هل خسر الطرف الأفضل في القمة؟.. أفكار جوميز تتفوق ومشروع كولر ينتصر (تحليل)
مارسيل كولر وجوزيه جوميز
كتب: مصطفى جمال
خسر نادي الزمالك نهائي كأس مصر على يد غريمه الأهلي، في المباراة الرابعة للمدير الفني الجديد جوزيه جوميز، لكن المدرب البرتغالي أظهر العديد من اللمحات والبصمات خلال اللقاء، تفوق بها على منافسه السويسري مارسيل كولر مدرب الأهلي، لكن فارق الجودة بين اللاعبين بالإضافة لاستقرار مشروع المدرب السويسري منح القلعة الحمراء الأفضلية لانتزاع الانتصار، فوز عكس تفوق الأهلي وعمله الناجح منذ الموسم الماضي، على حساب مشروع الزمالك الذي يتحسس أولى خطواته، لكنه منح جماهيره الأمل في رؤية القلعة البيضاء في مكانتها الطبيعية مستقبلاً.
دخل جوزيه جوميز اللقاء بطريقة 4-2-3-1، بتواجد عبدالله السعيد بجوار دونجا، مع الدفع بيوسف أوباما كصانع ألعاب لاستغلال تحركاته بين دفاع ووسط الأهلي، وزيادته الهجومية داخل منطقة الجزاء، مع التزامه بأداء الواجب الدفاعي، وهي الأسباب التي ربما جعلت جوميز يفضله عن ناصر ماهر رغم مستواه المميز مؤخرًا.
وقرر جوميز تكليف لاعبيه بالضغط على الأهلي لحرمانه من بناء اللعب عبر كريم نيدفيد، بتواجد يوسف أوباما كمراقب له في الحالة الدفاعية، مع التزام عبدالله السعيد بمراقبة عمرو السولية، ودونجا برفقة إمام عاشور.
حاول الأهلي التخلص من ضغط الزمالك، عن طريق إرسال الكرات الطويلة أحيانًا من رامي ربيعة أو مصطفى شوبير، لكن الأمر لم يجد النجاح اللازم بسبب افتقاد الفريق للمهاجم المميز في لعب الكرة بالرأس، حيث فشل كهربا في الفوز بأي صراع هوائي من أصل 5 دخل فيها خلال اللقاء سواء مع حمزة المثلوثي أو حسام عبدالمجيد.
لجأ كولر لحل آخر نجح من قبل، بإرسال تمريرة طويلة من رامي ربيعة نحو إمام عاشور، وسط زيادة عددية من حسين الشحات ومعلول في نفس الجبهة، وغياب زيزو عن الارتداد الدفاعي، ليصبح عمر جابر في حيرة من أمره.
حصل إمام عاشور على المساحة للانطلاق، في سيناريو مشابه لهدف رضا سليم في بلدية المحلة، لكن حمزة المثلوثي عاد للتغطية، وسط مطالبات باحتساب ركلة جزاء، أنهاها الحكم باستئناف اللعب، ولم يكرر الأهلي هذه الفكرة مجددًا.
ومع غياب الحلول، حاول الأهلي اختراق تمركز لاعبي الزمالك بتحرك حسين الشحات في عمق الملعب حيث حاول الابتعاد عن الخط لمنح المساحة لمعلول حال تقدمه، ولكنه تعثر وسقط على الأرض في المحاولة الأولى، ليمنح الزمالك أخطر فرصه في الشوط الأول.
الخريطة الحرارية لتحركات حسين الشحات
وتكرر الأمر بعد ذلك في لقطة إصابة عمر جابر، بتحرك حسين الشحات في العمق، وتمريره الكرة في المساحة لإمام عاشور لكن تسديدة الأخير تصدى لها حمزة المثلوثي مدافع الزمالك.
وتكرر الأمر مجددًا في هجمة مرتدة خطيرة لكن فضل السولية الاحتفاظ بالكرة ومررها بشكل خاطئ في النهاية.
وكان المشهد الأخير لتلك الفكرة حينما استلم حسين الشحات الكرة في عمق الملعب وانطلق بها وسط ضغط من عمر جابر الظهير الأيمن الذي ترك مركزه لمتابعة لاعب الأهلي، واحتفظ الشحات بالكرة لفترة أطول دون تمريرها للجانب الآخر الذي أصبح فارغًا، ليتحصل على خطأ في النهاية، وبعدها توقف كولر عن تنفيذ تلك اللعبة في ظل غياب معظم لاعبي الأهلي عن حالتهم الطبيعية.
وجاءت أحد أخطر هجمات الأهلي في الشوط الأول، بفضل استغلال رامي ربيعة للمساحة التي أفرغها عمرو السولية بسحبه لعبدالله السعيد، لينطلق بالكرة ويتجاوز منتصف الملعب، لكنه تأخر في تمرير الكرة لكهربا، مع تقدم حسام عبدالمجيد الذي ارتكب مخالفة لإيقافه.
وعلى الجانب الآخر، بدأ جوميز اللقاء معتمدًا على إرسال التمريرات الطويلة نحو زيزو، لأجل استغلال تقدم علي معلول، أو غياب المساندة الدفاعية له أحيانًا، مع اللعب على الأرض في الجبهة الآخرى، بتحركات ناصر منسي ويوسف أوباما لمساندة مصطفى شلبي وخلق التفوق العددي في جبهة محمد هاني.
وفي المقابل قرر مارسيل كولر الضغط بإمام عاشور مع كهربا على دفاع الزمالك، لمنعه من الخروج بالكرة، مع مراقبة عمرو السولية لعبدالله السعيد.
عانى المدرب البرتغالي منذ الشوط الأول بسبب سوء قرارات لاعبيه، في اللمسة الأخيرة وقبل الأخيرة خاصة، حيث تماطل زيزو في الاحتفاظ بالكرة خلال هجمة مرتدة واعدة، مما دفع فتوح ودونجا لمطالبته بالتمرير، وأظهرت الكاميرات بعد اللقطة إشارة جوميز للاعبيه بسبب المبالغة في الاحتفاظ بالكرة وعدم التمرير.
اعتمد الزمالك للهروب من ضغط الأهلي على التمرير العرضي، مع نزول زيزو لاستغلال المساحة التي تركها إمام عاشور، وتحرك يوسف أوباما في المساحة بين خط الدفاع والوسط، مما يجعل كريم نيدفيد وعلي معلول في حيرة، حيث يخشى الأول من ترك أوباما، بينما يفكر الثاني في عدم النزول لمسافة بعيدة مع زيزو خوفًا من تحرك أوباما في المساحة خلفه.
نجحت فكرة جوميز لكن تنفيذ لاعبيه لم يكن بالشكل الأمثل دائمًا، مثل هذه الكرة، بعدما سحب عبدالله السعيد كريم نيدفيد وعمرو السولية، وتأخر إمام عاشور في العودة، ليصبح لدى دونجا خيارين للتمرير في عمق الملعب نحو زيزو أو أوباما، لكنه تراجع عن ذلك لبضع ثوان.
ونجح دونجا بعد ذلك في تمرير الكرة نحو أوباما الخالي من الرقابة مجددًا، في ظل تحرك السولية للضغط على السعيد وحرمانه من المساحة لتمرير الكرة، وانتهت الهجمة بتمريرة خاطئة من مصطفى شلبي، لكن الفكرة أثبتت نجاحها.
قرارات لاعبي الزمالك السيئة استمرت وظهرت بوضوح في فرصة زيزو الضائعة، والتي تصدى لها مصطفى شوبير ببراعة.
كان زيزو يمتلك حلين بتمرير الكرة لعبدالله السعيد الذي سيكون منفردًا، أو المهاجم ناصر منسي الذي كان يمتلك الوقت والمساحة لتسديد الكرة، لكن زيزو احتفظ بالكرة وسددها أرضية في زاوية حارس القلعة الحمراء.
ومع بداية الشوط الثاني حاول كولر تغيير أسلوبه نوعًا ما، باندفاع كريم نيدفيد وعمرو السولية للضغط على دونجا والسعيد بشكل مبكر، مع استمرار إمام عاشور وكهربا في الضغط على قلبي الدفاع، لإجبار محمد عواد على إرسال الكرات الطويلة.
كرات عواد الطويلة لم تكن متقنة، ونجح رامي ربيعة ومحمد عبدالمنعم في السيطرة عليها، رغم حصول ناصر منسي على بعض الكرات لكنه لم يجد المساندة الكافية من أوباما لتهديد دفاع الأهلي.
وحاول كولر الاستفادة من خروج زيزو ودخول شيكابالا، فمنح بعض الحرية لمعلول للتقدم، مع دخول حسين الشحات للعمق، لإرسال تمريرة للجبهة الآخرى حيث كان ينطلق السولية أو كريم نيدفيد لكنهما لم ينجحا في استغلال أفكار كولر.
وأرسل رامي ربيعة عدة كرات طويلة نحو حسين الشحات في الدقائق الأولى من الشوط الثاني، لكنها لم تكن بالدقة الكافية، وسط التزام تام من عمر جابر في التمركز لإيقاف خطورة جناح القلعة الحمراء، وهو ما نجح فيه بشكل كبير.
في المقابل قرر الزمالك الضغط على جبهة الأهلي اليمنى، والتي كانت تمثل ثغرة للقلعة الحمراء في المواجهات السابقة ضد شباب بلوزداد وبلدية المحلة وميدياما، ليتقدم فتوح لمساندة مصطفى شلبي الذي كان متفوقًا في مواجهاته أمام محمد هاني، ولكن عرضية ظهير الزمالك لم تجد تمركزًا صحيحًا من ثنائي هجوم القلعة البيضاء.
بعد هذه اللقطة قام جوميز بإخراج الثنائي ناصر منسي ويوسف أوباما، والدفع بسيف الدين الجزيري وناصر ماهر، ليلعب الأخير دورًا هامًا في خروج الزمالك بالكرة والتفوق على ضغط كولر الذي طبقه بنجاح حتى الدقيقة 60.
دخول ناصر ماهر ساعد الزمالك على تجاوز ضغط الأهلي، بعدما وجد الفريق الأبيض لاعبا حرًا خلف خط وسط القلعة الحمراء، مع انطلاق فتوح نحو العمق لزيادة الضغط، لكن الظهير الأيسر لم يكن في أفضل أحواله، وتسبب في إيقاف عدة هجمات لفريقه بتأخره في التمرير، كما فعل في أحد الكرات الذي كان بإمكانه منح تمريرة لناصر ماهر تجعله في وضع خطير أمام محمد عبدالمنعم مدافع الأهلي، لكنه بحث عن المراوغة لتقطع الكرة منه.
لعب ناصر ماهر دورًا مشابهًا ليوسف أوباما بدخوله لمنطقة الجزاء كمهاجم ثاني، وتصدى دفاع الأهلي لفرصة هدف محقق بعدما استلم صانع ألعاب الزمالك الكرة داخل المنطقة لكنه سددها متأخرًا وسط استبسال من لاعبي الفريق الأحمر.
وتكررت أزمة القرارات الخاطئة في الزمالك خلال الشوط الثاني بعدة لقطات، أبرزها حين أخطأ عمر جابر في إرسال الكرة العرضية مرتين نحو المهاجم داخل منطقة الجزاء، ثم تصرف سيف الدين الجزيري الخاطئ عقب انفراده بمصطفى شوبير.
بحث الجزيري عن ركلة الجزاء منذ نزوله، وحتى في لقطة الانفراد الذي وصل له، لكنه لم يفكر في التسجيل بشكل مباشر لذلك ضل طريق الشباك.
واستمرت سلسلة قرارات لاعبي الزمالك السيئة في فرصة محققة أهدرها ناصر ماهر بعرضية متأخرة خلف الجزيري، بدلًا من تمرير الكرة نحو شيكابالا الذي كان يقف بلا رقابة على حدود منطقة الجزاء.
استفاق كولر متأخرًا، أو ربما كان هذا السيناريو الذي وضعه تحسبًا لتمديد اللقاء للأشواط الإضافية، ليدفع بثلاث تبديلات في الدقيقة 73، بدخول محمد مجدي أفشة ومروان عطية وعمر كمال، بدلًا من بيرسي تاو وعمرو السولية وكريم نيدفيد.
اختيارات كولر جاءت لمنح المساندة لمحمد هاني في الجبهة اليمنى، مع قدرة عمر كمال على الدخول للعمق ونشاطه في الضغط الدفاعي نظرًا لأنه شغل مركزي الجناح وخط الوسط من قبل، وهذا الأمر الذي ساعده على قطع الكرة في لقطة الهدف الأول من عبدالله السعيد.
اللقطة ذاتها شهدت دورًا كان غائبًا لكريم نيدفيد وعمرو السولية، حيث تواجد أفشة بالقرب من زملائه، لذلك ساهم في قطع الكرة من البداية مع كهربا، وبعد ذلك استلم الكرة، ومررها في نفس المساحة خلف عمر جابر، التي حاول الأهلي اللعب عليها منذ بداية اللقاء، ولكنه لم ينجح حتى تسجيل هدفه الأول بأقدام إمام عاشور، لاعب الوسط الوحيد الذي يمتلك النزعة الهجومية الكافية للتواجد في تلك المساحة.
تواجد مروان عطية كان أيضًا له دوره، في محاولة الضغط على ناصر ماهر، وعدم منحه المساحة للوصول إلى الشباك، وهو ما قدمه بصورة أفضل من كريم نيدفيد.
حسم الأهلي اللقاء بالهدف الثاني عن طريق تسديدة أفشة، مستغلًا اندفاع الزمالك الهجومي بحثًا عن إدراك التعادل متأخرًا، ليتوج الفريق الأحمر باللقب.
على الصعيد الفني، تفوقت أفكار جوميز الفنية على كولر، واستطاع المدرب البرتغالي أن يجعل فريقه الزمالك ندًا داخل أرضية الملعب، وصاحب الفرص الأخطر والكلمة العليا على صعيد السيطرة والاستحواذ، لكن مشروع كولر مع الأهلي حسم اللقب، فالمدرب السويسري امتلك الوقت الكافي لبناء مسيرته مع القلعة الحمراء، وتكوين قائمة جيدة تحتوى العديد من اللاعبين القادرين على صناعة الفارق فنيًا، والبقاء في أجواء المباريات حتى إذا لم يكونوا في أفضل أيامهم، لذلك عندما احتاج دكة البدلاء وجد حلولًا متنوعة قادته لاستغلال خطأ منافسه الوحيد وخطف البطولة.
سيضطر كولر للبحث عن حلول أفضل خلال الفترة المقبلة لإعادة الأهلي لمستواه المميز في الموسم الماضي، مع انخفاض مستوى العديد من اللاعبين على الصعيد الفردي، لكن صفقات الفريق ساهمت في منحه الوقت لفعل ذلك، بفضل تألق إمام عاشور، وجاهزية عمر كمال مع انتظار ظهور وسام أبو علي مجددًا.
ربما كانت هفوة جوميز الوحيدة هي الإبقاء على عبدالله السعيد في مركز لاعب الوسط رقم 8 حتى الدقائق الأخيرة، ومع تقدمه في السن لن يمتلك اللياقة البدنية والسرعة الكافية، لذلك كان نزول أفشة وعمر كمال فرصة لاستغلال ذلك، ورغم حاجة جوميز لعبدالله في عملية بناء اللعب لكنه قد يضطر لتغييره أحيانا بسبب عامل السن، أو منحه مركز متقدم في الشوط الثاني مع الاعتماد على عناصر آخرى لتقديم الدور الدفاعي مثل: محمد شحاتة، زياد كمال وناصر ماهر بالإضافة لروقا وسيف فاروق، هذا ما قد يكتشفه المدرب البرتغالي في اللقاءات المقبلة.
وفي المقابل سيحتاج جوميز الوقت لبناء فريقه الجديد، وإعادة الزمالك لمكانته، لكنه يسير على الخطى الصحيح فنيًا، وقد يستلزم الأمر مساندة الإدارة، بتعزيز صفوف الفريق الأبيض بصفقات قوية في الميركاتو الصيفي، وخاصة في مركز المهاجم الصريح.
فيديو قد يعجبك:
الإحصائيات
جميع الإحصائيات-
المباريات31
-
85
-
الهداف
-
صانع الأهداف