تخطى الأهلي نظيره الاتحاد المنستيري التونسي، بعدما فاز عليه ذهابًا وإيابًا بنتيجة 4-0، بمجموع المباراتين، في أولى مباريات المدير الفني الجديد للأحمر، مارسيل كولر.
فوز الأهلي جاء بطريقة "غريبة" على متابعي الفريق، حيث سجل الفريق ثلاثة أهداف من أصل أربعة، من ركلات ثابتة، وهو الشيء الذي لم تعتاده جماهير الأهلي، التي تعودت على إهدار هذه الميزة بشكل شبه مستمر خلال الفترة الماضية.
وسجل الأهلي هدف الفوز في مباراة الذهاب، من ركلة ثابتة، نفذها علي معلول، وحولها عبد المنعم في الشباك في الثواني الأخيرة من المباراة.
ثم سجل عبدالقادر الهدف الافتتاحي بمباراة العودة، من لعب مفتوح وبمهارة فردية خاصة، وبعدها نجح الأهلي في هز الشباك مرتين من ركلتين ركنيتين، عبر رأسيات المتألق حمدي فتحي.
دور كولر
بكل تأكيد، تسجيل 3 ركلات ثابتة في مباراتين فقط، لم يكن وليد الصدفة، بل جاء ذلك النجاح بطريقة مدروسة، تدرب عليها لاعبي الأهلي، ونجحوا في تنفيذها خلال مباراتهم الإفريقية، فما الذي يثبت ذلك؟
الهدف الأول.. محمد عبدالمنعم (مباراة الذهاب)
في هذا الهدف، وقف 6 من لاعبي الأهلي على خط شبه متساوي على حدود منطقة الجزاء، وكان تمركزهم كالتالي:
1- محمد شريف (مهاجم1).
2- حسام حسن (مهاجم2).
3- محمد عبدالمنعم (مدافع1).
4- محمود متولي (مدافع2).
2 خلف حائط الصد، وقريبن من منطقة تنفيذ الكرة الثابتة، و4 على الجانب الآخر من منطقة الجزاء، وهناك كانت الخدعة التي تم تنفيذها بنجاح، ففي الصورة التالية ستجد محمد شريف (هـ1) ومن خلفه محمد عبدالمنعم (مـ1)، ووراءه حسام حسن (هـ2) ومن خلفه محمود متولي (مـ2).
ووقت تنفيذ الكرة، ستجد (مهاجم1) محمد شريف، و(مدافع2) محمود متولي، لم يتحركا إلى منطقة الجزاء، ووقف كل منهما لترك منطقة العمليات شبه فارغة لكل من (مدافع1) عبدالمنعم، و(مهاجم2) حسام حسن، اللذان تحركا بشكل طولي لداخل المنطقة في انتظار عرضية معلول التي وصلت لعبدالمنعم الذي حولها في الشباك ببراعة.
لحظة لعب منعم الكرة، ستجده هو وحسام فقط من الأهلي، وبجانبهما 2 مدافعين فقط من فريق الاتحاد المنستيري، الذي تخلخلت دفاعاته بسبب الارتباك بعد تحرك لاعبي الأهلي، وبدلًا من عمل زيادة عددية أو "زحمة" في المنطقة الدفاعية، فضل المدافعين عدم ترك رقابة الأفراد، ليجدوا أنفسهم خارج اللعبة تمامًا بسبب عدم تحرك شريف ومتولي إلى داخل منطقة الجزاء، في الحيز الذي لعبت فيه الكرة.
الهدف الثاني (الثالث للأهلي).. حمدي فتحي (مباراة العودة)
جاء الهدف عن طريق خدعة تكررت في معظم ركلات الأهلي الركنية خلال المباراة، وهي كالتالي:
1- برونو سافيو (عنصر الإلهاء).
2- محمد عبدالمنعم (موجه اللاعبين).
3- محمود متولي (هدف 1).
4- حمدي فتحي (هدف 2).
البداية مع الرقم 1، برونو سافيو، أو عنصر الإلهاء، بدأ تنفيذ الركنية، وكان البرازيلي في وضعية يواجه فيها المرمى بظهره، ثم التف وذهب إلى القائم القريب، وذلك بناء على تعليمات الرقم 2، محمد عبدالمنعم، الذي يقوم بدور "موجه اللاعبين"، وهو دور مبني على الرؤية الجيدة التي يتمتع بها عبدالمنعم، فضلًا عن أنه كان صاحب هدف الفوز في مباراة الذهاب، وهذا ما يجعله أكثر اللاعبين الذين يخطفون تركيز مدافعي الفريق التونسي.
ليبقى الدور الناقص هو دور "الهدف"، أو اللاعب الذي سينقض على الكرة العرضية ويسدد، وهو دور مشترك بين حمدي فتحي، ومحمود متولي، اللذان يبدأ تحركهما بناء على توجيه من عبدالمنعم، لحظة تحركه إلى القائم القريب الذي يسبقه إليه عنصر الإلهاء برونو سافيو، لتفتح المساحة أمام ثنائي الهدف، لاستقبال العرضية، التي تبنى من الأساس على أن تكون عرضية مقوسة على القائم الثاني.
في الهدف كانت الركنية من الجبهة اليسرى، بأقدام طاهر محمد طاهر الذي يلعب بالقدم اليمنى، أي أن العرضية ستكون مقوسة للداخل، ويقوم طاهر بلعبها على القائم البعيد، الذي يقف فيه كل من حمدي ومتولي، وهو نفس الأسلوب الذي اتُبع عند لعب الركنيات من الجبهة اليمنى، والتي ينفذها علي معلول بقدمه اليسرى، بنفس الطريقة تمامًا -مقوسة للداخل على القائم البعيد- مع اختلاف طرف الملعب فقط.
الهدف الثالث (الرابع للأهلي).. حمدي فتحي (مباراة العودة)
تكرار نفس كرة الهدف الثالث للأهلي، والثاني من كرة ثابتة عدة مرات لم تؤدي إلى الوصول لمرمى حارس الاتحاد المنستيري، ومن هنا بدأ التفكير في حل جديد، وبنفس الأسلوب المتبع كما هي العادة، مع اختلافات بسيطة ملحوظة.
1- أحمد عبدالقادر (عنصر الإلهاء الخفي).
2- محمد عبدالمنعم (موجه اللاعبين).
3- برونو سافيو - محمد شريف - محمود متولي (عناصر إلهاء ظاهرة).
4- حمدي فتحي (الهدف).
في هذه اللعبة، اعتمد كولر على تنفيذ ركنية قصيرة، بنفس الطريقة ولكن بإضافة عنصر إلهاء جديد، وهو أحمد عبد القادر، بالإضافة للرباعي الدائم الذي يتم الاعتماد عليه في جميع كراته الثابتة.
في بداية اللقطة، ستجد عبد القادر على حافة منطقة الجزاء، وحمدي فتحي أيضًا، لكنه يدخل إلى المنطقة مع تحرك الكرة أفقيًا أثناء تنفيذ الركنية القصيرة إلى طاهر محمد طاهر، متخصص الكرات العرضية المقوسة من الناحية اليسرى، بالقدم اليمنى.
دخول طاهر إلى عمق الملعب من أجل لعب العرضية، لم يكن هدفه هذه المرة لعب الكرة على الزاوية البعيدة فقط، بل كان الدخول وبقاء حمدي فتحي على حافة المنطقة، خدعة لتشتيت تركيز مدافعي الاتحاد المنستيري الذين فطنوا لطريقة تنفيذ الأهلي لركلاته الثابتة، فهنا كان تركيزهم الكامل على كيفية إيقاف هذه الفكرة، عن طريق التكتل في مناطقهم الدفاعية، بعد معرفتهم لطريقة تحرك لاعبي الأهلي التي قمنا بشرحها مسبقًا.
وذلك عن طريق تفريغ المساحة أمام صاحب الهدف الأول، أحمد عبدالقادر، الذي ظل خارج منطقة الجزاء، ينتظر تمريرة من طاهر ليسدد في الشباك دون تداخل من مدافعي الاتحاد المتكتلين أمام رباعي الأهلي، وبدخول حمدي فتحي إلى المنطقة متأخرًا، يشتت تركيز مدافعي الفريق التونسي، لينطلق مدافعي العمق نحو عبد القادر قبل استلام الكرة والتسديد، في نفس اللحظة التي يغير فيها حمدي فتحي اتجاهاته، ويستبق المدافعين، ويحول عرضية طاهر إلى الشباك.
هنا لم تكن العرضية فقط لحمدي، بل كانت بارتفاع مناسب، للمرور فوق رؤوس الرباعي الذي قام بالتمركز أفقيًا من أجل تحويل الكرة في الشباك، لكن تأخر حمدي في الوصول ولعبه لدورين وهو التشتيت أولًا لتفريغ المساحة أمام عبدالقادر، ثم المباغتة وتحويل التحرك أثناء تلقي العرضية، جعله ذلك يستبق جميع اللاعبين ويصل إلى الكرة العرضية أولًا، وهو ما نفعه في تسجيل هدفه الثاني، والثالث للأهلي في اللقاء، والثالث أيضًا من ركلة ثابتة مع مارسيل كولر.
المدير الفني السويسري، بكل تأكيد اعتمد هذه التقنيات المدروسة في تنفيذ الركلات الثابتة، من أجل تخطي الفريق التونسي، لأنه يعلم أن المباراة تأتي وسط الفترة التحضيرية، التي لم تكن كافية لإتقان طريقة لعبه الخاصة، ولهذا، كان الاعتماد على الركلات الثابتة أمرًا ضروريًا، للنجاح في خطوته الأولى مع الأهلي.
ومن هنا يمكننا استنباط، لماذا قرر عدم إذاعة مباريات الفريق الودية، ولماذا قام بغلق المران أمام الكاميرات، لأنه بالطبع، اعتمد على تنفيذ خدعة لتخطي الفريق التونسي الذي يقدم نتائج جيدة مؤخرًا، والذي كان من الممكن أن يتسبب في بداية كارثية له مع الأحمر، حال تفوقه عليه ونجاحه في إحراج الأهلي وإبعاده عن البطولة الإفريقية، التي يسعى لتحقيق لقبها بعد خسارة النهائي الماضي أمام الوداد المغربي.