بسيناريو لم يكن مستغربًا، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" رسميًا إيقاف أحمد أحمد رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم "كاف" عن ممارسة أية أنشطة كروية لخمس سنوات.
وانتهت تحقيقات الغرفة القضائية للجنة الأخلاقيات بالاتحاد الدولي لكرة القدم بإدانة أحمد أحمد بالإخلال بما وصفته "واجب الولاء"، وإساءة استغلال منصبه كرئيس للاتحاد الأفريقي، وكذلك إساءة إدارة الأموال.
وإلى جانب عقوبة الإيقاف عن جميع الأنشطة الإدارية والرياضية لخمس سنوات، تم تغريم أحمد أحمد 200 ألف فرنك سويسري، ليصبح مجبرًا على الخروج من المشهد الكروي في القارة السمراء، بعد ما يزيد قليلًا عن ثلاث سنوات، منذ مفاجأة توليه رئاسة "كاف" خلفًا للكاميروني عيسى حياتو.
وكان أحمد أحمد أعلن رسميًا ترشحه لولاية جديدة، حيث تقام انتخابات رئاسة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم في شهر مارس عام 2021، إلا أن إدانته التي تمت اليوم الاثنين ستحرمه من آمال الاستمرار كرجل أول في الكرة الأفريقية.
إلى جانب أحمد أحمد، أعلن أربعة مرشحين آخرين تقدمهم رسميًا لمنافسة أحمد أحمد على مقعد رئاسة "كاف" هم الإيفواري جاك أنوما، الموريتاني أحمد ولد يحيى، الجنوب أفريقي باتريس موتسيبي والسنغالي أوجستين سينجور.
تشير الكثير من التقارير إلى أن أحمد ولد يحيى رغم أنه أقل خبرة بكواليس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، إلا أنه الاسم المفضل للسويسري جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي، لقيادة "كاف" خلال المرحلة المقبلة، في ظل رغبة رجل "فيفا" الأول في تصدر وجوه جديدة مشهد الكرة الأفريقية خلال المرحلة المقبلة.
يعد ولد يحيى أصغر المرشحين سنًا، حيث لم يتجاوز 44 عامًا، لكنه بدأ نشاطه الكروي في عمر مبكر للغاية، وحقق نجاحات مميزة، بعدما تولى رئاسة الاتحاد الموريتاني لكرة القدم في عمر 35 عامًا فقط قبل تسع سنوات.
في عمر 23 عامًا فقط، برزت بقوة طموحات ولد يحيى في عالم كرة القدم، عندما أسس نادي نواذيبو وتولى رئاسته عام 1999، وبعد عامين فقط أصبح الفريق بطلًا للدوري الموريتاني، قبل أن يصبح الاسم الأبرز في عالم الكرة الموريتانية، حيث يحمل الرقم القياسي لعدد مرات التتويج بالدوري، برصيد ثماني مرات، لكن ولد يحيى استقال من رئاسته عام 2011، عندما أصبح رئيسًا للاتحاد الموريتاني.
عام 2017 واصل ولد يحيى تقدمه في سماء الكرة الأفريقية، وأصبح عضوًا باللجنة التنفيذية للاتحاد الأفريقي لكرة القدم، كما تولى رئاسة اللجنة المنظمة لبطولات أفريقيا للناشئين والشباب.
ولد يحيى ساهم في نهضة حقيقية للكرة الموريتانية، تُوجت بالتأهل الأول في التاريخ لنهائيات كأس الأمم الأفريقية، وهو ما حدث في النسخة المصرية للبطولة عام 2019.
لكن طموحات ولد يحيى ستواجه واقعًا ليس سهلًا، في ظل منافسة مجموعة من المتمرسين بالكرة الأفريقية، وأصحاب النفوذ القوي في مختلف أرجاء القارة السمراء، خاصة في منطقتي الغرب والجنوب.
أوجاستين سنجور رئيس الاتحاد السنغالي لكرة القدم، والذي يتمتع بعلاقات مميزة مع مواطنته فاطمة سامورا "المرأة الحديدية" في عالم الكرة الأفريقية، يعد مرشحًا بقوة لاعتلاء عرش الكرة الأفريقية خلال المرحلة المقبلة.
وتتولى سامورا منصب السكرتير العام للاتحاد الدولي لكرة القدم، وهو المنصب الذي أصبحت أول سيدة في التاريخ تتقلده، كما اختارها "فيفا" لقيادة لجنة الرقابة والتفتيش على الاتحاد الأفريقي لكرة القدم عام 2019، وهي اللجنة التي ساهمت بشكل رئيسي في الوصول إلى العديد من الأدلة التي أدت إلى تصعيد قضايا الفساد في "كاف".
سنجور عقب ترشحه أكد ثقته الكبيرة في دعم العديد من الاتحادات الوطنية الأفريقية، وأضاف أن ذلك الدعم كان الدافع الرئيسي وراء ترشحه لقيادة "كاف".
لكن لا يبدو أن صدامًا سيحدث بين إنفانتينو وسامورا فيما يتعلق بدعم أحد المرشحين، ومن المنتظر أن يحدث توافق بين الرجل الأول في "فيفا" وواحدة من أكثر الشخصيات التي يثق بها الرجل السويسري، من أجل دعم مرشح واحد يلقى قبول الجميع.
الإيفواري جاك أنوما يعتمد على تاريخه الذي شهد محاولات سابقة للترشح لرئاسة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، كان أبرزها محاولته الوقوف في وجه عيسى حياتو عام 2013، قبل أن ينجح الأخير في إقصائه من المشهد، حيث رفض "كاف" قبول أوراق ترشيحه، وهو ما دفعه للتوجه للمحكمة الرياضية، التي أيدت قرار "كاف".
أنوما قاد الكرة الإيفوارية لتطور تاريخي، عندما جلس على مقعد قيادة الاتحاد الإيفواري لكرة القدم مطلع القرن الحالي، ليصبح المنتخب الشهير بـ "الأفيال" أحد أبرز عمالقة الكرة الأفريقية، ويتأهل إلى نهائيات كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه عام 2006.
باتريس موتسيبي الاسم الأخير بين المرشحين كان المفاجأة الأبرز بين الأسماء التي تقدمت لمنصب رئاسة "كاف"، لكنه اسم يدرك الجميع أنه لا يستهان به، في ظل نفوذه الكبير على الصعيدين الاقتصادي والسياسي.
موتسيبي هو رئيس نادي صندوانز الجنوب أفريقي، ومالكه منذ عام 2004، وهو أحد أغنى رجال الأعمال في أفريقيا، حيث يمتلك العديد من مناجم الذهب، كما أنه صهر سيريل رامافوسا رئيس جنوب أفريقيا، زوج شقيقته الكبرى.
فور إعلان ترشحه لرئاسة "كاف" تلقى موتسيبي دعمًا فوريًا من قبل العديد من الدول الأفريقية، كما أعلن اتحاد سيكافا "شرق ووسط أفريقيا" دعم المرشح الجنوب أفريقي.
ورغم الانتماء العربي لولد يحيى، إلا أن المرشح الموريتاني قد لا يلقى الدعم المنتظر من عمالقة شمال أفريقيا، بسبب أزمة لم تكن في الحسبان.
إلى جانب انتخابات رئاسة "كاف" ستجري أيضًا انتخابات اللجنة التنفيذية للاتحاد الأفريقي لكرة القدم، وكذلك انتخابات الممثلين الأفارقة السبعة في "مجلس فيفا" والتي يتم إجراء انتخاباتها تبعًا لتقسيم "لغوي".
وتحصل مجموعة الدول الناطقة باللغات "العربية/البرتغالية/الإسبانية" على مقعدين في مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم، يحتلهما حاليًا المصري هاني أبو ريدة والتونسي طارق بوشماوي.
وتبعًا للوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم، يصبح جميع رؤساء الاتحادات القارية نواب لرئيس الاتحاد الدولي في "مجلس فيفا" وهو ما يعني أن رئيس الاتحاد الأفريقي يحصل تلقائيًا على مقعد بالمجلس، تنص لوائح "كاف" على سحبه من المجموعة اللغوية التابع لها الرئيس.
ويعني نجاح ولد يحيى كرئيس للاتحاد الأفريقي لكرة القدم دخوله مجلس فيفا كنائب للرئيس، مما يؤدي تقليص مقاعد مجموعة الدول الأفريقية الناطقة باللغات "العربية/البرتغالية/الإسبانية" إلى مقعد واحد فقط في مجلس فيفا تُجرى عليه الانتخابات.
وأعلن ثلاثة من أبرز مسؤولي كرة القدم في شمال أفريقيا ترشحهم للمنافسة على مقاعد "مجلس فيفا"، هم المصري هاني أبو ريدة، فوزي لقجع رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم وخير الدين زطشي رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم.
وفي حالة نجاح ولد يحيى كرئيس للاتحاد الأفريقي لكرة القدم، سيتصارع أبو ريدة، لقجع وزطشي على مقعد وحيد، وهو ما سيجعل الثلاثي لا يميل لحدوث ذلك السيناريو.