الجمعة 11 يناير 2019
11:25 ص
في الـ 28 من شهر أبريل 2014 كان سامح مراعبة، لاعب خط الوسط بفريق إسلامي قلقيلية الفلسطيني عائدًا من معسكر تدريبي ـ هو الأول له مع منتخبه ـ في قطر استعدادًا للمباريات النهائية بالتصفيات المؤهلة لكأس الأمم الآسيوية إلا أن جملة "قف هنا" من أحد ضباط قوات الاحتلال في معبر الكرامة الحدودي بالقرب من مدينة أريحا في الضفة الغربية المحتلة غيرت حياته 360 درجة.. ولكن للأسوأ!
يقول مراعبة ـ الذي أتم عامه الـ22 قبل 39 يومًا حينها ـ ليلا كورة: "أعتقدت أن الأمر شيء روتيني مجرد حجز كما يحدث معنا من قبل قوات الاحتلال ولكن الأمر اختلف بعد مرور الوقت".
مراعبة ـ الذي يرى في فهد العتال مدرب عام منتخب بلاده قدوة له ـ كان يؤدي بصورة مميزة مع منتخب فلسطين في التصفيات الآسيوية وكان قريبًا من التأهل للمرة الأولى لكأس أمم آسيا 2015:"توقيفي ومنعي من السفر كان الشيء الأصعب علي ولم أكن متقبل الأمر في البداية فالأمر كان صعبًا للغاية.. أشارك مع المنتخب وحلمنا يصبح أمام أعيننا بالمشاركة في البطولة لأول مرة ثم يتوقف حلمك فاجأة".
قوات الاحتلال اتهمت اللاعب البالغ من العمر 22 حينها بتحويل الأموال لـ"حماس" ومن ثمّ قضاء 8 أشهر في السجن:"أعتقد أنهم كانوا يشددون علي لكوني رياضيًا كنت أشعر بذلك طوال هذه الفترة.. يريدون عرقلة الرياضة الفلسطينية الأمور واضحة".
الاتحاد الفلسطيني احتج وكذلك ناديه وجماهير ولكن مراعبة لن يخرج ولن يُحقق حلمه في مواصلة مشوار منتخب فلسطين في التصفيات المؤهلة لكأس أمم آسيا.
وبعد حبس مراعبة بـ 32 يومًا وبالتحديد 30 مايو 2014 حجز المنتخب الفلسطيني بطاقته التاريخية الأولى للمشاركة في كأس أمم آسيا:"لم أكن أعلم أي شيء عن المنتخب في البداية أو التأهل فقد قضيت شهرين أخضع للتحقيقات والحبس في الزنازين أتعرض لإيذاء نفسي شديد.. حتى أصبحت مقطوعًا عن العالم".
وبعد صدور الحكم بمدة حبسه لم يكن شيء يُصبر مراعبة ـ ذلك الشاب البالغ من العمر 22 سنة ـ سوى فرحة شعبه بمنتخب بلاده:"بعد شهرين من العُزلة عن العالم بدأت عن طريق المحاكم معرفة الأخبار وكذلك عن طريق الإذاعات دعني أخبرك أن سماعي أي خبر يخص المنتخب الفلسطيني أشعر بالفخر والانتصار لكوني أحد أفراد هذه المجموعة".
الوقت يمر ويفقد مراعبة ـ الذي تدرج في صفوف الفئات السنية المختلفة لمنتخب فلسطين ـ مع الوقت العودة لممارسة كرة القدم كما كان قبل حبسه:"الأمور كانت صعبة لا تعلم ماذا سيحدث مستقبلاً وحينما عدت أيضًا لم تكن الأمور بالسهلة؛ خاصة مع انقطاع عن اللعب لمدة 8 شهور كانت تحمل الكثر من الضغط وصعبة عليّ ولكن الحمدلله".
"صانع أفراح الكرة الفلسطينية" ـ كما يُلقب ـ لم يكن خبر خروجه من الحبس في ديسمبر 2014 حدثًا عاديًا؛ فكانت مظاهرة من الجماهير وأسرته وزملائه :"الاستقبال كان أكثر من ممتاز من الاتحاد الفلسطيني وعلى رأسهم سيادة اللواء جبريل رجوب وكذلك الرياضين والجماهير لن أنسى ذلك ووصفي بصانع أفراحهم شيئًا رائعًا".
والفرحة امتدت أيضًا لمنتخب بلاده وناديه اللذان فتح أبوابهما لعودته:"الحمد لله بدأت استرجع اللياقة البدنية أول بأول ومن ثمّ العودة بصورة أقوى للرياضة بعد انقطاع 8 أشهر كانت لها الأثر السلبي عليّ نفسيًا وبدنيًا وفنيًا وكذلك على النادي الذي عانى من نتائج سلبية أيضًا خلال هذه الفترة".
واُستدعى مراعبة لتحقيق حلمه بتمثل فلسطين بكأس أمم آسيا 2015 في استراليا وبالفعل تم حجز له رحلة طيران رفقة وفد من اتحاد الكرة ببلاده للالتحاق بمنتخب بلاده في استراليا بيناير 2015 ولكن عادت كلمة "قف" من أحد ضباط الاحتلال لتعوق حلمه مرة ثانية؛ حيث تم منعه من السفر وإعادته بعد احتجاز جواز سفره لأكثر من خمسة ساعات:"الأحباط عاد مرة أخرى ولكن لم أيأس وواصلت المران".
نعم لم يُشارك مراعبة ـ الذي ينشط حاليًا في صفوف نادي أهلي الخليل ـ في كأس أمم آسيا 2015 ولكنه عاد للممارسة الكرة في الدوري قبل أن يعود ليدافع عن حلمه مرة ثانية:"الحمد لله عدت بمستوى جيد وأحرزت عدة أهداف مهمه للمنتخب.. في أول مبارة دولية بعد الأسر ضد ماليزيا سجلت هدفين وأيضًا مع النادي قدمت مستوى ممتاز".
وشارك ابن قلقيلية ـ البالغ من العمر الآن 26 سنة ـ مع المنتخب الفلسطيني بعدها في 29 مباراة بتصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2018 وكذلك كأس أمم آسيا؛ حيث سجل لاعب خط الوسط 9 أهداف كان مؤثرين في التأهل للمرة الثانية للبطولة:"سعيد بتحقيق حلمي والمشاركة هذه المرة وفي ظل صعوبة المجموعة قادرين على تخطي دور المجموعات فلا يوجد مستيحل وتعادلنا الأول أمام سوريا بالبطولة أعطانا الحافز".
ورغم مررو أكثر من 3 سنوات على الواقعة إلا أن ذكراها لازالت تطارده مع كل بعثة يطير فيها مع منتخب بلاده:"لما بمر على ذات المعبر بفتكر الواقعة وأخاف ولكن يتم توقفينا وحجزنا أحيانًا لساعات ونمر بصورة عادية.. هكذا أصبح الأمر".