الإثنين 24 يونيو 2019
03:36 م
ماذا يحتاج ميسي لإنهاء الجدل حول أفضليته أمام جميع من لمسوا كرة القدم عبر التاريخ؟ سؤال شغل أذهان الكثيرين على مدار سنوات، خاصة بعدما تُوج الأسطورة الأرجنتيني بالكرة الذهبية الخامسة في مشواره عام 2015.
قدم ليونيل ميسي كل ما يمكن تقديمه في عالم كرة القدم على مدار 15 عامًا في مسيرة فريدة يصعب مضاهاتها، فجمع المتعة والمهارة الاستثنائية إلى جانب الإنجازات الرقمية المذهلة فرديًا وجماعيًا.
ليس إنسانًا عاديًا، هو "الفضائي" الذي أتى من مكان مجهول ليبث سحره في ملاعب كرة القدم، هكذا هام عشاق ميسي في حالة "رومانسية" صنعها ما قدمه القائد الكتالوني منذ أن كان شابًا صغيرًا وحتى تجاوز الثلاثين مخضرمًا.
34 لقبًا شارك ميسي في تتويج برشلونة بهم محليًا وقاريًا وعالميًا على مدار 15 عامًا، كان البطل الأبرز في طريق الوصول إلى معظمهم، ليأخذ الفريق الكتالوني إلى حقبة لم يحلم بها أشد المتفائلين من محبيه، ويغير معالم إقليم كتالونيا بأكمله.
أصبح برشلونة الذي امتلك لقبًا وحيدًا في دوري أبطال أوروبا قبل عام 2004 رابع أكثر الأندية تتويجًا بالبطولة عبر التاريخ، بعدما رفع عدد ألقابه إلى 5 متساويًا مع بايرن ميونخ الألماني، خلف غريمه الإسباني ريال مدريد، إيه سي ميلان الإيطالي وليفربول الإنجليزي على الترتيب.
وصنع ميسي فارقًا أسطوريًا في المنافسة المباشرة بين قطبي الكرة الإسبانية ريال مدريد وبرشلونة، فقبل ظهور النجم الذي اشتهر بـ "البرغوث" غرد الفريق الملكي منفردًا في صدارة الترتيب التاريخي لأبطال الليجا بـ 29 لقبًا، مقابل 16 فقط لبرشلونة أقرب ملاحقيه.
إلا أن ميسي ظهر وأبدع بالقميص الكتالوني، وقاد برشلونة للتتويج بـ 10 ألقاب خلال 15 عامًا، مقابل 4 فقط لعملاق العاصمة، ليتقلص الفارق التاريخي إلى 7 ألقاب، ويصبح برشلونة ملكًا لا ينازع محليًا في القرن الحادي والعشرين.
لم يكتف ميسي بصناعة المجد الكتالوني كرويًا فقط، فتصدرت مدينة برشلونة المشهد الإسباني سيًاحيًا، وساهمت في ارتقاء إسبانيا إلى المركز الثاني في قائمة أكثر الدول جذبًا للسائحين على سطح الأرض، وأصبح ستاد "كامب نو" أحد أبرز المعالم التي لا يخلو برنامج لزوار كتالونيا من فقرة الاستمتاع بأجوائه.
فرديًا قلب ميسي الموازين، وحقق أرقامًا فاقت المنطق، بعدما تُوج بالكرة الذهبية كأفضل لاعبي العالم 5 مرات، متساويًا مع البرتغالي كريستيانو رونالدو أسطورة ريال مدريد، بينما انفرد بالرقم القياسي للتتويج بالحذاء الذهبي كأفضل هداف في الدوريات الأوروبي برصيد 6 مرات.
671 هدفًا سجلهم ملك كتالونيا الأوحد، وصنع 285 هدفًا، خلال 820 مباراة لعبها على مدار مسيرته الأسطورية، ولا يزال يقدم أفضل ما لديه، بعدما تُوج هدفًا لبطولتي دوري أبطال أوروبا ودوري الدرجة الأولى الإسباني في الموسم الأخير.
لكن رغم تلك الإنجازات الفريدة، والتي تمنح عشاق ميسي الثقة الكاملة لإعلانه ملك ملوك كرة القدم على مر التاريخ، والفضائي الذي يخرج من كوكب الأرض حينما تلمس قدماه الكرة، يضطر الكثيرون إلى النزول لأرض الواقع مجددًا عندما يرتدي ميسي قميص منتخب بلاده.
لم ينجح ميسي في تذوق طعم التتويج بالألقاب مع المنتخب الأرجنتيني، وباءت محاولاته بالفشل على مدار سنوات طويلة، حمل في آخرها شارة القيادة، وانتهى بعضها بلحظات درامية ذرف خلالها ملهم كتالونيا دموعًا لم ينساها عشاقه، لتتحول أنظارهم بقوة نحو تتويج دولي ينهي الجدل حول أحقيته الكاملة بالأفضلية المطلقة في عالم الساحرة المستديرة.
لا يلعب وسط جيل مميز، لا يساعده زملاؤه، لن يفعل شيئًا بمفرده، هكذا برر المحبون غياب القطعة الناقصة في تاج أفضلية ميسي الكاملة كرويًا، إلا أن "هاجس مارادونا" لا يزال يطارد تلك الأفكار، بعدما نجح الفتى الذهبي في رفع أغلى كؤوس كرة القدم، عندما قاد المنتخب الأرجنتيني للتتويج بالمونديال في الأراضي المكسيكية عام 1986.
ضغط كبير وقع على عاتق ميسي في مختلف المنافسات الدولية، فأصبح رغم إنجازاته الأسطورية بقميص برشلونة مطالبًا بلقب دولي، يمنحه تأشيرة الخروج من كوكب الأرض، ليصبح الفضائي الذي لا يقارن بآخرين داخل المستطيل الأخضر، واتهامات عديدة بين عدم تقديم "صورة برشلونة" مع المنتخب الأرجنتيني، وبين عدم التمتع بالشخصية القيادية وسط لاعبي المنتخب اللاتيني المتوج بكأس العالم في مناسبتين بالقرن الماضي، يأمل ميسي و"عشاقه" في الرد عليها بشكل حاسم عبر التتويج الوطني.
احتفل ميسي بذكرى ميلاده الثانية والثلاثين في خضم مشاركته بكوبا أميركا في الأراضي البرازيلية، ووسط ضغوطات زادت كثيرًا بعد ظهور هزيل لم يصبح جديدًا على القميص الأبيض والسماوي، حيث أنهى المنتخب الأرجنتيني الدور الأول وصيفًا للمجموعة الثانية بأربع نقاط فقط عقب ثلاث مباريات.
هل يفعلها ميسي وينجح في الوصول إلى أحد لقبي كأس العالم وكوبا أميركا لينهي الجدل حول الأفضلية المطلقة؟ وهل سينتهي الجدل بالفعل في حالة التتويج بلقب كوبا أميركا؟ أم ستبقى بوابة الخروج من كوكب الأرض مغلقة أمام إنجاز الذهب المونديالي؟ ربما هي أسئلة لن تُحسم إجاباتها على الإطلاق.