في تحليلات عقل المباراة .. رحلة داخل عقول المديرين الفنيين لكلا الفريقين ونجتهد لإبراز النواحي التكتيكية المتخصصة التي كانت موجودة في المباراة ونضيف عليها ما كان يجب أن يكون متواجدا حتي تصل كرة القدم بشكلها المتخصص داخل عقل القارىء .
صراع دائم بين الكرة الجميلة وبين الكرة الميكيافيلية ( الغاية تبرر الوسيلة ) في العالم منذ أن عرفت الكرة الأرضية تلك اللعبة ..هناك مدربون يصنعون تاريخهم من الأولي وهناك أخرون يسعون للألقاب دون النظر أو التمسك بجماليات كرة القدم في كل مباراة .
حتي فترة قريبة جدا لم يكن هناك هذا الصراع في مصر علي أساس ( المدربين ) وإنما كان لكل ناد أسلوبه ولكن منذ تولي طارق العشري ومن بعده حسام البدري ثم توالت الأسماء الجديدة التي تحمل أفكارا قد تتفق معها أو تختلف في التنفيذ ولكنهم حملوا راية التجديد في كرة القدم المصرية ( إيهاب جلال- ميدو –مؤمن سليمان –احمد سامي –كشري –محمد يوسف وغيرهم ) وبالتأكيد هم أفضل من أسماء ظلت موجودة طيلة عقد من الزمان إكتفت فيه بتولي رأس الإدارة الفنية دون إبداء رغبة قوية في حمل أفكار جديدة تنهض باللعبة داخل مصر .
مباراة تكاد تكون الأسرع هذا الموسم حاول فيها كلا المدربين ( البدري وجلال ) تقديم أفكارا مختلفة في كرة القدم .
•البدري واجه غياب العمود الفقري للفريق كاملا ( بإستثناء شريف إكرامي ) لأول مرة هذا الموسم ..حجازي –عاشور –عبدالله –كوليبالي ( وهم عناصر الخط الطولي الذي يبدأ منذ حارس المرمي وحتي رأس الحربة في 4-2-3-1.
•لإن البدري يستخدم عبدالله منذ بداية الموسم في أدوارا خادعة تمتزج بين ( 4-2-3-1 ) و4-4-1-1 تماما مثلما يفعل كوبر فحاول أن يجد بديلا له يتحرك بسرعة لنقل الهجمة ( لا أن يقوم بصناعة اللعب ) .. وليد سليمان .
•إيهاب جلال يلجأ لتنويع أدوار لاعبيه علي أطراف الملعب بدخول الشيخ أحيانا للعمق وتحول حسين الشحات إلي جناح أو أن يقوم دائما الشحات بالدخول إلي منطقة الinside forward إستغلالا ل Halbraum الناتجة عن تواجد ظهير الجنب معلول مع الشيخ .
•يدعم فكرة إيهاب جلال إختيار لاعبين مثل هشام محمد وداودا لديهم ( مهارة بالأساس ) في التمرير الطولي المتقن لتحويل مسارات الكرة إلي مناطق بعيدة كما لديهم قدرة ( وتدريب مستمر ) علي جذب الضغط العالي عليهم ومن ثم تقليل عدد اللاعبين في المناطق الدفاعية للأهلي ..تخيل لو أن إيهاب يستخدم لاعبين لا يمتلكون تلك المهارة .
•البدري كان داهية في تقديم الشكل الدفاعي الكلاسيكي بإستخدام 4-4-2 أثناء الدفاع والأهم هو عدم الوقوع في شرك جلال بتقدم أظهرة الجنب لمراقبة الأجنحة بشكل لصيق أثناء تحضير المقاصة للهجمات من العمق وبالتالي يظهر رباعي دفاع الأهلي علي زوايا خط منطقة الجزاء بشكل ضيق .
* تتحول الطريقة إلي 6-2-2 أثناء الدفاع المتأخر وهنا تظهر نقطة ضعف مصر المقاصة الهجومية في حال مقابلة فريق ( يمتلك التنظيم والكفاءة ) لإن الفريق سيكون مجبرا علي إستخدام الR2 خاصة أحمد الشيخ في أكثر الأحيان لإنهاء الهجمة .
•التأخر الزائد للأهلي يكشف أيضا مناطق وسط ملعب مصر المقاصة الدفاعية والذي لا يلعب بإرتكاز متأخر ولكن إيهاب جلال يستعيض عن ذلك بتعليماته التي قالها لأنتوي عند إنضمامه للفريق .
•(إذا سجلت الأهداف ولم تنفذ المطلوب منك لن تجد مكانا في الفريق ..وإن نفذت التعليمات ولم تسجل سأكون سعيدا بك ) جملة هي الأفضل هذا الموسم من مدرب محنك قالها لأنتوي الفاقد للثقة في كل شىء بعد عودة للأهلي أنتهت به معارا للمقاصة ولكن النتيجة أن أنتوي سجل ستة أهداف في 13 مباراة منذ يناير بمستوي جيد وضغط متميز .
•هل تعلم ما هي تعليمات إيهاب جلال ؟ الضغط بسرعة علي المنافس هدفه الأول شل تفكيره ومن ثم إرسال كرة غير دقيقة ولو إستطاع ارسالها بشكل صحيح سيبدأ مدافعي المقاصة بالذهاب فورا لمكان الكرة تاركين مساحات شاسعة في مناطق إرتكازهم الصحيحة .
•الفكرة نجحت بشدة في مصر لسببين أولهما أنه قليل من يعرف تلك المعلومة والسبب الثاني أن جلال جعل مستوي السرعة في مباراته أعلي مما هو معتاد عليه مع باقي المباريات ..ليس فقط سرعة التمرير أو التحول من الدفاع للهجوم أو العكس ولكن أيضا سرعة إتخاذ القرار الأول والثاني .
•هل شاهدت الهدف الأول للأهلي ؟ المقاصة حاول إستدراج الأهلي كما هو معتاد ( كرة طولية من حارس المرمي لتراوري الذي ينجح في تمرير الكرة برأسه للخلف وأنتوي يذهب في محاولة للإستحواذ علي الكرة .
•داودا كان قريبا من تراوري ..الشيخ أيضا في العمق خلف أنتوي منتظرا أن يحاول مدافع الأهلي لعب الكرة في وسط الملعب ..فوافي يصعد للهجوم علي الجانب الأيسر وحسين الشحات ترك مناطقه لمساندة زملائه .
•أفضل ما فعله ربيعة في المباراة وربما هذا الموسم إنه إستخلص الكرة ثم أرسلها مباشرة لمؤمن زكريا ( قرار سريع 1) ( عاصم سعيد قلب الدفاع ذهب لتغطية حسين الشحات " ثغرة 1" ) مؤمن أعاد الكرة للخلف فقام السولية بالتمويه لتذهب إلي معلول الذي إتخاذ قرارا سريعا أخر بإرسال الكرة إلي حدود منطقة الجزاء .
•فوافي عاد للمساندة بشكل خاطىء ولكن قبل أن تذهب الكرة لأجايي ..النيجيري وميدو جابر كانا الإثنين ضد طارق أبوالعز وعندما مرر فوافي الكرة بالخطأ لأجايي إنتهي الأمر بتواجد ثنائي هجوم من الأهلي في قلب منطقة الجزاء بدون أيا من لاعبي المقاصة ( لاعبي المقاصة يركضون خلف اللاعب الذي بحوزته الكرة ) ..إرجع عدة فقرات لتعرف سر نجاح أسلوب المقاصة .
•قبل عامين وعند قدوم حجازي وربيعه قلت نصا أن الأزمة التي ستواجه الأهلي هي من سيشغل مركز المساك الأيسر وقتها لم يكن الكثيرين يهتمون بوضعية المساك الأيمن من الأيسر ويعتبرونه نوعا من الفلسفة الزائدة ولكن هذا هو دور تحليل الأداء ( التفاصيل ) .
•لماذا قلت العبارة السابقة لإنه في مباراة الأهلي والمقاولون ذهب أجايي لمركز الجناح الأيمن وقدم أداء أفضل بكثير من نظيره الأيسر وقتها علمت سبب عدم تقديم أجايي مستوي جيد في الجانب الأيسر .
•ليس ضروريا أن تلعب بinvert winger كي تمتلك خيارات أكثر في التسديد أو الإختراق للعمق من قبل الجناح أو التحول لمركز رأس الحربة إن كان يستطيع اللعب كذلك ..هل تذكر إيفونا ؟.
•إيفونا رغم قدراته العالية في السرعة إلا أنه باستثناء هدفه الأشهر في الزمالك لم يكن يستطيع المراوغة والدخول للعمق ..أجايي لا يمتلك ذلك أيضا لذا فالأفضل له أن تحمي قدمه اليسري وجسده قدمه اليمني التي يتعامل بها مع المنافسين ( إذا أردت الإستفادة من أجايي عليك بتحديد مساراته في الجزء الأيمن من الملعب قدر الإمكان ) .
•عودة للمساك الأيسر ..حسام عاشور يصبح غيابه مؤثرا عند فقد الأهلي قدرته الهجومية ولذلك حديث أخر أما مشكلة الأهلي الحقيقية دفاعيا تتمثل في غياب حجازي وتقل في وجود نجيب إنما تظهر ظاهرة للعيان في وجود ربيعة ..هناك لاعبين لا يستطيعون اللعب في مناطق معينة من الملعب بسبب عنصر كثافة العظام أو الرشاقة أو أن قدرتهم علي التوقع والدخول لتنفيذ التدخل أقل بأجزاء من الثانية لذلك يهرب منهم المهاجمين والأجنحة .
•أخيرا .. إيهاب جلال قدم موسما ممتعا علي مستوي جماليات كرة القدم بأفكار تحتاج جرأة ومعها حقق نتائج ممتازة بالإقتراب من اللعب في دوري أبطال أفريقيا وحسام البدري قام بتغيير أساليب وطرق في عدة مراحل من الموسم وكما أن لجلال نقطة ضعف تم إيضاحها في السياق كان للبدري أيضا نقطة ضعف كبري في عدم التفكير جديا بعدم اللعب بعبدالله السعيد( أحد أهم اللاعبين في مصر تكتيكيا ) في بعض الأوقات حتي لا يرغم علي ذلك عند غيابه.
للتواصل مع الكاتب عبر فيسبوك اضغط هنا