في تحليلات عقل المباراة .. رحلة داخل عقول المديرين الفنيين لكلا الفريقين ونجتهد لإبراز النواحي التكتيكية المتخصصة التي كانت موجودة في المباراة ونضيف عليها ما كان يجب أن يكون متواجدا حتي تصل كرة القدم بشكلها المتخصص داخل عقل القارىء.
إهتمامي ببوركينا بدأ قبل سنوات في 2010 عندما كانت تجابه الكوت ديفوار وغانا في المجموعة الثلاثية بعد إنسحاب توجو .. الفريق البوركيني تطور في ثلاثة سنوات ليصل للنهائي أمام نيجيريا وكان الأحق بالبطولة مع تألق غير عادي لجوناثان بيترويبا الذي أختير أفضل لاعب بالبطولة.
الأن بيترويبا غير موجود بعد إصابته في ثاني المباريات ..بوركينا باتت أكثر ضبابية مع تغييرات باولو دوارتي المستمرة في خطة الفريق وتغيير مراكز اللاعبين ولكن تبقي أشياء ثابتة لا يمكن إغفالها تتعلق بطبيعة الفريق الذي يطلق عليه الخيول .
الخيول من الحيوانات اللطيفة التي تعرف مساراتها جيدا .. مستأنسة جدا إذا شعرت بقوة الفارس وغير مأمونة إذا كان الفارس ضعيفا فتصبح هي من تقود لا من تقاد .
بوركينا مع دوارتي إعتمدت 4-2-3-1 وقت بيترويبا ولكنها تنظيما تتحول ل 4-1-3-2 .. حرية كبيرة يمتاز بها هجوم الفريق الرباعي ..مهلا .. أول الملحوظات التي تتواجد في بوركينا بغض النظر عن الأسماء ..حرية التحرك .
مع بيترويبا كان الان تراوري يهرب للخلف ويتقدم جوناثان للأمام فيصبح رأس الحربة الفعلي .. مع تواجد نوكولوما وبيرتراند تراوري .. ولكن الفريق الأن بدون أفضل لاعبيه .. هنا ظهرت حاجة المدرب البرتغالي للتغيير .
مع إصابة جوناثان أمام الجابون في العشر دقائق الأولي ومع إعتماد باولو علي دياورا كرأس حربة عاد نوكولوما أخطر لاعبي بوركينا حاليا ليقوم بدور بيترويبا بعدما إكتشف دوارتي أن التحرر الزائد لنوكولوما وبيترويبا يصنع ( شبه الخطورة ) ولكن الوصول للمرمي غير مكثف .. كيف تصل بوركينا لمرمي الخصوم ؟ الكرات الثابتة
أخطر نقاط قوة منتخب بوركينا فاسو هي الكرات الثابتة ..سلاح فتاك وخدعة من أفضل ما رأيت تكررت مرتين ومنها أتي هدفي الفريق أمام الجابون وتونس .
هدف أمام الجابون ! .. الهدف أتي من كرة في اللعب المفتوح .. كيف أتحدث عن الكرات الثابتة واللعب المفتوح في آن واحد .. أنت تظن أني أتحدث عن الكرات الثابتة لبوركينا ولكن الحقيقة أني أتحدث عن الكرات الثابتة للمنافسين .
الجميع يتذكر نوكولوما وهو منفرد بأيمن البلبولي من قبل منتصف ملعب بوركينا .. تونس وقتها دفعت بكل مدافعيها ومهاجميها في قلب منطقة الجزاء في إختيار غريب ولكن هل لاحظت أين يتواجد لاعبي بوركينا ؟ عشرة لاعبين في قلب وحدود منطقة الجزاء .. أمر مغري أليس كذلك ؟
ربما يكون من المقبول بشكل طفيف أن تقوم تونس بمهاجمة بوركينا في اخر خمسة دقائق بتلك الطريقة خاصة وهي متأخرة بهدف وحيد ولكن ما حدث أمام الجابون كان نسخة طبق الأصل في الهدف ..ما رأيك في إستعراض الصور التالية .
امام الجابون في الثلث ساعة الأولي .. ضربة ركنية علي بوركينا عشرة لاعبين في قلب منطقة جزائهم ولكن لإن المباراة مازالت في البداية فكانت الجابون أكثر حرصا فلم تندفع بكل لاعبيها ولكن نوكولوما ينطلق بقوة في ستة ثوان ..شاهد صورة 1 و 2:
الأمر تكرر بعد ذلك أمام تونس في الشوط الثاني قبل الهدف مرتين ولكن تلك المرة خرج فيها حارس المرمي لينقذ فريقه من سرعة الخيول ..شاهد صورة 3 و 4 :
الأمر بعد ذلك تكرر في نهاية المباراة حيث إندفعت تونس بكل فريقها للهجوم وبالتالي تصبح فرصة بوركينا أسهل ..الأمر لم يكن صدفة علي الإطلاق.. شاهد صورة 5 و 6 :
من المرات النادرة التي أري فيها مدربا يستغل الضربات الثابتة عليه وتحويلها لنقطة قوة في الدفاع والهجوم .. تأمين منطقة جزائه بعشرة لاعبين يجعل الأمر صعبا علي المنافسين ويغريهم بالتقدم أكثر ومن ثم يقوم هو بالخداع ويضربهم في مساحات خالية أمام خيول تركض بأقصي سرعة .
لماذا يلجأ مدرب لحماية منطقة جزائه بعشرة لاعبين ؟ بالتأكيد هناك ضعف في حراسة المرمي.
حارس الفريق كوفي من أبرز نقاط ضعف الفريق .. لا يخرج من مرماه كثيرا في الكرات العرضية وإن خرج تسقط الكرة من يده وبالتالي تصبح مهمة رأس حربة المنتخب المصري سهلة في إلتقاط الكرة الثانية إن كان يعلم تلك المعلومة شرط أن يشترك لاعب مصري مع الحارس في الكرات العرضية.
خط دفاع المنتخب البوركيني سهل إختراقه قلبي دفاعه كوني ودايو غير مهتمين بالرقابة الفردية ! .. أي تحرك من قبل كوكا الذي عليه أن يتحرك أكثر خلف الدفاع يمينا ويسارا سيخلق مساحات هائلة في عمق منطقة الجزاء.
ظهيري الجنب كوليبالي وستيف ياجو لا يقوما بالضغط المبكر ولكنهما ينتظران كثيرا وهو ما يتيح لأجنحة المنتخب المصري أن يتحركا أكثر للعمق وهنا تبرز أهمية عبدالله السعيد في إستلام تلك الكرات وتبادلها مع الأجنحة وتحويل مكان اللعب من الوسط إلي منطقة الجزاء.
لا أظن أن دوارتي سيقوم بتغيير أخر فاللعب بثلاثي في الوسط ( كابوري وتوريه ورزاق ) مع تواجد نوكولوما كرأس حربة وهمي سيكفل له ندية لحد ما مع وسط ملعب الفراعنة لذلك فتواجد حامد الذي سيتسلم رقابة نوكولوما إذا ظهر في منطقة وسط الملعب خيارا جيدا إضافة إلي إبراهيم صلاح كإرتكاز أخر لتأمين عمق الملعب مع تراجع لعبدالله السعيد.
سيكون مفاجأة كوبر لدوارتي إذا أراد ان يضغط أحيانا علي بوركينا أثناء بناء الهجمات ..لاعبي بوركينا عادة ما يخرجون الكرة بشكل سىء إذا تعرضوا للضغط حدث ذلك أمام الجابون وتونس وكادت تكلفهم أهدافا.
نعم ليست هناك مباريات سهلة في البطولة ولكن من واقع المباريات السابقة أجد أن قوة المنتخب البوركيني تتلخص في المرتدات لذلك علي كوبر أن يعطي لاعبيه تعليمات خاصة بضرورة إيقاف الكرة منذ بداية الهجمة بخطا في منتصف الملعب.
أخيرا .. الإحتفاظ بأوراق رابحة علي دكة البدلاء أمر يسهل علي المدير الفني إدارة المباراة فلا يمكن أن تلقي بكل قوتك الضاربة منذ البداية وتستهلكها أثناء الساعة الأولي من اللعب.
للتواصل مع الكاتب على الفيس بووك