمكن أن يؤدي لتأجيل المباريات هو "الأسباب الأمنية".
وبعد 48 ساعة فقط من البيان الذي أصدره اتحاد الكرة - ولم يكن هناك سببًا واضحًا لإصداره - طلب الزمالك تأجيل مباراته أمام الأهلي من أجل التفرغ لمواجهة جينيراسيون فوت السنغالي فرفض اتحاد الكرة، ثم أتت الأسباب الأمنية ليتم تأجيل المباراة بشكل رسمي بعد أسبوع من طلب الزمالك.
لكن السؤال هنا ونحن لا نشكك إطلاقًا في وجود أسباب أمنية تستدعي تأجيل المباراة، وكما أكد رئيس الزمالك في رد فعله على القرار "تعظيم سلام فالدولة ترى ما لا نراه"، وبالتأكيد الجهات الأمنية هي المسئولة عن هذا العمل ولا أحد يمتلك المعرفة التي تؤهله للتقييم، لكن ما الجديد الذي قدمه لنا الجنايني ولم نره من قبل؟
اتحاد الكرة حاول التعامل مع الموقف فأصدر قرارًا بإقامة مباراة الزمالك والمقاولون العرب في موعد مبكر وتأجيل لقاء المقاولون أمام أسوان، ليبدو الأمر كما لو كانت استعدادات المقاولون لأحد منافسيه لا يمكن أن تأخد بعين الاعتبار وعليه أن يشغل الفراغ الذي يوضع فيه كأي شاخص في تدريبات أحد الأندية.
القرار الذي أصدره اتحاد الكرة لم يجعل المشكلة متعلقة بتأجيل مباراة الأهلي والزمالك بل جعل الخلاف متعلق بأربعة أندية، فرفض المقاولون اللعب، ورفض أسوان العودة للعب أمام المقاولون بعدما وصله قرار بالتأجيل، ورفض الزمالك اللعب أمام المقاولون، ورفض الأهلي اللعب قبل خوض لقاء الزمالك.
هل السيد عمرو الجنايني ولجنته قدموا لنا شيء جدير بالاحتفال والاحتفاء؟ هل لدينا مسابقة منتظمة؟ هل نمتلك جدول معروف المعالم حتى نهاية الموسم؟ هل نعرف شيء عن معسكرات المنتخب حتى نهاية تصفيات أمم أفريقيا 2021؟ هل رحيل عامر حسين أحدث في الأمر شيء؟
الجنايني الآن لا يجب أن يكن دوره أن يبرر لنا لماذا حدث الفشل، هو مطالب بالاعتراف بالفشل فقط وليكن واضحًا أمامنا وأمام نفسه فهو لا يختلف عن سابقه في شيء، وعد ولم يف بوعده.